تعرف على سعر الدولار في الشرقية الأربعاء 12112025    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 12 112025    أسعار الأسماك فى أسيوط اليوم الاربعاء 12-11-2025    مصر تعزي تركيا في ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    وزير الخارجية: مستعدون لدعم المحكمة الدائمة للتحكيم وتيسير أداء مهامها في حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية    تكثيف أمني لكشف غموض العثور على جثة فتاة داخل برميل ببولاق الدكرور    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 12-11-2025 بالصاغة بعد ارتفاعه 100 جنيه    أسعار البيض اليوم الأربعاء 12 نوفمبر    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمى شريك أساسى فى التطوير والذكاء الاصطناعى فرصة    نتائج أولية بانتخابات النواب بديرمواس في المنيا: الإعادة بين علاء قدري ومحمد جمال    أخبار مصر: انهيار عقار من 8 طوابق بالإسكندرية، الحصر العددي لأصوات المرشحين بالمحافظات، قرار من النيابة ضد سائق إسماعيل الليثي    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    وزير الخارجية يتوجه إلى تركيا    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في سوق العبور للجملة    أمطار رعدية وانخفاض الحرارة.. تحذير من تغير حالة الطقس: هجمة شتوية قارسة    زعمت أن أحدهم حاز طائرة لاسلكية .. أحكام قاسية على 9 معتقلين في قضية "اللجان الإعلامية للإخوان"    ياسمين صبري تهنئ مي عز الدين بعقد قرانها: «فرحانة ليكي من قلبي»    مصر تعزي تركيا في ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    دون إصابات.. انهيار عقار مكون من 8 طوابق في منطقة الجمرك بالإسكندرية    استشهاد طفل فلسطيني متأثرا بإصابته جنوب نابلس    في ذكرى رحيله، كيف تحول محمود عبد العزيز من موظف وبائع للصحف إلى "ساحر السينما"    انتظام وصول الدم للمخ.. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    اليوم التعريفي للأطباء المقيمين الجدد بمستشفيات قصر العيني – جامعة القاهرة    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    طن الشعير اليوم.. أسعار الأرز والسلع الغذائية الأربعاء 12-11-2025 ب أسواق الشرقية    «زي النهارده».. وفاة الفنان محمود عبدالعزيز 12 نوفمبر 2016    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    نشأت الديهي: بن غفير يوزع حلوى مغموسة بدماء الفلسطينيين    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    رياضة ½ الليل| الزمالك يشكو زيزو.. انتصار أهلاوي جديد.. اعتقال 1000 لاعب.. ومصر زعيمة العرب    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمدي الجزّار يكتب: لواء
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 09 - 2011

ظهيرة جمعة 28 يناير كاشفة، ساطعة بالحقيقة، كشمس الخروج للنهار.. بعد صلاة تلك الجمعة العظيمة خرج الناس للشوارع والميادين، خروج المساجين والأسرى من ظلام طويل، خرجوا من كل فج عميق، فاتحين عيونهم، وصدورهم للنور.
وكان اللواء الركن المهيب وسط قوات أمنه المركزي، يحتل ميدان الجلاء، ومدخل الكوبري. بالتحديد، كان يعسكر، هو ومساعدوه وقواته، أمام فندق شيراتون القاهرة، ويسد شوارع: النيل، والتحرير، ومراد. ويغلق الطريق إلى ميدان التحرير بجنود، وسلاح، ومصفحات من حديد.
كان ينتظر الآتي بقلق، مترقبًا، ومتوجسًا.
كان غاضبًا، حانقًا، مختلطة مشاعره، بعد اتصال لاسلكي بكبيره، برئيسه. بعد المكالمة ارتسم على وجهه السخط، وصار كوحش يشحذ أنيابه استعدادًا للفتك بحملان وغزلان، آتين في الطريق. ومع ذلك كان يجاهد، يحاول السيطرة على نفسه كما تعلَّم، لكن عروق وجهه النافرة كانت تهتز، وترتعش حواف فمه المزموم، وشفتاه المتعطشتان للدم.
"يجب ألا تهتز، استجمع ثباتك، ورباطة جأشك، واستعد.. الوليمة في الطريق إليك". يُحَدّث اللواء نفسه.
أشاح بوجهه عن قواته لحظات، يحدق في نادي القاهرة، واتجاه ميدان التحرير، وهو يتجرع زجاجة ماء معدنية كبيرة، في رشفة واحدة. ارتوى، واستجمع أخيرًا قواه، وتنحنح بقوة، كما يليق بزعيم مهيب، وتحرك خطوتيْن في اتجاه قواته. قواته مرصوصة أمامه، أنيقة في السواد، والخوذات الزجاج، والدروع والعصي الكهربية، والرشاشات، والبنادق، ومتأهبة لتلقي الأمر.
ببطء تحرك خطوات، عاقدًا يديه خلف ظهره، ناظرًا مرة للأسفلت، ومتأملاً، مرة، صفو السماء، ثم خطر له أن يلقي في جنوده خطابًا مرتجلاً يشحذ به عزمهم، وعزمه هو شخصيًا.
أشار لمساعده الأثير بيده، فأتوا بميكرفون، ومنصة مؤتمرات فخمة من الفندق، ونصبوها في وسط كوبري الجلاء، فصار النيل، والأوبرا خلفها، وأمامها الجنود مصطفين.
