فاجأ قرار تعيين دكتور عز الدين شكري أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة الوسط الثقافي، كونه لا ينتمي لأي قبيلة ثقافية –حسب قوله- ولم يكن له أي دور في الحياة الثقافية غير الكتابة، ولا يعرف دواخل الحياة الثقافية ولم يخبر صراعاتها، كما أنه يفضل الجلوس في مقاعد الأقلية الناقدة ايمانا منه بأنه لا يوجد وضع قائم لا يمكن نقده، إلا أنه يرى أن هذا ميزة تضاف إليه في منصبه الجديد فوظيفته تقتضي مساعدة الجماعة الثقافية ككل دون تحيز لفئة معينة أو اتجاه محدد وهو ما طرحه دكتور عز خلال لقاء قصير مع الدستور الأصلي. حدد دكتور عز الدين شكري في بداية توليه لمنصبه إعادة هيكلة وتشكيل المجلس كأولوية للعمل خلال الفترة القادمة، خصوصا مع تأكيده على أن دكتور عماد أبو غازي كان قد أنهى خلال فترة توليه مسئولية المجلس جميع المطالب الفئوية الخاصة بالعاملين في المجلس، فلم يبق أمامه سوى فتح باب الحوار بين أفراد الجماعة الثقافية لتحديد دور المجلس وكيفية تحقيقه، وأعضاؤه وكيفية اختيارهم. فدكتور شكري والذي قبل المنصب لإيمانه بفكرة إسقاط النظام وحرصه على اغتنام الفرصة التي اتيحت له لعمل ذلك، يرى أن تحقيقه يكمن في تغيير الطريقة التي تتم بها الأمور، ولذلك فهو لن يعتمد على سيناريو واحد مطروح، ولكنه يدعو جميع المثقفين والمهتمين بالعمل الثقافي لطرح رؤاهم وأفكارهم من خلال وسائل الإعلام المختلفة أو إرسالها إليه لخلق حالة حوار مجتمعي واسع، يمكن على أساسه التوصل إلى دور محدد للمجلس في ظل المنظومة الثقافية المصرية، مؤكدا على أن الإجماع على فكرة معينة ليس هو الهدف ولكن التوافق على توجه عام، أو أن تحظى الفكرة بتأييد كتلة حرجة من المثقفين، يمكن على أساسها البناء. ورغم حرصه على عدم إبداء رأيه فيما يخص استقلال المجلس عن الوزارة، كونه أمينا على المجلس يقوم بدور منوط به وهو الحفاظ على العلاقة بين المجلس والمثقفين والتوافق العام بين جموع المثقفين وتهيئة مناخ يسمح بتداول الأفكار بحرية، يقتصر دوره في الحوار حسب كلامه على طرح الأسئلة، إلا أنه أكد على أهمية أن تكون هناك جهة مستقلة لمراجعة عمل أجهزة الوزارة كنوع من الرقابة السياسية، كما أكد على ضرورة مشاركة الجماعة الثقافية في صنع وتنفيذ السياسة الثقافية. وعاد دكتور عز ليؤكد على أن اسقاط النظام القديم يقتضي ألا يتخذ قرار يهم جموع المثقفين دون دراسة وحوار حقيقي، أملا أن يتم ذلك خلال ستة أشهر من الآن لتحقيق إعادة هيكلة المجلس بالكامل. وفي هذه الأثناء، سيتم إعادة تشكيل جميع لجان المجلس بطريقة جديدة، لم يتم تحديدها بعد! لكنها ستعطي الفرصة لظهور العديد من الوجوه الجديدة. وأشار دكتور شكري إلى أهمية مد الحوار مع المشتغلين بالثقافة المستقلة ليس بهدف ضمهم إلى حظيرة المؤسسة الرسمية، لأن ذلك يعكس رؤية سلطوية للمجلس يجب التخلص منها، ولكن بهدف دعم هذه الثقافات كي تحيا وتستمر، فالمجلس أداة لضخ دماء جديدة في الجسد الثقافي.