قبل 25 يناير حرموا الخروج على الحاكم، وعندما سقط الحاكم بفضل دماء شهداء الشباب المصري البطل الذي فجر الثورة، وخاطر بحياته، وتحدى الموت، ودفع من دمائه الذكية ثمنا باهظا لسقوط الطاغية، عاد الإخوة السلفيين ليتخندقوا وراء الحاكم الجديد، فهددوا من مسجد الفتح شباب مصر المعتصم بالتحرير للمطالبة بالقصاص لدماء الشهداء، ثم قطعوا عليهم الطريق في ميدان العباسية ليردوهم على أعقابهم وجراحهم تنزف دما. ثم خرجوا علينا بالملايين مكتسحين ميدان التحرير في جمعة الشريعة والتي استهدفت في الواقع من الأمر إفشال اعتصام شباب الثورة، وقد تحقق لهم ذلك. وعلى خليفة ما حدث الخميس الماضي على حدود مصر الشرقية مع إسرائيل، وسقوط خمسة شهداء مصريين برصاص الغدر الصهيوني انتفض شباب مصر الحر وحاصروا مبنى سفارة العدو الصهيوني، ومرة أخرى يغيب الإخوة السلفيون عن المشهد وتغيب ملايينهم التي ظهرت من قبل في التحرير. وهنا يثور تساؤل مشروع، لماذا غابوا عن المشهد أمام السفارة الإسرائيلية كما غابوا من قبل في 25 يناير؟ فهل أرواح الشهداء على الحدود المصريين لا تعنيهم؟ وهل الدفاع عن قامة وكرامة مصر لا تثير اهتمامهم؟ أم أن إسرائيل بالنسبة لهم خط أحمر؟ وإذا كان ذلك كذلك.. فهل لأن إسرائيل خط أحمر بالنسبة للمملكة للعربية السعودية، التي كانوا يرفعون أعلامها في التحرير؟ وإذا كان لهذا التفسير نصيب من الصحة.. فهل معنى ذلك أن مصر وشعبها وعلمها هي كلمات غير مسطرة في أجندتهم؟ وهذا التساؤل يقودنا أيضا لتساؤل آخر: لماذا تخلوا أدبيات الإخوة السلفيين من المعاني الوطنية، كحب مصر، وحب الوطن، والدفاع عن التراب الوطني؟ هل يعتبرون أن هذه المعاني ليست من الدين في شيء؟ على كل حال.. لقد كفانا البطل أحمد الشحات، وأغنانا عن الكل. عندما أقدم بشجاعة وبقلب جسور على إنزال العلم الإسرائيلي من فوق مبنى السفارة ورفع بدلا منه علم مصر في مشهد مهيب غير بعيد عن يوم السادس من أكتوبر المجيد. وبذلك فقد أثبت للعالم أجمع أن المواطن المصري البسيط يستطيع أن يكون بطلا عظيما يدفع بروحه ودمه عنها الإهانة والمهانة متحديا في ذلك أعتى قوى الشر في العالم. والمؤكد كذلك أن الشعب المصري سيعرف كيف يختار ما بين السلفيين والشحات.