وراء المنصة وقف اللواء بوجهٍ جهم، فرد يديه وأسند كفيّه المفتوحتين إليها، وتكلم، فَبَسْمَل، ثم أثنى على بطولة قواته خلال الأيام الثلاثة الماضية، وذكر أنه يعرف أنهم مجهدون، مرهقون، لكن الأبطال لا يتعبون، ولا تلين لهم عزيمة.
وقال اللواء: "الناس دول كلاب وخنازير، وأعداء لمصر، وللوطن، والدين. الأوغاد دول هم أعداء الشعب، دول يهود، صهاينة وجواسيس، احنا واحنا قدام كوبري الجلاء، بقول لكم لازم نجليهم عن البلاد.. يغوروا في ستين داهية.."
بعد ذلك نقحتْ على اللواء ميوله الأدبية القديمة! فصاح في ضباطه وجنوده، وراح يصول، ويجول:
"أنت، يا بطل، تدافع عن بلدك، عن مصر، عن شرفك وعرضك، عن أمك وأبيك ضد هؤلاء المدسوسين، القلة المأجورين، أعداء مصر، أعداء الإسلام، والمسيح.. لا تأخذك بهم رأفة، ولا رحمة، أتريد أن ترحم المجرمين، القتلة، الخارجين عن القانون، والدين .. هؤلاء ليسوا بمصريين يا جندي مصر الأمين، المصريون لا يتظاهرون، لا يتجمهرون، لا يخرقون النظام، لا يحرقون البلاد، المصريون طيبون، مثل أمك وأبيك، يجب أن يبقوا في البيوت، يجب أن يشكروا الله على فضله ونعمته، ويطمئنوا ويناموا، فنحن هنا من أجل أن نسهر على أمنهم وأمانهم.
احنا الأمن والأمان.. احنا أسياد البلد، لازم تفهموا كده كويس.
اضرب، اضرب فيهم بيد من حديد، عصاك كهربية تشل المجرمين، وأنت مُؤَمَّن جيدًا، بدرعك، وخوذتك، وجيشنا كبير، نحن نتدرب منذ سنين من أجل هذا اليوم المجيد، يوم الدفاع عن الوطن ضد المفسدين، ثم.. هل ترضى أن تُغتَصب أمك وأختك؟ "
فزع جندي أمن صعيدي، وكاد أن ينطق "لا".
زعق اللواء : " رُدوا "
صاح الجميع "لا" واحدة كبيرة، ممطوطة.
"إذن أيها الجندي البطل اضرب، اضربهم بيد من حديد وفولاذ، لا تتركهم يتقدمون، لا تتركهم لميدان التحرير يصلون، هؤلاء الكفرة الملاعين، كفروا بنعمة ربنا، وبالأمن والاستقرار.. وتذكر وأنت ترفع عصاك عاليًا، وتضربهم، أنك، أنت، حارس شعب مصر الأمين، أنت الأمن، سنسحقهم، ونردهم خائبين، اضرب يا جندى يا جدع.. يا شهم.. اليوم يوم الجِد، نبيدهم عن آخرهم، ونعود لمعسكرنا، وستتحسن أموركم بما لا تحلمون به، مكافآت، وأوسمة، وتكريم.
هيا للعمل، اضربهم، اضربهم، إياك أن تتقهر أمامهم، بيننا وبينهم مصر، والعلم، والنشيد، هؤلاء المأجورون، عملاء لليهود، للصهاينة، والأمريكان، والأمور تُدار من هناك.. من بعيد، الصهاينة والأمريكان يدفعون لهؤلاء الجواسيس، ونحن سنسحلهم سحل الذباب والصراصير. اثبت أيها الجندي البطل وقاتل، أنت مسلح، مدرب، واثق من نفسك، والنصر، وهم عزل، هايفين وخرعين، اضرب بيد من حديد، لنا النصر، النصر لمصر، وللأزهر، والكنيسة، والهرم، والنيل.
والله العظيم ليس وسام نجمة سيناء عنكم ببعيد!
اضربوهم، وفرقوهم، أنت جندي في معركة، لا تأخذك شفقة، ولا رحمة بهؤلاء القتلة الفجرة، العزم يا شباب.. العزم يا أبطال، ليمت منهم من يموت، موت الكلاب، لا حساب لهم، ولا وزن، هم أعداؤك، أعداء أمك وأبيك، إياكم أن يعبروا كوبري قصر النيل، أو أن يصلوا لميدان التحرير.. إلى النصر يا أبطال..
إلى الأمام.. إلى الأمام!!"
كان الجنود منهكين، متعبين، مجندين فقراء، أبناء فقراء، ومعوزين، يقضون ثلاثة أعوام في هذا الشقاء والتعب، لم يتعلموا، لا يقرأون ولا يكتبون، ولكنهم الآن يفهمون شيئًا واحدًا، إطاعة الأمر، وأنهم يجب أن يبيدوا الخونة، الصهاينة، المتظاهرين!
وكان آخر ما نطق به اللواء: " شدوا الجرذان.. شدو الجرذان"
بما يعني "شدوا الفيران، شدوا الفيران"!!
أنهى اللواء خطبته بأمر قواته بالتأهب والاستعداد، حين تناهى إليه صوت كالرعد.
كان الشعب قادمًا من كل شارع وميدان، يسبقه هدير خطواته على الأرض، يسبقه هتافه بالحرية، صوته العظيم.. صوت يزلزل الأرض والسماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.