خلال ساعات.. تقليل الاغتراب 2025 تنسيق المرحلة الأولى والثانية «الموعد والرابط وضوابط التحويل»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    محافظ سوهاج يبحث تطوير النظام المالي والتحول الرقمي بالمحافظة    محافظ سوهاج يتابع معدلات الإنجاز في ملف تقنين أراضي أملاك الدولة    تنديد واسع بجريمة اغتيال 5 صحفيين في غزة.. ومطالب بفتح تحقيق دولي    أول إجراء من الداخلية السورية على فيديو الإعدام الجماعي بمسشفى السويداء    تركيا تسجل 20 هزة ارتدادية بعد زلزال بقوة 6.1 درجات وانهيار 10 مبان    وصية الصحفى الفلسطينى أنس الشريف: أوصيكم بفلسطين درة تاج المسلمين    جيش الاحتلال يٌعلق على اغتيال الصحفي أنس الشريف في غزة.. ماذا قال؟    المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو فشل فى تحقيق أهداف الحرب لمدة 22 شهرًا    هاني رمزي: ريبيرو يقلق جماهير الأهلي    البرازيلى خوان الفينا يوجه رسالة لجمهور الزمالك.. تعرف عليها    برشلونة يمطر شباك كومو في كأس خوان جامبر    ملف يلا كورة.. نهاية الجولة الأولى بالدوري.. وصول ألفينا.. واعتذار حسام حسن    كاميرا مراقبة تُوثق لحظة دهس 9 أشخاص بميكروباص في الإسكندرية- صور    هتقعد معاكي لأطول مدة.. أفضل طريقة لحفظ الورقيات في الثلاجة    يحسن وظائف الكبد ويخفض الكوليسترول بالدم، فوائد عصير الدوم    ماس كهربائي.. إخماد حريق محدود داخل كنيسة قرية أبوان بالمنيا    النفطي: معلول إضافة للصفاقسي والجزيري يمتلك شخصية مصطفى محمد    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    الإسكندرية السينمائي يطلق استفتاء جماهيري لاختيار أفضل فيلم سياسي مصري    لارا ترامب تتفاعل مع محمد رمضان لتصبح أحد متابعيه على السوشيال ميديا    يوسف الحسيني: اجتماع الرئيس بقيادات الهئيات الإعلامية يفتح آفاقًا جديدة للإعلام    تكريم اسم الفنان لطفي لبيب والإعلامي عمرو الليثي بمهرجان إبداع للشباب- (25 صورة)    فرصة ذهبية لطلاب الإعدادية.. تخفيض الحد الأدنى للالتحاق بالثانوي بدمياط    تتطلب مهارات.. وزير العمل: حريصون على توفير فرص عمل للشباب في الخارج    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 11 أغسطس بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    خالد الغندور: التوأم يوصي فتوح بالالتزام للمشاركة مع الزمالك    برشلونة يكتسح كومو بخماسية ويتوج بكأس خوان جامبر    94 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة بداية الأسبوع    دبلوماسية أوروبية: أي اتفاق بين أمريكا وروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي    محافظ الفيوم يكرم أوائل الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات الفنية    الداخلية تضبط طالبا يستعرض بدراجة بخارية    قرار هام بشأن البلوجر مونلي صديق سوزي الأردنية بتهمة نشر فديوهات خادشة    السيطرة على حريق داخل مخزن مواد غذائية فى الزيتون دون إصابات.. صور    إخلاء سبيل طالب طعن زميله في شبرا الخيمة    اتهامات لمحامي بالاعتداء الجنسي على 4 أطفال بالدقهلية    موظفو طيران في بروكسل يطالبون بعدم استئناف الرحلات لإسرائيل    "تضامن سوهاج" تكرم 47 رائدة اجتماعية وتمنحهن شهادات تقدير    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    4 أبراج «بيحققوا النجاح بسهولة»: يتمتعون بالإصرار والقوة ويتحملون المسؤولية    كشافين في القرى للبحث عن أم كلثوم والشعراوي.. المسلماني يكشف توجيهات الرئيس    اجتماع مديري الثقافة والتربية والتعليم لتعزيز الأنشطة الثقافية والتعليمية بين الطلاب    ويزو تحكي أسرار "مسرح مصر": «أشرف عبدالباقي كان بيأكلنا ويصرف علينا من جيبه»    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات الأخرى ببداية تعاملات الإثنين 11 أغسطس 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    فوائد اليانسون، يهدئ المعدة ويعالج نزلات البرد والإنفلونزا ويقوي المناعة    المنوفية تُطلق عيادات الدعم النفسي بخمس وحدات رعاية أساسية | صور    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع أعمال التطوير في المجمع الدولي ومستشفى الكرنك    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    الشوربجي يشكر الرئيس السيسي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعة دنيوية للبطريرك
نشر في الدستور الأصلي يوم 29 - 01 - 2010

يضع «الأنبا شنودة» بصفته بطريرك الكرازة المرقسية، تاجا هو الأخير من نوعه في مصر، تاج يمثل سلطة تستمد شرعيتها من منظومة القانون المصرية، ومرجعيتها الشريعة الإسلامية.
