قال إن الملكية كانت تسمح بالتظاهر والآن المتظاهرون يتعرضون للتعذيب بالرغم من عبوره عامه الخامس والسبعين، فإنه يواصل إبداعه المتجدد، ودون أن يتخلي عن إيمانه القاطع بدور الثقافة، وحاجة المجتمع إليها؛ يري أن الثقافة بصورها المختلفة، أداة كبري للتغيير والتنوير، إنه الكاتب والمبدع الكبير بهاء طاهر صاحب الرسالة أو القضية أو الالتزام سمّها ما شئت. وبالرغم من أنه عايش بنفسه في منتصف السبعينيات تجربة إقصائية، كانت جزءاً من إقصاء السلطة للمثقف، لكنه رغم كل شيء يشدد في إبداعاته وكتاباته علي دور الثقافة في فهم المجتمع وفي تحليله وفي صيانته، لأن الثقافة مرادفة للحرية وللوعي وللعطاء النبيل. ولا يمكن للثقافة أن تنهض دون أن يكون المثقف نفسه مستقلاً وبعيداً عن أي سلطة تحاول إفساده أو شراءه .بهاء طاهر، مبدع ومثقف تنويري، بأوضح معاني التنوير، تجمع كتابته بين الأناقة التعبيرية وغني الرؤية ورغم وضوح حسمه لوظيفة الكتابة، فإنه أبدا لم يقع في فخاخ الأيديولوجيا أو لغة الشعارات، الكتابة عنده تجربة مغايرة لكل ذلك، لها اشتراطاتها الصعبة جمالياً ورؤيوياً، وربما لهذا السبب لم يكن يستعجل النشر، بل إن مجموعته الأولي تأخرت في الصّدور حتي عام (1972)، كما أن ما نشره ليس إلا نسبة محدودة مما كتب، إنه من أولئك المبدعين الذين يقدّسون الكلمة، ويتعاملون مع الكتابة بحرص واحترام وإجلال.. لذلك فإن إنتاجه أقل عدداً وكماً من مجايليه ومن الأجيال اللاحقة، لكن الإبداع يعترف بالنوع لا بالكّم، وكاتب صعب مع نفسه علي طريقة بهاء طاهر، ينحاز حتماً للنوع وللتميز. كل من كتبوا عنه شهدوا بنزاهته، وبتواريه عن الشهرة التي تلاحقه لكن أعماله تفرض نفسها بتميزها وخصوصيتها وسحرها الخاص. ورغم غيابه عن مصر والعالم العربي منذ منتصف السبعينيات وحتي منتصف التسعينيات فقد عرفه القراء العرب وقدّروا تجربته، فاجتاز الامتحان الصعب مما يدلّ بعمق علي تميز هذه التجربة وفرادتها الخاصة، لما تكشفه من الانتصار للحرية، ومواجهة القوي المتسلّطة، سواء أكانت سلطة سياسية أو اجتماعية أو ثقافية، قدم بهاء طاهر مع مجايليه من أبناء جيل الستينيات إسهامات أساسية في القصة القصيرة والرواية، كان لها دور جليّ في تطوير فن الرواية العربية.