فى الوقت الذى تواصلت فيه المظاهرات المؤيدة للنظام الحاكم باليمن وتلك المعارضة له تباينت ردود الأفعال على الظهور الإعلامى للرئيس اليمنى على عبد الله صالح أمس الخميس بالفضائيات اليمنية بين التعاطف الإنسانى مع حالته الصحية ، وبين استمرار رفض عودته إلى البلاد والمطالبة بإسقاط رموز النظام فى اليمن . فعلى صعيد المظاهرات المؤيدة للنظام ، احتشدت الجماهير اليمنية بالساحات والميادين الرئيسية بالعاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية عقب صلاة الجمعة اليوم ، حيث نظموا المسيرات والمهرجانات الخطابية المؤيدة للرئيس صالح ، وذلك تحت شعار " جمعة الحمد والشكر لله " على سلامة الرئيس اليمنى بعد ظهوره أمس على شاشات الفضائيات اليمنية فى كلمة مسجلة له من المستشفى الذى يعالج به بالعاصمة السعودية الرياض. وأكد المتظاهرون - فى شعاراتهم واللافتات التى رفعوها وكذلك فى الكلمات التى ألقيت بالمهرجانات الخطابية - تمسكهم وحبهم للرئيس اليمنى .كما أكدوا تأييدهم المطلق للشرعية الدستورية ، ورفض أى محاولات للانقلاب عليها ورفض المجلس الانتقالى الذى دعت إليه أحزاب المعارضة ، وأيضا رفضهم لما وصفوه بأى مشروعات تآمرية تنزلق باليمن نحو الفتن والحروب الأهلية . ورفع المشاركون اللافتات ورددوا الشعارات الرافضة للدعوة لتشكيل مجلس انتقالى لتسيير أمور البلاد فى المرحلة المقبلة ، مطالبين كل القوى السياسية على الساحة اليمنية بتغليب مصلحة الوطن على مصالح من وصفوهم بالمجرمين والقتلة الذين يخططون للتآمر على اليمن من خلال الفوضى والتخريب والعنف والابتعاد عن القيم الوطنية والوحدة اليمنية . وأعرب المتظاهرون عن تأييدهم للحوار الوطنى ومع ما يتخذه الرئيس صالح من قرارات لتحقيق الوفاق الوطنى ، مطالبين تحالف أحزاب اللقاء المشترك (المعارض) بوقف أعمال العنف والفوضى وإيقاف أعمال التخريب والاعتداءات على المرافق والمنشآت العامة والخاصة. فى المقابل نظمت الجماهير اليمنية المعارضة للنظام مهرجانات خطابية ومسيرات احتجاجية بالعاصمة صنعاء عقب صلاة الجمعة تحت شعار " جمعة رفض الوصاية " ، وذلك بالتزامن مع مهرجانات مماثلة بالمحافظات اليمنية ، عبرت خلالها عن رفض الوصاية الداخلية من أحزاب المعارضة والوصاية الخارجية من دول الخليج خاصة السعودية ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية على اليمن. وطالبوا فى مسيراتهم الاحتجاجية بوقف التدخل فى الشأن اليمنى، والوقوف إلى جانب الثورة والابتعاد عن محاولة الالتفاف عليها ، مؤكدين فى شعاراتهم أن هناك محاولات خارجية للالتفات حول ثورة الشعب اليمنى لإجهاضها لمصلحة النظام الحاكم . واتهم المتظاهرون الولاياتالمتحدةالأمريكية بالازدواجية فى المعايير فى تعاملها مع الثورات العربية ، مطالبين واشنطن والمجتمع الدولى بالتعامل مع الثورة فى اليمن بنفس المعايير التى يتعاملون بها مع الثورة فى كل ليبيا وسوريا حاليا . وأكد المتظاهرون أن ما يحدث فى اليمن هو ثورة شعبية بكل المعايير وليست أزمة السياسية كما يتعامل معها المجتمع الدولى وخاصة دول الإقليم . وفى نفس السياق ، حمل بعض المتظاهرين المناهضين للنظام اللافتات التى تتهم أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة) بأنهم يسعون إلى السلطة على حساب مطالب الشعب اليمنى ، مطالبين هذه الأحزاب بوقف التعامل والحوار مع السلطة اليمنية بأى شكل من الأشكال وفى إطار أى من المبادرات . وأكدوا أن الشرعية الآن أصبحت للثورة الشعبية ، وأن الشرعية سقطت عن النظام بسقوط رأس النظام - فى إشارة لوجود الرئيس اليمنى بالمملكة العربية السعودية حاليا للعلاج - ، وأن الثورة ستنتصر وستسقط ما وصفوه ببقايا رموز النظام . على صعيد آخر ، يرى بعض المراقبين لتطورات الأوضاع السياسية باليمن أن اختيار يوم أمس (السابع من يوليو) لإلقاء الرئيس اليمنى على عبد الله صالح كلمته عبر الفضائيات اليمنية من الرياض حيث يعالج هناك ، هى رسالة إلى أبناء الشعب اليمنى وأبناء الجنوب بصفة خاصة وربما تعنى إمكانية الحسم العسكرى للأزمة اليمنية - بحسب المراقبين . وأشار هؤلاء المراقبون إلى أنه فى مثل يوم أمس من عام 1994 حسم الرئيس صالح بالقوة العسكرية معركة محاولة انفصال الجنوب عن الشمال مرة أخرى ، عندما حققت القوات العسكرية الموالية له فى الشمال انتصارا كبيرا على القوات الجنوبية التى كانت قد أعلنت الانفصال بقيادة الرئيس الجنوبى السابق ونائب الرئيس اليمنى بعد لوحدة علي سالم البيض. ويأتى ذلك فى الوقت الذى لم تتضمن كلمة صالح أمس أى إشارة ولو ضمنية بشأن مثل هذا الاحتمال ، كما أن معظم اليمنيين يجمعون على أن مضمون الكلمة يخلو من لهجة التحدى التى تميزت بها كلماته وخطاباته السابقة على حادث محاولة اغتياله فى الثالث من يونيو الماضى من جهة أخرى ، قال سلطان العتوانى القيادى فى تحالف أحزاب اللقاء المشترك الأمين العام للتنظيم الوحدوى الناصرى إن كلمة صالح لم تقدم جديدا سوى إجلاء الشائعات بخصوص مدى إصابته فقط وحالته الصحية . وأوضح العتوانى - فى تصريح له اليوم - أنه من الواضح أن حالته الصحية ليست جيدة أما كلمته فلم تقدم جديدا ، مشيرا إلى أن الشراكة السياسية التى تحدث عنها فى كلمته لن تتحقق إلا بعد حوار وطنى يعقب انتقال السلطة أولا .