صدمتني تصريحات للدكتور عصام العريان، المتحدث الرسمي بإسم جماعة الإخوان المسلمين، حمّل فيها "إخوان أون لاين" – الموقع الرسمي للجماعة- مسؤولية تعدي الإخوان على وطنية المشاركين في جمعة الغضب الثانية فى ميدان التحرير، ومشككاً في مهنية الزملاء الصحفيين بالموقع، لأنهم نقلوا عن الجماعة بياناً قالت فيه أن المليونية الأخيرة "محاولة للوقيعة بين الجيش والشعب"، رغم أن البيان صدر عن مكتب الإرشاد وليس عن هيئة تحرير الموقع، معلنا عن إعادة تشكيل هيكل الموقع، بدلا من الإعلان عن إعادة تشكيل فكر الجماعة ليتمكن من إستيعاب أن الشباب لم يعودوا التلاميذ، وإنما الكوادر الحقيقية للوطن. تصريحات العريان، كما يراها البعض، محاولة من جانب الجماعة لرفع الحرج عن نفسها بسبب الإنتقادات القوية التى توجه لها الآن بعد رفضها مشاركة الشعب المصري فى إحتجاجاته ضد ما أسماه محاولات تغيير مسار الثورة، وما تبعه من قرار فصل أعضائها المشاركين في إئتلاف شباب الثورة، ولكنها تعكس فى الوقت نفسه الشعور المتزايد والمتنامى لدى قيادات الإخوان المسلمين بالوقوع فى ورطة ما اعتبره البعض "محاباة" المجلس العسكري على حساب المطالب والرغبات الشعبية، إلى جانب شعور آخر بأن المصريين لا يعتبرون الإخوان الآن محرك حقيقي في سباق الشارع السياسي، كما كانوا فى الماضى عندما اضطهدهم نظام مبارك. ورغم رفضي المطلق للإتهامات التي كانت المعارضة المصرية تكيلها لجماعة الإخوان فى العهد البائد، وتحديدا فى تسعينيات القرن الماضى، بأنها تميل أكثر لعقد صفقات مع النظام والحصول منه على المكاسب القليلة بدلا من مواجهته بشكل حاسم وقوى، فإنى أعتقد أن الجماعة سيكون عليها فى الفترة المقبلة ان تستعد لإتهامات مماثلة وأن تكون جاهزة بردود تدافع فيها عن توجهها ومشاركتها فى الثورة من البداية، لأن مسألة "المحاباة" التى ذكرناها ستتردد مجددا طالما يخيم شبح "الوقيعة" بين الشعب والجيش على آداء الإخوان ويدفعهم إلى رفض التوجهات الشعبية، وإقصاء كل من يختلف بإعتباره "مشاركا فى التخريب" ، وليس مدافعا عن الثورة كحل شباب الإخوان المفصولين. أتصور أن الجماعة فى حاجة لصياغة بيان يفك اللبس ويوضح الأمور المختلطة، هكذا أدعو هذا البيان، ولا أقول التراجع عن موقفهم وتصحيح العريان لخطأ الجماعة فى حق أبنائها من الصحفيين وشباب الثورة الذين كانوا أول من شارك فى ثورة 25 يناير ونزلوا الشارع من قبل أن تحسم الجماعة أمرها وتقرر المشاركة فى أحداث الثورة، والتوقف عن التعامل مع الهرم داخل الجماعة بشكل مقلوب ومغلوط، فالموقع يعبر – جزئيا- عن موقف الجماعة، وليست الجماعة المتحدث الرسمي بإسم موقع "إخوان أون لاين".