أشعر شعورا قويا أن هذه المعركة أصبحت شديدة السخافة، وأنت تعرف طبعا المعركة التي أعنيها؛ أصبح السيناريو مكرورا، ممجوجا، بالغ الملل: تبدأ معركة الاتهامات والاستعداءات وتحوير الحقائق ثم المزايدات ونفش الريش و... الحقيقة لم أعد أصدق أحدا. ما معنى أن يقضي قادة القوى السياسية أياما كاملة للاتفاق على توحيد الهتافات والمطالب، ثم فجأة يخرق كثير من الإخوة السلفيين -بهتافاتهم ولافتاتهم- هذه الاتفاقات التي أُبرِمت من يوم ونصف اليوم؟ وما معنى أن يُرفع علم السعودية التي هي عدوة ثورتنا الأولى على منصة حزب النور؟ بالطبع يحق لأي مواطن أن يرفع علم السعودية أو ينادي بتطبيق الشريعة أو حتى ينادي بهذا الشعار المضحك "لا شرقية ولا غربية... إسلامية إسلامية"؛ ألم يكن هذا الشعار أيام الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفيتي؟ ألا يعلم الهاتفون بهذا الشعار أنه لا معنى له الآن بعد اختفاء الاتحاد السوفيتي والمد الشيوعي؟ أم أنه من باب الذكرى الجميلة فقط؟ كل ذلك يعكس وعيا سياسيا مأزوما. أنا أختلف تماما مع خلط الديني بالسياسي، لكنني لا أقصي من أختلف معه مادامت هناك انتخابات حقيقية بيننا، أما الأمر الذي يجعلني لا أصدق أحدا فهو ضياع هذه الفرصة الذهبية لأنْ نتعلم كيف نعمل معا، ونفرح معا، ونصبح بالفعل يدا أو رِجلا أو حتى صباعا واحدا. أريد أن أسأل سؤالا آخر: ما معنى أن ينسحب 34 (وقيل 23!) حركة وحزبا من الميدان ثم يبدو أن الميدان ازدحم أكثر بانسحابهم؟ هل كانت هذه القوى في الميدان أم في البلكونات المطلة على الميدان؟ إنه زمن "الاشتغالات" الكبرى يا عزيزي. أعود وأقول إنه يحق لأي مواطن مصري أن يرفع علم السعودية أو يهتف بتطبيق الشريعة، رغم أن أحدا لم يوضح لي كيف سيطبقون الشريعة التي أعتز بها؟ هل سيقطعون يد السارق ويرجمون الزاني مثلا؟؟ لم يقَدّم حتى الآن في حدود علمي رؤية عَمَلِية مفصلة لهذا التطبيق، وحين رأيتُ لافتات تتساءل: "خايف ليه من شرع الله؟" كنت أريد أن أرد عليها بأنني غير خائف أبدا من شرع الله، لكنني خائف جدا ممّن سيعتبر نفسه ممثلا لهذا الشرع، فاهما له، مؤتمنا عليه من دوننا. ومع ذلك من حق أي مصري أن ينادي بهذه الشعارات مادامت صناديق الانتخابات هي التي ستفصل بيننا في النهاية، لأنني شخصيا سأحترم رأي الشعب المصري إذا اختارت أغلبيته أن تطبق الشريعة وتختار رئيسا سلفيا، هذه هي الديمقراطية التي ننادي بها ولا يحق لأحد أن يصادر على إرادة الشعب، ولذلك لا أشعر بقلق من مستقبل مصر، ومازلتُ أرفض حالة الذعر من وصول الإسلاميين للحكم، لأنهم ببساطة سيمثلون إرادة الشعب الذي سيعاقبهم إذا أخطأوا بنفس أدوات الديمقراطية التي منحهم بها الحكم، لأن الاستبداد والتعالي على الشعب لم يعودا ممكنيْن لأحد. ومع ذلك لم تفاجئني أعداد السلفيين والإخوان في التحرير، لأنهم جمعوا قوتهم كلها ووجهوها للتحرير أو للميادين الرئيسية بالمحافظات، ومعروف عن القوى الإسلامية أن أنصارها يطيعون قادتهم بإخلاص تام، ويرون في ذلك واجبا شرعيا وأخلاقيا، ما يعني أن جميع أنصار القوى الإسلامية شاركوا في هذه المظاهرة، يبدو لي أنه لو كان في شارعنا "قطة" سلفية أو إخوانية لكانت ستنزل أيضا ميدان التحرير، هذا يعني أن القوى الإسلامية في الشارع المصري راسخة لا يقل أنصارها عن 5 ملايين مصري تقريبا ما بين التحرير والقائد إبراهيم والسويس، وهذا الرقم منطقي لا يمكن إنكاره، كما لا يمكننا -مهما اختلفنا مع القوى الإسلامية- أن ننفي عنها تاريخها النضالي الطويل وما دفعته من ثمن حقيقي لمعارضتها (خاصة الإخوان)؛ وهو ما يمنحها أنصارا حقيقيين على الأرض (بدلا من انسحاب 34 حركة وحزبا ثم يزيد الميدان بعد انسحابهم!!)