رغم أن المسافة بين مصر هوليوود الشرق وبين ايران أقرب من المسافة بينها وبين أوروبا وأمريكا الا أن صرخة المخرج الايرانى "جعفر باناهى" بعد الحكم المتعسف بسجنه ومنعه من الاخراج 20 عاماً وصلت الى الأذان الأبعد فى الغرب وازعجته وحركت فيه انسانيته، وبقيت الآذان العربية عموماً بليدة وصماء لا يعنيها الأمر، ونسأل لماذا السينما المصرية لا تعرف العالمية؟ ولماذا يظل مهرجان القاهرة مجرد شو يستمر لأيام دون تأثير فنى أو فكرى كبير؟ ببساطة لاننا نتصرف بمحلية شديدة رغم الطمع فى التواجد العالمى .. مؤسسات السينما التابعة للدولة لا يُنتظر منها ان تُسجل موقفاً مستقلاً بعيداً عن الحساسيات السياسية، فهى لن تجرؤ على دعم فنان ايرانى مضطهد حتى لو كان معارضاً للنظام الايرانى المكروه من النظام المصرى أكثر من العدو الاسرائيلى نفسه، فالنظام ومؤسساته لا تحب المعارضة لله فى لله حتى لو كانت فى ايران، وموقف مصر والدول العربية المقاطع لحفل تسليم جائزة نوبل للسلام لمعارض صينى مسجون يؤكد ذلك. جزء من عالمية السينما المصرية الاندماج فى الحركة السينمائية العالمية، أن تصبح ذات نفوذ ومسموعة الصوت. بعيداً عن حسابات السياسة وحالة الحساسية نحو ايران وكل ما هو ايرانى الدفاع عن شخص مظلوم يدافع عن حق الانسان فى الحرية أمر واجب خاصة من أصحاب المهنة الواحدة. لن تصبح السينما المصرية عالمية فقط باستضافة بعض نجوم هوليوود كل عام فى مهرجان القاهرة السينمائى، أو بصنع أفلام تحمل مواقف خجولة بينما لا يستطيع السينمائى نفسه تسجيل أى موقف حقيقى على أرض الواقع، وأكبر موقف ثورى سينمائى كان حينما قررت مؤسسات السينما والتمثيل فى غيبة عقل مقاطعة السينما والفن الجزائرى بعد مباراة كرة قدم، وهو أمر انتهى فجأة بعد لقاء الرئيس مبارك والرئيس الجزائرى. فور اعلان السلطات الايرانية منذ أيام عن الحكم بسجن المخرج الايرانى "جعفر بناهى" وزميله "محمد رسولوف" مدة 6 سنوات وحرمانهما من ممارسة الاخراج وكتابة السيناريو والسفر خارج ايران لمدة 20 عاماً انطلقت النداءات الدولية من مختلف رموز السينما فى العالم ومن رؤساء المهرجانات الدولية التى استضافت بناهى وأفلامه سابقاً، المخرج الأمريكى "مارتن سكورسيزى" كان أول من صرح بصدمته من الحكم المتعسف ضد بناهى وقال فى بيان أرسله للصحف ووكالات الأنباء العالمية قال فيه: "شعرت بصدمة وخيبة أمل بأخبار ادانة جعفر باناهى ومحمد رسولوف، انه أمر محبط تخيل دولة لا يثق بمواطنيها وتلجأ إلى حبس أي شخص له رأي مخالف. كصناع للسينما، نحتاج جميعا إلى الوقوف لدعم باناهى ورسولوف. وينبغي أن نشيد بشجاعتهم ونتبنى حملة قوية للإفراج عنهم فورا". موقف سكورسيزى تلاه عدد من المواقف المتتالية منها موقف رئيس نقابة المخرجين الأمريكيين "تايلور هاكفورد" الذى قال: "أننا غاضبون من هذه المحاولة لسجن وإسكات السيد بناهي المخرج صاحب الشهرة العالمية، جنبا إلى جنب مع مخرج زميل له هو محمد رسولوف الذي حكم عليه بنفس الحكم. نحن نتفهم جيدا أهمية حرية التعبير الخلاقة للوصول إلى حرية الفرد، والفن، والثقافة وحقوق الإنسان، ونعارض أية محاولة لقمع حقوق الفنانين للمشاركة في التعبير الإبداعي. أننا نقف جنبا إلى جنب كمجتمع فن السينما في العالم للاحتجاج على هذا العمل غير القانوني. ونحث الحكومة الإيرانية إلغاء قرارها الخاطىء واطلاق سراح السيد بناهى والسيد رسولوف". بالاضافة الى هؤلاء أعلن ستيفن سبيلبرج وفرانسيس فورد كوبولا وروبرت ريدفورد دعمهم لباناهى فى بيانات منفصلة. هذا الدعم الهوليوودى سبقته حملة أخرى أوربية لدعم باناهى وزميله، عدد كبير من المؤسسات السينمائية الأوربية مثل رابطة السينما الأوربية، ومؤسسات السينما فى فرنسا وسويسرا، والمهرجانات الأوربية المرموقة مثل كان وبرلين ولوكارنو وكارلو فيفارى وغيرها اعلنت دعمها وتضامنها مع باناهى ورسولوف وطالبت بالافراج عنهما. عدد من المهرجانات الأوربية أعلنت ترشيحها لباناهى لعضوية لجنة التحكيم مثل مهرجان برلين فى دورته القادمة لعام ، وبالاضافة الى ذلك أطلقت وثيقة على الانترنت تطالب باطلاق سراح بناهى وصل عدد الموقعين عليها الى 11703 خلال أيام قليلة.. المحنة التى يتعرض لها باناهى والتى تمثلت فى هذا الأحكام الظالمة التى تهدف الى تدمير حياته الفنية وحرمانه من التعبير عن رأيه تحتاج الى موقف داعم من كل سينمائى مخلص، الأمر انسانى وفنى بعيد عن الحسابات السياسية، وليس أقل من دعم المهرجانات العربية والمصرية سواء كمؤسسات لها ثقلها، أو كأفراد فلن يكلف الأمر أكثر من بيان صغير وبعض الشجاعة وتفعيل المبدأ الأخلاقي لنصرة المظلوم.