قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية –السبت- إن الانتخابات الجارية الآن في مصر والأردن ووثائق ويكيليكس تؤكد وجود أنظمة محافظة في المنطقة تصارع من أجل بقائها. ففي الأردن، يعتمد القصر الملكي على المحافظة على الاستمرارية. وتمت المحافظة على التوازن الطفيف بين ممثلي الهاشمية وبين نظائرهم الفلسطينيين في البرلمان. وقد تم تعيين سمير الرفاعي رئيسًا للوزراء مرة أخرى، بالإضافة إلى إن ثلثي الفريق الوزاري السابق سيتمر في مناصبه. أما بشأن المحتجين على نتائج الانتخابات، فقد تم التعامل معهم بسرعة وأمانة. وفي الانتخابات البرلمانية المصرية عام 2005 - التي كانت عادلة نسبيًا - فاز الإخوان المسلمون ب 88 مقعد من 454 مقعد في أوج خضوع النظام لضغط الأمريكيين، الذين كانوا يدعون ويشجعون على تحقيق الإصلاح الديمقراطي في المنطقة. وفي ظل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وجولتها الثانية بداية هذا الأسبوع، طبق النظام المصري الدروس التي كان قد تعلمها واتخذ موقفًا صارمًا تجاه المرشحين غير المدرجين ضمن الأحزاب المركزية. وقد تبع ذلك قرار الرئيس الأمريكي جورج دابليو بوش خلال دورته الرئاسية الثانية، بالتخلي عن رؤيته حول تحقيق شرق أوسط ديمقراطي وفكرة إن خليفته باراك أوباما لم يهتم بتجديدها. وظاهريًا، تعتبر الإدارة في واشنطن أقل اهتمامًا فيما يتعلق بالإصلاح أو بالتساؤل حول الخلافة الرئاسية في مصر. وأشارت الصحيفة إنه تم حظر جماعة الإخوان المسلمين من الظهور ضمن لائحتها الخاصة، واهتمت الإدارة المصرية بجعل الإجراءات أصعب حتى تعيق مرشحي الحركة المتنافسين مع باقي الأحزاب. فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، على سبيل المثال، ظهرت تقارير للإعلام الدولي تفيد وجود مئات الاعتقالات واستبعاد عشرات المرشحين. ومن ثم فإن إعلان جماعة الإخوان المسلمين عن عدم فوز مرشح واحد فقط من مرشحيها لا يثير الدهشة. وبذلك، لن يكون هناك من يمثل الإخوان في دورة مجلس الشعب الثامنة. وقالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد تناقشوا بالفعل لطريقة تعامل حكومة مبارك مع الانتخابات، ولكن من خلف الأبواب المغلقة. حتى إن وزارة الخارجية لم تصدر بيان باهتمامها بشأن هذه المشكلة إلا بعد تظاهر الكثير من الأشخاص في أمريكا وأوروبا احتجاجًا على المضايقات التي يتعرض لها المعارضين ومؤيديهم. وبدوره اعترض المتحدث الرسمي باسم الرئيس المصري على الانتقادات الأمريكية وتقرير وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الماضي حول حرية العقيدة في مصر، وتساءلت الصحيفة الإسرائيلية :"لكن، أليس من المفترض أن يشكك الأمريكيون أيضًا في شرعية الانتخابات بصفة عامة.وقالت إن النظام المصري لن يسمح بالحديث عن مسألة الخلافة الرئاسية إلا في حدود وسوف يضرب بيد من حديد أي تصريح آخر للمعارضة يتعلق بخليفته أيًا كان هو" على حد قول الصحيفة. وأشارت هآرتس إلى أن وثائق ويكيليكس التي أظهرت الأنظمة العربية المعتدلة والمحافظة وموقفها تجاه إيران. ففي برقية صدرت أول عام 2009 من السفارة الأمريكية في القاهرة، لوحظ إن الرئيس مبارك يكن عداء بالغًا تجاه الإيرانيين المهتمين بتقويض الاستقرار في مصر وفي المنطقة، وخصوصًا، "إن مصر تنظر إلى إيران على إنها تهديدها الأعظم على المدى الطويل، حيث إنها تتطور نوويًا وتسعى إلى تصدير "ثورتها الشيعية." وذكرت إن مبارك قد ساند موقف الزعماء العرب علنًا فيما يتعلق بهذه القضية. وإن ملك الأردن عبد الله الثاني حذر من أمريكا التي سوف تؤدي إلى تفاقم الاختلاف في العالم العربي وستهدي الأنظمة العربية الضعيفة إلى إيران. وأضافت هآرتس إن ويكيليكس لم تضف شيئًا جديدًا سواء في تقاريرها أو في وثائقها المتعلقة بكيفية تعامل أنظمة الشرق الأوسط بحملاتهم الانتخابية. ولكنها، أشارت إلى الصراع القائم بين القوتين المركزيتين في المنطقة ألا وهما: "المحافظين" أو المؤيدين للغرب و"المتطرفين" أو المؤيدين لإيران. فالضرر الذي لحق بموقف أمريكا وبغياب عملية سلام ذات مغزى بين إسرائيل وجيرانها، له آثار مترتبة على نتائج هذا الصراع. فمن جانب، إنه في الوقت الذي تمر المنطقة بمثل هذه الاختلافات والصراعات، ليس من الحكمة أن تتخذ إسرائيل قرارات مصيرية فيما يتعلق بعلاقاتها مع الدول المجاورة الأكثر حميمية معها. ومن جانب آخر، إن الوضع الراهن لا يخدم مصالح إسرائيل على المدى الطويل. وقالت هآرتس إن العملية الدبلوماسية بين فلسطين وإسرائيل – حتى وإن كان هدفها التوصل إلى حلول مؤقتة - سوف تسهل الأمور على العناصر المعتدلة في المنطقة. فسوف تمكنهم من خلق آليات مع إسرائيل للتعامل مع المشكلات مثل مشكلة المياه والطاقة والموصلات. وسوف تسهل عملية التنمية الاقتصادية التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الصراع القائم بين الفرق المستقطبة في الشرق الأوسط. ومن ثم، ينبغي على إسرائيل المبادرة بتجديد العملية الدبلوماسية بدلاً من الاستمتاع بقراءة وثائق ويكيليكس التي تثبت إنه من وجهة نظر الفريق المحافظ المتحضر في العالم العربي، إن قضية إيران هي المشكلة الأساسية وليست قضية فلسطين.