تصحو كل صباح على خبر جديد. وتزداد الأخبار إثارة ابتداء من نهار الأربعاء ثم الخميس والهدف مواجهة احتمالات يوم الجمعة الذى أصبح يوماً لكل الاحتجاجات. ليس فى القاهرة وحدها. ولكن فى كل مدن بر مصر. وفى إجراء استباقى فإن مجلس الوزراء والمجلس العسكرى يتخذان قرارات تعلن مساء الخميس للتهدئة لأنه سرعان ما يرد المتظاهرون بتعليق المليونية وهو الإسم الجديد لأى مظاهرة. أعلن فى مساء الخميس الماضى تشكيل النائب العام لجنتين طبيتين. الأولى للكشف على الرئيس السابق حسنى مبارك فى محبسه بشرم الشيخ لتقرر إمكانية نقله إلى مستشفى سجن طره. والثانية تعاين مستشفى سجن طره لتقرر أنها صالحة لاستقباله ولتقديم العلاج له حتى يقضى فيها فترة الحبس. قبل الكلام الصريح عن نقل مبارك لسجن طره كان هناك كلام عن نقله للمركز الطبى العالمى فى طريق مصر الإسماعيلية. ويبدو أن الإعلان كان مناورة لأن مبارك رفض بشكل قاطع الانتقال للمركز الطبى وقال بصريح العبارة لمن يعالجونه أن الهدف هو نقله لطره. وأنه لن يسمح بذلك. ولذلك أصبح الأمر على المكشوف والكلام الآن عن طره وليس عن المركز الطبى العالمى. مبارك طلب ورقة وقلماً وكتب التماساً ربما كان الأول من نوعه للمجلس العسكرى يلتمس فيه عدم نقله من المركز الطبى بشرم الشيخ. ولم يتم الرد على طلبه لأن الأمر بيد النائب العام وليس بيد المجلس العسكرى. اليوم الثلاثاء تحدد لإجراء تحقيقات مع نساء العائلة المباركية خديجة الجمال وهايدى راسخ ستتوجهان صباح اليوم إلى جهاز الكسب غير المشروع بميدان لاظوغلى عند تقاطعه مع شارع مجلس الشعب بوسط القاهرة للتحقيق معهما فى تضخم ثروتيهما وتربحهما من كونهما زوجتى نجلى الرئيس. سوزان مبارك التى ظلت ثلاثين عاماً تلقب بالهانم سيتم التحقيق معها فى المركز الطبى بشرم الشيخ. بدلاً من نقلها إلى جهاز الكسب غير المشروع أو مكتب النائب العام وذلك لاعتبارات أمنية. لم يخل الأمر من حرب نفسية عندما قيل أن سجن النساء فى القناطر الخيرية يتم تجهيزه لاستقبال شخصية مهمة. وكان مفهوماً أن المقصود بهذا الكلام هو سوزان مبارك. خلال الأسبوع قادتنى الظروف لحى المعادى. كنت أحضر الاحتفال بعيد ميلاد حفيدتى أمينة. وعندما رأيت سور سجن طره قادنى الفضول الإنسانى قبل الصحفى لإلقاء نظرة خارجية على السجن الذى أصبح أشهر سجون مصر. المساحة واسعة تبدأ من الأوتستراد لتنتهى عند كورنيش النيل وتمتد لحوالى نصف كيلو متر أو ربما أكثر على الكورنيش. أقيم السجن سنة 1928 بقرار من وزير داخلية مصر مصطفى النحاس. كان اختيار المكان على أساس أنه بعيد وناء عن العمران. وسبب إنشاء السجن أن هذا العام شهد اعتبار الدعارة وتجارة المخدرات من الجرائم التى تصدر بشأنها أحكام بالسجن. كانت المنطقة خلاء. لم يكن يقترب منها سوى خط قطار قديم لم يعد له وجود. يعرف سجن طره من الخارج بحجم الدبابات المحيطة به والأسلاك الشائكة وقوات مسلحة تحيط به من الجهات الأربع علاوة على تأمينات الشرطة. عند آخره من ناحية حلوان على الكورنيش مقر محافظة حلوان التى ألغيت. وعند آخره من ناحية طريق الأوتستراد مديرية أمن حلوان ومعهد أمناء الشرطة والإدارة المركزية لمعاهد أمناء الشرطة. بالداخل سبعة سجون. أهمها ليمان طره الشهير وأكثرها رفاهية ملحق مزرعة طره. وكان قد أنشئ من أجل أن يقضى بها المسجون فترة انتقالية بين داخل السجن وخارجه. عندما توشك مدته على النهاية. حتى يتدرب على التعامل فى الحياة العادية بعد سنوات السجن. ولذلك فإن المكان بالداخل أقرب لمستشفى أو لفندق منه إلى سجن. تداخل السجن الآن مع المبانى. لو كنت من سكان إحدى العمارات المطلة عليه لرأيت بأم عينيك الحكومة السابقة بأكملها تمشى فى فناء السجن وملاعبه وحدائقه. ولتمكنت من رؤية جمال وعلاء مبارك يتهامسان فى ركن من الأركان. لكن فى الخارج تمر بسيارتك لا يستوقفك أحد وثمة مصريون عاديون متوقفون فى انتظار الميكروباص إما إلى حلوان أو إلى وسط القاهرة. لا يعنيهم من فى السجن. لكن فى لحظة خروج أى موكب يتجمعون فوراً ليهتفوا ضد من يستقل السيارة رغم عدم معرفتهم من هو بالتحديد. بعد يومين كنت فى وسط القاهرة أحضر الاجتماع الأول للمجلس القومى لحقوق الإنسان بعد أن أصبحت عضواً فيه. خرجت أتمشى فى شارع القصر العينى وشارع مجلس الأمة. هذه مظاهرة تطالب بإقالة وزير الزراعة لأنه من رجال يوسف والى. وتلك مظاهرة تطالب بإقالة وزير الصحة لأن مساعديه من رجال حاتم الجبلى.