يوم الجمعة الماضي تساءل الناقد الموسيقي «أشرف عبد المنعم» علي صفحات «الأهرام» كيف وزع الموسيقار الكبير «محمد عبد الوهاب» السلام الوطني «بلادي بلادي» الذي صاغه لحناً «سيد درويش»، وصار هو سلامنا الوطني بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 79؟! وقال «أشرف» إن الموسيقار الكبير لم يكن يوزع حتي ألحانه لأن علم التوزيع الأوركسترالي يحتاج لدراسة أكاديمية متخصصة و«عبد الوهاب» كان ملحناً استثنائياً ولا شك في الموسيقي الشرقية لكنه لم يتلق تعليماً أكاديمياً يتيح له توزيع أغنياته و«عبد الوهاب» مثل أغلب الملحنين كان وراء إبداعهم موزعون نادراً ما يذكر أسماءهم مثل «أندريا رايدر»، «علي إسماعيل»، «حافظ سلامة» والد كل من جمال وفاروق سلامة، «إبراهيم حجاج»، «فؤاد الظاهري» وغيرهم.. ولم يثر أحد من قبل قضية التوزيع الموسيقي في مصر والكل يعلم أن عدداً كبيراً من قائدي الفرق الموسيقية هم الذين يتولون الآن توزيع موسيقي كبار الملحنين ولم نتعود أن نذكر اسم موزع الأغنية إلا فقط في السنوات الأخيرة.. قضية النشيد الوطني محاطة بالطبع بالكثير من المحاذير فهو تكليف من الرئيس «أنور السادات» إلي «محمد عبد الوهاب» وأصدر الرئيس مرسوماً بأن يصبح «عبد الوهاب» لواءً حتي يقود فرقة الموسيقي العسكرية وكان الهدف هو إضفاء حالة من الإحساس الشعبي لاستقبال الرئيس «السادات» مدعمة أيضاً بأكبر رموز الموسيقي في العالم العربي.. وذهب «عبد الوهاب» إلي المطار ولكنه لم يرتد بذلة اللواء واكتفي فقط بزي العميد؛ حيث إن قائد الموسيقي العسكرية كان برتبة عميد.. القضية ظلت محاطة بقدر من الهيبة السياسية لأن النشيد الوطني يتم تغييره من «والله زمان يا سلاحي» والذي كان يحمل في العمق دعوة لحمل السلاح وتحرير الوطن إلي حالة من عشق الوطن، وكان الرئيس «السادات» هو صاحب هذا الاقتراح لتتواكب كلمات ولحن النشيد الجديد مع دعوة السلام.. من المؤكد أن «عبد الوهاب» لم يقم بالتوزيع هذه الحقيقة يعرفها كل المعاصرين مثلما لم يوزع «كمال الطويل» نشيد «والله زمان يا سلاحي» الذي لحنه وكتبه «صلاح جاهين» وغنته «أم كلثوم» بتوزيع «أندريا رايدر»، أما الذي تولي مسئولية «بلادي بلادي» فإنه عازف الأوكرديون والموزع الموسيقي والملحن «مختار السيد» الذي رحل قبل 14 عاماً، ولو أعاد التليفزيون تسجيل استقبال عبد الوهاب وفرقة الموسيقي العسكرية للرئيس «أنور السادات» في مطار القاهرة سوف نلاحظ وجود «مختار السيد» علي أرض المطار بجوار «محمد عبد الوهاب».. قبل 25 عاماً كتبت مقالاً عن تلك الواقعة ولم يعترض أحد لا «عبد الوهاب» ولا «مختار السيد» ولكن لا أحد يريد أن يقلب في الصفحات القديمة؟!