مدعي المحكمة الدولية: الثلاثة يتحملون المسئولية عن الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية في ليبيا القذافي ميزان القوى في ليبيا أصبح يميل بشدة لكفة الثوار الليبين، ومن فوقهم الولاياتالمتحدة وحلف الناتو، وربما تشهد الأيام القليلة المقبلة تحولاً ملموساً لصالح الثوار؛ وهو ما يُمثل أنباءً سيئة لعائلة القذافي؛ فعلى الرغم من افتقارها لبدائل مغرية للقتال فمن غير المرجح أنها ستسلم بسهولة. نتائج القتال ليست مفاجئة؛ لأن القوة العسكرية الليبية لم تصنف قط في مصاف قوى من الدرجة الأولى، ويبدو أنها ستواجه مشكلات حقيقية في الوقوف في وجه قوات الثوار الذين يحصلون على الكثير من المساعدات الخارجية، وبدأوا تعزيز سيطرتهم وتحقيق مكاسب حقيقية على الأرض، مكنتهم من المضي قدماً والزحف نحو البريجة وطرابلس معقل الزعيم الليبي في طرابلس؛ إن كان لا يزال مختبئاً هناك. وعلى ما يبدو فإن شمس القذافي قد تأخذ في المغيب قريباً، بعد أن جثم فوق صدر شعب طيلة أربعة عقود، اختزل فيها الليبيين بأثرهم في شخصه، وسخر الدولة وسلطاتها لإعمال القتل في بني جلدته وأبناء شعبه؛ وربما يكون تصريحه الصوتي الأخير: إن القوات الصليبية لن تتمكن من الظفر به؛ لأنه يسكن بمكان لا يستطيعون الوصول إليه فيه؛ ألا وهو قلوب الملايين، بمثابة النبوءة حول قرب أفول نجمه وبقائه كذكرى إجرامية كريهة وحزينة في آن، في قلوب الآلاف من أسر الشهداء والضحايا التي سقطت برصاصات مرتزقته. وكانت آخر التطورات التي شهدتها الساحة الليبية على الساحة الدولية جاءت من لاهاي مقر محكمة العدل الدولية؛ حيث طالب لويس مورينو أوكامبو -مدعي المحكمة الجنائية الدولية- قضاة المحكمة الدولية باستصدار مذكرة اعتقال بحق ثلاثة أشخاص في النظام الليبي متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ خلال انتفاضة الشعب الليبي التي اندلعت قبل شهرين، وعلى رأسهم: الرئيس الليبي معمر القذافي ونجله سيف الإسلام؛ فضلاً عن عبد الله السنوسي، رئيس جهاز المخابرات الليبي؛ بسبب الحملة الدموية التي يشنها النظام على المحتجين. وقال أوكامبو؛ خلال مؤتمر صحفي: إن لديه أدلة تؤكد مسئولية هولاء الثلاثة عن جرائم مروعة ارتكبت بحق الشعب الليبي، وإنهم يتحملون أكبر قدر من المسؤولية في جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في ليبيا. ونظراً للأدلة التي جمعت، خلص المدعي إلى وجود ما يكفي من الأدلة لتقديم طلب باصدار مذكرات توقيف في فئتين من الجرائم ضد الانسانية: القتل والاضطهاد؛ ولكنه قرر الكشف عن تلك الأدلة وإطلاع الصحفيين عليها لاحقاً. وأوضح أوكامبو أن الأدلة تظهر أن القوات الأمنية الليبية قامت بهجمات منهجية وعلى نطاق واسع ضد السكان المدنيين؛ مشيراً أن قضاة المحكمة يمكنهم أن يقرروا قبول الطلب أو رفضه أو حتى طلب معلومات وأدلة إضافية من مكتب المدعي". وحث أوكامبو الدول على الاستعداد لتنفيذ الاعتقالات إذا قرر قضاة المحكمة الجنائية الدولية إصدار المذكرات؛ مؤكداً أنه: "حان وقت بدء التخطيط بشأن كيفية تنفيذ مذكرات الاعتقال المحتملة"؛ في الوقت الذي لا تملك المحكمة قوة شرطة وتعتمد على تعاون الدول في تنفيذ الاعتقالات. وكان مجلس الأمن قد فوض أوكامبو في فبراير الماضي بالتحقيق في الوضع في ليبيا والاتهامات بشأن ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الليبين؛ حيث أعلن أوكامبو في 3 مارس فتح التحقيق؛ مستهدفاً ثمانية أشخاص بينهم الزعيم الليبي معمر القذافي وثلاثة من أبنائه، كما أعلن في 4 مايو أمام مجلس الأمن أنه سيطلب إصدار ثلاث مذكرات توقيف بحق المنفذين المفترضين لهذه الجرائم. ومنذ بدء الانتفاضة في ليبيا في منتصف فبراير، أوقعت اعمال العنف آلاف القتلى؛ بحسب مدعي المحكمة الجنائية الدولية، ودفعت بحوالى 750 ألف شخص إلى النزوح؛ بحسب الاممالمتحدة، وقام مكتب المدعي بثلاثين مهمة في 11 دولة في إطار تحقيقه، وتم دراسة أكثر من 1200 وثيقة بينها أشرطة فيديو وصور وأجريت أكثر من 50 مقابلة. وفي غضون ذلك نقل التلفزيون الليبي، إن موجة جديدة من القصف نفذتها مقاتلات الأطلسي استهدفت مدينة "الزوارة" غرب طرابلس، المتاخمة للحدود مع تونس؛ بينما نقلت وكالة الأنباء التونسية إن القصف الجوي استهدف قوات حكومية وأنظمة رادار في المنطقة الحدودية التي تجمع فيها مئات الآلاف من اللاجئين ممن فروا من جحيم المعارك في ليبيا. ولم تشر التقارير إلى سقوط ضحايا في القصف الذي تنفذه طائرات الناتو بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1973 القاضي "باتخاذ كافة التدابير الضرورة لحماية المدنيين" من حملة قمع دموية أطلقها القذافي لاجتثاث دعوات تنادي برحيله بعد أكثر من أربعة عقود في الحكم وعلى الصعيد العالمي طالبت روسيا بوقف تجاوز تفويض مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا؛ حيث صرح سيرجي لافروف -وزير الخارجية الروسي- أمس (الإثنين)، أن روسيا تطالب بوقف تجاوز الصلاحيات التي منحها مجلس الامن الدولي بشأن ليبيا. وشدد لافروف: "يجب التنفيذ الصارم لقراري مجلس الامن الدولي رقم 1970 و1973، كما يجب وقف تجاوز التفويض الناجم عنهما كما هو الحال الآن"؛ معولاً على أن تتاح له فرصة لأن يلتقي عما قريب في موسكو بممثلي المعارضة الليبية من بنغازي. كما علق على الأنباء الواردة بشأن قرار وزراء خارجية جامعة الدول العربية بإغلاق بث القنوات الليبية الحكومية على الأقمار الصناعية العربية، وأعلن أن روسيا تشدد على ضرورة تفادي التدخل في عمل وسائل الإعلام حين يدور الحديث حول الحرب الأهلية في ليبيا. ومن جانبها رحبت سوزان رايس -السفيرة الأمريكية- باعتزام مورينو أكامبو طلب إصدار مذكرات اعتقال قريباً وقالت إن قوات القذافي تواصل ارتكاب جرائم حرب في اشتباكاتها مع المعارضين.