تضاربت تصريحات الجيش الأمريكي حول الحالة الصحية لنائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز الذي يرقد حالياً في مستشفي عسكري أمريكي في العراق، ما بين إصابته بجلطة دماغية ثم العودة لنفي هذه التصريحات، وما بين التصريح باستقرار حالته الصحية، مما أثار مخاوف عائلته، ودفع نجله الأكبر زياد عزيز، المقيم في عمان، إلي مناشدة المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان أن تتدخل لطمأنته علي الحالة الصحية لوالده. وكان طرق عزيز قد أدين للمرة الأولي في مارس 2009 بالسجن 15 عاماً بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» في قضية إعدام 42 تاجراً في بغداد عام 1992 بتهمة التلاعب بأسعار المواد الغذائية وقت أن كان العراق خاضعاً لعقوبات الأممالمتحدة. كما أصدرت المحكمة في أغسطس 2009، حكماً بسجنه سبع سنوات لإدانته بقضية التهجير القسري لجماعات من الأكراد الشيعة من محافظتي كركوك وديالي في ثمانينيات القرن الماضي، لكن المحكمة أعلنت كذلك في مارس 2009، براءة عزيز في قضية «أحداث صلاة الجمعة» نظراً لعدم تورطه أو ثبوت أي شيء ضده. وطارق عزيز كان المسيحي الوحيد في صفوف القيادة العراقية التي كانت غالبيتها العظمي من العرب السنة، خاصة من أبناء مدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين، ورشحه إتقانه للغة الإنجليزية وقدرته علي الظهور كصوت معتدل للنظام العراقي علي الساحة الدولية بعد توليه وزارة الخارجية إبان حرب الخليج الثانية عام 1991، وكان المتحدث باسم الحكومة، الأمر الذي جعله دائم الظهور في وسائل الإعلام الغربية. بدأت علاقة طارق عزيز بصدام حسين في أواخر الخمسينيات من خلال عضويتهما بحزب البعث الذي كان محظوراً في ذلك الوقت، وكان يمارس العمل السياسي السري بهدف الإطاحة بالنظام الملكي المدعوم من قبل بريطاينا. أهله العمل في مجال الصحافة لتولي أول منصب وزاري في حياته السياسية، إذ عين عام 1970 وزيراً للإعلام، حيث شغل هذا المنصب لمدة سبع سنوات انضم بعدها لمجلس قيادة الثورة، ومن ثم رشحه قربه من الرئيس الراحل صدام حسين الذي لم يكن شغوفاً بالسفر إلي الخارج لتمثيله علي الساحة الدولية من خلال تعيينه وزيراً للخارجية. ونجح عزيز إلي حد كبير في هذا الموقع، إذ استطاع خلال فترة قصيرة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة بعد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي حينذاك رونالد ريجان في البيت الأبيض عام 1984 بعد قطيعة دامت أكثر من 17 عاماً، كما تمكن من تأمين دعم الولاياتالمتحدة لبغداد أثناء حرب الخليج الأولي ضد إيران في الثمانينيات بعد إقناع الرئيس ريجان وموفده الخاص دونالد رامسفيلد بأن العراق يمثل حاجزاً أساسياً في وجه إيران، فيما استطاع بحنكته الدبلوماسية إقامة علاقات اقتصادية قوية مع الاتحاد السوفيتي السابق. ولعب عزيز دوراً كبيراً علي الساحة الدولية في فترة التوترات التي أعقبت الغزو العراقي للكويت، والحرب التي أعقبته، حيث كان يقود المفاوضات مع الأممالمتحدةوالولايات قبيل بدء حرب الخليج الثانية وإخراج القوات العراقية من الكويت، كما تصدر عزيز واجهة الأحداث عام 2003 قبل غزو العراق من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها معلنا أن العراق لا يمثل مصدر تهديد عسكري، لكنه كان متأكداً من حتمية وقوع الحرب التي كانت حسب رأيه بسبب النفط والعامل الإسرائيلي. وكان عزيز واحداً من 55 اسماً في القائمة التي أعدتها السلطات الأمريكية بعد الغزو الأمريكي للعراق، والتي ضمت مسئولي نظام صدام حسين، وكان ترتيب عزيز الثالث والأربعين، وقد سلم عزيز نفسه للقوات الأمريكية بعد شهر من احتلال العراق.