ومقتضي تلك المقدمة أن المصريين جميعا معنيون بالجانب المادي (الدنيوي العلماني) الذي تمثله هذه السلطة، أما الجانب الروحي (العقائدي) فلا شك أنه ملك خالص لهؤلاء الذين يؤمنون به، أي الأرثوذكس علي وجه التحديد.
وبناء عليه أمارس حقي في مراجعة «صاحب التاج» بشأن ممارساته وتصريحاته التي تتعلق بالسياسة الدنيوية، خاصة أنه اعتمد في إدارتها علي ما يملك من سلطة روحية، كأنه يرفع الدنيوي إلي مرتبة الروحاني، وهذا خطر جدا، وعكسه أنه يمكن الرد عليه نزولا بالروحاني إلي مرتبة الدنيوي، وهذا خطر أيضا.
وأول ما أراجع فيه «الأنبا شنودة» هو استغلال مناسبة دينية مسيحية، بل مصرية قديمة هي «عيد الغطاس» في سياق سياسي، حيث أعلنت مصادر كنسية أن «شنودة» سيؤدي صلاة العيد في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون بدلا من أدائها في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية كالمعتاد، وذلك حدادا علي من وصفتهم تلك المصادر ب «ضحايا مذبحة الأقباط بنجع حمادي». ذلك الإعلان الذي لم يهتم «الأنبا شنودة» بتصحيحه، التزاما بالواجبات الدنيوية لسلطته، مفضلا أن يترك الأمر لتضارب التصريحات، إعلان تخطفته علي نحو متوقع ولا أقول مدبر صحف ومواقع وفضائيات عديدة، وهو إعلان ملغوم من ثلاث نواح:
أولا: ربط مناسبة العيد «الدينية» بجريمة «دنيوية»، معني لا يقتصر علي تكريس الرؤية الطائفية لهذه الجريمة، لكنه ينطوي أيضا علي مواجهتها برد طائفي، هو تغيير ترتيبات الصلاة بعد الإعلان السابق عن أدائها في الإسكندرية، مما يعني استمرار النفخ في جذوة الطائفية.
ثانيا: اختيار دير «الأنبا بيشوي» في وادي النطرون، لأداء الصلاة فيه بدلا من كنيسة الإسكندرية، يعيد إلي الأذهان ذكريات «تحديد الإقامة» ويلعب بمغالطة «الاضطهاد»، ذلك أنه الدير الذي سبق للرئيس «السادات»أن حدد فيه إقامة «شنودة» ضمن أحداث سبتمبر 1981 التي شملت موجتها اعتقال مختلف قيادات مصر قبل أن يعيده الرئيس «مبارك» إلي موقعه، ضمن قراره بالإفراج عن القيادات المعتقلة. مما يؤكد أن تحديد إقامة «الأنبا شنودة» ثم الإفراج عنه كان «نقطة» في «موجة» عامة، موجة من «الظلم» السياسي لا من «الاضطهاد» الطائفي، لكن التوجه الآن تحديدا إلي دير «الأنبا بيشوي» لأداء صلاة العيد، مع إعلان الحداد، يوحي بعكس ذلك، ويسكب الزيت علي نيران الطائفية، وتخيلوا مثلا لو أن قائدا سياسيا ممن شملتهم اعتقالات سبتمبر تعرض بعض أعضاء حزبه لحادث ما، فقرر الاحتفال بالعيد أي عيد داخل منطقة سجون «طرة»، أليس من المنطقي أن يُقرأ هذا الموقف باعتباره اتهاما للدولة التي سبق أن اعتقلته بالضلوع في الحادث؟
ثالثا: تغيير مكان صلاة «الأنبا شنودة»، ولا ضرورة فرضت هذا التغيير، يأتي بينما جهات أجنبية تعلن التدخل في الشأن المصري بذريعة الطائفية، وموقف «الأنبا شنودة» ورقة مهمة في ملف هذه الذريعة.
