حمدي قنديل: الدولة تحشد الصحافة حسب توجيهاتها.. وليس مطلوباً من الصحف أن «تطبل وتزمر» إدانة تعامل الأجهزة مع حادث نجع حمادي مستمرة كعادته، دائماً، يفاجئنا المجلس الأعلي للصحافة بتقارير للممارسة الصحفية في مناسبات وأحداث إذا ما رصدتها تجدها لا تصب إلا في مصلحة النظام، الرئيس مبارك نفسه اعترف بطائفية أحداث نجع حمادي، وحمّل المسئولية للإعلاميين والمثقفين، إلا أن المجلس الأعلي للصحافة ومسئوليه فهموا رسالة الرئيس من منظورهم هم، بدلاً من البحث عن حلول، راحوا ينتقدون الصحف لعرضها جريمة نجع حمادي البشعة التي راح ضحيتها 6 من الأقباط الأبرياء ومسلم لا ذنب له في ليلة الاحتفال بعيد الميلاد. مثله مثل تقرير المجلس عن الممارسة الصحفية لقضية صحة الرئيس الشهيرة، ولتغطية الصحف حادث حريق مجلس الشوري، جاء تقرير أحداث نجع حمادي بمعايير طائفية وفئوية، صنّف الصحف، مع وضد، صحفاً مع «إن كل شيء تمام» وصحفاً ضد «إن كل شيء تمام»، وكان من معايير المجلس، تأكيد الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن ووأد محاولات استثمار الحادث لغير مصالح الوطن، والالتزام بالدقة والموضوعية، وتذكير الأجيال الشابة بالنماذج المشرقة من الكفاح المشترك لجميع أبناء الأمة، هؤلاء جميعهم يعزفون في اتجاه أن كل شيء تمام يا ريس! أما الصحف المتهمة فمعايير اختيارها هي: الاتهام بغير دليل والإساءة للوحدة الوطنية وإشعال نار الإثارة والنعرات الطائفية، واستغلال الحادث سياسياً، وكأن الصحف أحزاب؟! لذا أثار التقرير ردود أفعال واسعة في الوسط الصحفي والإعلامي. يري الإعلامي الكبير حمدي قنديل أن التوصيات النهائية التي خلص إليها التقرير مقبولة علي وجه العموم وفيها ملاحظات مهمة، إلا أن ما يعيب تقارير المجلس الأعلي للصحافة وتقرير الأخير بالذات عن أحداث نجع حمادي أن اجتماع المجلس يُعقد في الوقت الذي تريد فيه الدولة حشد الصحافة حسب توجيهاتها مما يشكك في مصداقية تلك التقارير، وتبقي المسألة كلها برتوكولية، ليس فيها مناقشة جدية. وعن المعايير التي استند إليها التقرير، قال قنديل: لا شك أننا لابد أن نهتم بوحدة الوطن، لكن ليس معني هذا أن تتم التغطية علي المشاكل الحقيقية، فليس مطلوباً من الصحف أن تطبل وتزمر وتقول إن مسلماً أنقذ مسيحياً، أو أن مسيحيًا أطفأ حريقاً في بيت مسلم، الناس تسخر من هذه الأخبار، لأن شكلها مفتعل وهي حوادث إنسانية طبيعية لا أكثر ولا أقل. وأبدي «قنديل» دهشته من تجاهل المجلس الأعلي للصحافة قضية في غاية الأهمية وهي توفير المعلومات للصحفيين و لجوء الدولة دائما في اللحظات الحرجة إلي حجب المعلومات إن كانت لديها معلومات أصلاً، وأنا شخصياً لا أري غضاضة في أن تنشر صحيفة صورة لنائب مع بلطجي، فقد تكون هذه الصورة كاشفة لحقيقة ما. وأضاف قنديل: الاعتقاد الأكبر أن التقرير صدر بعد كلام الرئيس عن الإعلام، لكن يتم تجاهل أن الصحف القومية بها خروقات لا يمكن التغاضي عنها ،لذا فالأولي أن يتم تصحيح الأوضاع الخاطئة بها لأنها مملوكة لمجلس الشوري الذي يرأسه صفوت الشريف - رئيس المجلس الأعلي للصحافة وأمين عام الحزب الوطني أيضاً. وقد صف الكاتب الصحفي سعد هجرس - مدير تحرير جريدة العالم اليوم - تقرير المجلس الأعلي للصحافة بأنه تقرير «إطفاء حريق» وتقرير «مناسبات» يفتقر إلي الأساس الموضوعي المستمر لتقييم الظواهر الإعلامية، متجاهلاً أن تناول الصحف حادث نجع حمادي ليس وليد اللحظة وإنما استمرار لسياسات طويلة، فلا يمكن أن نتصور أن يكون هناك إعلام متطور في بلد متخلف، ووجود المجلس الأعلي للصحافة نفسه إحدي علامات الفوضي الإعلامية. وأضاف هجرس: ما زالت هناك مشاكل متعلقة بحصول الصحفي علي المعلومات، ومصادر المعلومات تتاح فقط للصحف القومية، وعادة ما تكون مصادر أمنية في حادث مثل نجع حمادي، ولا أخفي أن لدينا مشكلة في المهنية في الصحف، والحكومة مسئولة عنها إلي حد كبير لأنها تركت الصحف القومية التي تمثل 85 % من الصحف عزباً وأصبح الترقي فيها بمسح الجوخ لا بالأصول المهنية. وقال إن من مشاكل الصحافة الخلط بين الخبر والرأي، ولا توجد صحيفة تحتكر الإعلام الجيد، وأشار «هجرس» إلي أن توصيات التقرير جيدة جدا لكن كان الأجدي أن يتصل المجلس بنقابة الصحفيين ويعقد مؤتمراً، لا أن يصدر نصائح، ومنذ أيام تحدث الرئيس مبارك عن تحميل العقلاء والمثقفين المسئولية الكبري في محاصرة الفتنة، وكلام مبارك زي كلام المجلس الأعلي للصحافة، لكن العبرة بالتنفيذ، العقلاء الذين تحدث عنهم الرئيس ليسوا طائفة بعينها دون أخري، وإنما لا بد أن تكون جبهة من اليمين إلي اليسار للمطالبة بدولة مدنية حديثة، لأن الفتنة الطائفية فاتورة تقاعس الدولة عن بناء الدولة المدنية. أما جمال فهمي - عضو مجلس نقابة الصحفيين - فقال: عندي تحفظ علي تقارير المجلس الأعلي للصحافة لأنها تخلط المعايير الموضوعية بالتوظيف السياسي، وتقارير ليس لها أي مصداقية، فالمعايير التي تتحدث عنها لا يمكن الاختلاف عليها، لكنها تخدم رؤي الحكومة ووجهة نظرها، والمشكلة في تطبيق المعايير، فالتقارير تصدر في مناسبات معينة، تجد الحكومة أهمية في إصدار التقرير فيها، كنوع من «الوصاية» علي الرأي العام وتوجيهه، في حين أن المجلس يتجاهل نماذج تثير العار في الصحف الحكومية التي تروج للجنة السياسات.