قام المصريون بثورتهم ضد الظلم والفساد والنهب والاستبداد، وضد التنظيمات المزورة وضد القوانين الظالمة وعلى رأسها الدستور الفاسد... وكما سقط الحاكم ونظامه وتنظيماته ، كان من الواجب سقوط دستوره المعيب الذى فصّله ترزيته للسيطرة ... وكان عجيبا أن يحاول بعض جهابذة القانون فى الأيام الأولى للثورة إيجاد مخرج يضمن استمرار مبارك فى منصبه بدعوى أنه طبقا للدستور من يملك حق تعديل الدستور... وهذه مغالطة .. فالشرعية الثورية خلعت عن نظام مبارك شرعيته الزائفة التى لو كانت صحيحة ما كان للثورة أن تقوم... منذ بداية الثورة لم تستسلم القوى المضادة واستخدمت أوراقها بكل وحشية فى جمعة الغضب وأربعاء الحيوانات وهجوم البلطجية، وراوغ مبارك مرات ومرات... ونجحت الثورة فى إسقاط النظام بفضل وعى الثوار وإصرارهم.... وخلال الشهر الفائت أخرج الشياطين من جعبتهم الكثير: دفع البلطجية ، وتشجيع الاحتجاجات الفئوية، وإشعال الفتنة الطائفية، وتسريب بعض مستندات من أمن الدولة لعلها تشغل الناس كما كان يحدث فى السابق عندما كان المجتمع ينشغل بأخبار المشاهير والفنانات..... كل ما سبق جعل الفأر يلعب فى عبى عندما تخيلت سيناريو آخر للأحداث... فبعد عشرة أيام سوف يستفتى الشعب على تعديل الدستور...... وهذا أمرغريب ... فقد قامت الثورة العظيمة ضد الدستور الفاسد الملىء بسلطات امبراطورية للحاكم.. وبه مواد عفا عليها الزمن كنسبة العمال والفلاحين بمجلس الشعب.. كما يخلو من آلية محاسبة الرئيس والوزراء ... فهل ضحى الشهداء بأرواحهم للاستفتاء على هذا الدستور الهزيل؟ قد لاينتبه بعضنا إلى أن التصويت ب نعم يعنى الموافقة على تعديل بعض المواد ويعنى أيضا الموافقة الضمنية على بقاء بقية المواد دون تعديل!!! أى أن الشعب مدعو للاستفتاء على بعض رتوش قى الشكل ( طريقة انتخاب الرئيس) مع بقاء البناء الرئيسى للدستور (سلطات الرئيس). وأسأل بصراحة كان الانفلات الأمنى والاحتقان الطائفى وأحداث مقرات أمن الدولة تخطيطا جهنميا و( اشتغالات) لملء صفحات الفيس بوك وإلهاء الثوار بأمور تشغلهم عن عن مطلب أساسى من مطالبهم التى هتفوا بها وسجلوها فى لافتات ميدان التحرير وهو إلغاء الدستور الفاسد ووضع دستور جديد...إلى أن يحل موعد الاستفتاء وتقع الفاس فى الراس؟ .... وماذا لو كانت الثورة المضادة تجهز نفسها ليوم الاستفتاء ؟ ماذا لو كانت نتيجة الاستفتاء: ( لا) ، وهناك نسبة كبيرة من الثوار يظنون أن التصويت ب لا هو الموقف الصحيح؟ ساعتها سوف يبقى الدستور الفاسد بأكمله مكتسبا شرعية جديدة. أيها الثوار لقد شغلوكم بأمور فرعية حتى يحين موعد الاستفتاء.. ساعتها تكونون أمام أمرين كلاهما مر: إما أن توافقوا على التعديلات و يكون الدستور المرقع هو دستور الثورة . وإما أن ترفضوا التعديلات فيبقى دستور حسنى مبارك بأكمله أبا لقوانينكم. فماذا ستفعلون أيها الثوارفى مأزق ما بعد 19 مارس؟ الدستور المرقع أمامكم ودستور حسنى مبارك من ورائكم. سوف تكونون خارجين عن الصف إن أعلنتم رفضكم لنتيجة الاستفتاء. من سيوافقكم على القيام بثورة أخرى ضد الدستور القديم الجديد الذى استفتى عليه الشعب وارتضاه؟ هل تصغى لكم الحكومة؟ هل يستجيب لكم الجيش؟ هل يتحملكم الشعب؟ هل...؟ هل....؟ هل.....؟