استطراد: بمناسبة «الجهات الأجنبية» التي يمهد لها البعض الطريق الآن، علي نحو وصل بلا مواربة إلي الدعوة الصريحة للاحتلال.
أذكر المصريين جميعا، بما كتبه «إس إتش ليدر» الذي يصف نفسه بأنه «مسيحي بريطاني» في كتابه «أبناء الفراعنة المحدثون» - والذي يرجع تاريخ تأليفه إلي أوائل القرن العشرين - حيث قال إن القديس «فرنسيس الأسيزي» لم يكن يعرف «حين انضم إلي الحملة الصليبية السادسة المتجهة إلي مصر في العام 1218 بوجود الكنيسة المصرية. وبعد قرون عديدة لم يشك قط الرحالة الإنجليزي العظيم بروس الذي تنقل بين مصر والحبشة وتلقي أكبر مساعدة من موظف في الدولة كان قبطيا أن لمؤسسة مثل الكنيسة وجودًا»!
وفي الكتاب نفسه يقول المؤلف إن المسيحيين في مصر وأثناء الاحتلال البريطاني: «كانوا يعانون الاحتقار الذي تعاملهم به الطبقات الرسمية الإنجليزية» وإن موقف البريطانيين كان «يتسم بعدم الثقة تجاه الأقباط».
كما أذكر المصريين جميعا، بما كتبه الأستاذ «وليم سليمان» في مقاله المعنون «تيارات الفكر المسيحي في الواقع المصري» مجلة «الطليعة» بتاريخ 21 من سبتمبر 1966 حيث قال: «كان الأقباط في مصر يقفون مع المسلمين صفا واحدا ضد المبشرين الغربيين، وذلك لأن أقباط مصر لم ينسوا قط الدروس التي تلقوها من الإمبراطورية البيزنطية، وهي تعرض الأقباط للتعذيب والاضطهاد علي يد حكام بيزنطة المسيحية أشد مما عرفوا من مهانة القتل والاستشهاد أمام الأباطرة الوثنيين، لهذا أعرض الأقباط تماما عن النظر إلي المبشرين علي أنهم مسيحيون يربطهم بهم دين واحد، وكان شرط دخول واحد منهم تحت حماية دولة أجنبية أن يغير عقيدته وإيمانه». وهو كلام واضح الدلالة لنا، وللذين رفعوا لافتات الدعوة للتدخل عمدا، أو جهلا بأنهم «يغيرون عقيدتهم وإيمانهم إذ يضعون أنفسهم تحت حماية دولة أجنبية».
انتهي الاستطراد وأعود إلي مناقشة موقف «الأنبا شنودة» من مكان أداء صلاة «الغطاس»، ذلك الموقف الذي تركه لتصريحات متضاربة، في أحدها قال وكيل البطريركية بالإسكندرية «القس رويس مرقس» إنها ليست المرة الأولي التي يتغيب فيها شنودة عن حضور قداس عيد الغطاس بالإسكندرية، إذ سبق ولم يحضره العام الماضي وقبل الماضي (وهو تبرير محل نظر لأن الغيابات السابقة كانت لدواع صحية كما تردد آنذاك) ونفي رويس مرقس أن يكون الغياب بسبب ما سماه «الأحداث الطائفية الأخيرة بنجع حمادي»، وهي تسمية قاطعة الدلالة في أن الكنيسة تتبني الرؤية الطائفية، ولم يستبعد القس أن يكون سبب الغياب هو «الخلاف مع محافظ الإسكندرية عادل لبيب» الذي وصفه بأنه «أبدي تعنتا في بعض الشئون التي تتعلق بتراخيص الكنائس وكان سببا مباشرا في هدم مجمع الخدمات التابع لكنيسة أبو سيفين العام الماضي». وهو كلام يتواصل مع الرؤية الطائفية، يؤكدها، ويسكب الزيت علي نارها، ويضع تاج «الأنبا شنودة» الذي يمثل سلطة روحانية في مواجهة مع سلطة الدولة، بحيث يمتنع صاحب التاج عن أداء الصلاة في المكان الذي لا تعجبه فيه قرارات ممثل الدولة!
وللإنصاف فإن هذا الخلط بين ما هو «عقيدة» يمثل «الأنبا شنودة» رأسها وينفرد بما شاء فيها من قرارات، وما هو سياسي وقانوني لا شأن له به، هذا الخلط لم يبتدعه «القس رويس مرقس»، ولو كان وحده من تورط فيه لهان الأمر، وأظنه نقاشا يحتاج مقالاً آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.