، هذا الرقم أيضا يجعل السباق الانتخابي القادم معقدا ومشتعلا لأن هناك ملايين من المصريين يؤيدون مرشحين مستقلين من خارج القوى الإسلامية، الخطر الحقيقي هو ألا تكون الانتخابات نزيهة، وهذا ما يجعل تطهير البلاد من النظام السابق وتطهير الداخلية والقضاء ومحاكمة مجرمي النظام السابق.... كل ذلك من المطالب الحيوية التي يجب أن نحاول مرة أخرى أن نتفق عليها... عشان خاطر مصر! لم أكن أريد أن أكتب شيئا عن كل ذلك، لكن شيشة الكريز سامحها الله بدلا من أن تنسيني همومي، ذكّرتْني بها. كنت قد فكرتُ في هذه المبادرة "افطر مع أم شهيد أول جمعة في رمضان"، وحاولتُ نشرها قدر استطاعتي على الفيس بوك، وطلبتُ من أصدقائي نشرها فخذلوني، إذا أعجبتك الفكرة فأرجو أن تنشرها تقديرا لأمهات الشهداء: https://www.facebook.com/event.php?eid=168630953207993 افطر مع أم شهيد أول جمعة في رمضان في الفترة الأخيرة أصبحتُ أرتاح كثيرا لمجالسة أهالي الشهداء بميدان سعد زغلول، وبدأنا نصبح أصدقاء، ونتحدث عن الثورة والأحداث الراهنة. وفي آخر زياراتي لهم، بينما كنت أتحدث مع والد أحد الشهداء، سمعتُ من ورائي أم شهيد آخر وهي تصيح فجأة بصوت متقطع من البكاء، وبدأت تنادي شهيدها وتقول: "يا حبيبي يا ابني، هاعمل ايه في رمضان من غيرك؟ ده احمد كان هو اللي بيفطر معايا في رمضان، ويحط لي اللقمة ويغرف لي بإيده، ...يا حبيبي يا ابني، هاعمل إيه بس في رمضان من غيرك يا احمد". الحقيقة أنني لم أجرؤ على الالتفات إليها ورؤية دموعها وملامحها، لاحظت أن صوتي بدأ يرتعش أثناء حديثي مع والد الشهيد فصرفتُ انتباهي للحوار حتى لا أواجه مشاعري لأنني شعرتُ أنني لن أسيطر عليها. ظل هذا الموقف يلحّ عليّ منذ تلك اللحظة، ففكرتُ بشكل عملي: ما الذي يمكن أن نقدمه لأم الشهيد في رمضان؟ لاحظتُ أن أهالي الشهداء، رغم قسوة ظروفهم، يشعرون بحساسية بالغة من مبدأ أخذ أي تعويض مادي، لذلك فكرتُ في هذه الفكرة: لماذا لا نعزمهم على إفطار أول جمعة من شهر رمضان؟ بعد التفكير، وصلتُ لهذه المقترحات: 1- أقترح أن نتضامن -نحن الشباب والفتيات- مع أمهات وأسر الشهداء وأن نُشعرهم أن أبناءهم لم يغيبوا لأننا كلنا أبناءهم، وسنفطر معهم كما كان يفعل أبناؤهم تماما في أول جمعة في رمضان. يمكنك إذا شئت أن تنفذ الفكرة في أول يوم من رمضان إذا سمحت ظروفك. 2- الدعوة موجهة للشباب والفتيات في أي محافظة يتجمع فيها أهالي الشهداء بميدان عام، والمطلوب هو أن تأخذ إفطارك معك للميدان، ومعك شيء إضافي واحد فقط (لتكن ثمرة فاكهة أو سندوتش أو طبق سلطة أو حتى بعض التمر)، وطبعا يمكنك الزيادة إذا شئتَ. 3- سنذهب قبل الإفطار مباشرة وننصرف عند صلاة العشاء لأن هذه الساعات ميتة بطبيعتها، وبالتالي لن نتسبب في تعطيل المرور أو مصالح الناس. 4- لديّ طلب مهم: هذه الدعوة موجهة للشباب والفتيات أيا كانت انتماءاتهم السياسية والدينية (ليبراليين-إسلاميين-مستقلي ن-مسيحيين) لذا أرجو عدم استخدام أي شعارات أو لافتات سياسية أو خطب تتناول القضايا السياسية أو الدينية الشائكة. أظن أننا بحاجة ماسة للم شملنا وتوحيد صفوفنا، وهذه الدعوة فرصة مهمة لعمل ذلك، طبعا يمكن للشباب أن يتحدثوا معا حول القضايا الراهنة ويتعارفوا ويقتربوا أكثر من بعضهم ومن أسر الشهداء، ولذلك أدعو إخواننا المسيحيين لمشاركتنا هذا الإفطار. 5- إذا أعجبتك الفكرة يمكنك أن تكررها مع مجموعة من أصدقائك في مدينتك، مع الانتباه لعدم تسييس هذه الدعوة. 6- يمكنني دعوة أصدقائي بالإسكندرية، لكنني أحلم بتعميم الفكرة بجميع ميادين مصر، وليس فقط بالقاهرة والإسكندرية والسويس، فيمكنك لو كنت من مدينة أخرى أن تطبق الفكرة في المدن والقرى التي سقط فيها شهداء، لأن أسرهم سيفتقدونهم بلا شك، وسيفرحون بك. يمكنك اختيار الميدان المناسب بمدينتك أو قريتك مع مراعاة عدم تعطيل المرور. ما رأيك الآن؟ إذا وافقتَ على الفكرة، قم بعمل شير ودعوة أصدقائك، وربما تنجح الفكرة ونكررها أكثر من مرة في شهر الخير والبركة. إذا كانت لديك اقتراحات أو نقد، أرجو أن تكتبه على الافنت أو ترسله لي