«الخلاف علي التوريث» و«التشكيك في استقلال القضاء» حولا الجمعية العمومية لنادي قضاة الإسكندرية إلي «معركة» المستشار عزت جودة فيما اعتبرها البعض «مكافأة نهاية الخدمة»، فاز المستشار «عزت عجوة» المحسوب علي الحكومة برئاسة نادي قضاة الإسكندرية فوزاً متوقعاً استطاع به أن يعوض مرارة هزيمته أمام تيار استقلال القضاء في مرتين متتاليتين عندما انتزع منه المستشار «محمود الخضيري» رئاسة النادي عام 2004 وفشل «عجوة» في استرداده بعدها. إلا أن القضاة يبدو أنهم أبوا علي «عجوة» أن يتقاعد بهزيمة ثالثة له ليفوز «عجوة» في معركته المصيرية وفرصته الأخيرة قبل تقاعده بعد عامين، ويخرج المستشاران «فكري خروب» المحسوب علي تيار الاستقلال و«محمد علي إبراهيم» المحسوب علي التيار المعتدل خروجاً متوقعاً أيضاً بعد تفتيت الأصوات بينهما وفشل جميع المفاوضات التي أجراها شيوخ القضاة مع كليهما لإقناع أحدهما بالانسحاب لصالح الآخر فخرجا معاً. في حين كان المستشار «فكري خروب» هو الخاسر الأكبر في المعركة الانتخابية بحصوله علي أقل الأصوات وربما أقل مما توقعه له أكثر المتشائمين «126 صوتاً» ساهم في ذلك استغلال أنصار «عجوة» واقعة حدثت قبل الانتخابات بأيام عندما دخل «خروب» إلي غرفة عدد من أعضاء النيابة أثناء جولاته الانتخابية فوجدهم يحتفلون بعيد ميلاد ضابط شرطة، وهو ما رفضه «خروب» معتبراً ذلك تداخلاً غير حميد بين السلطتين القضائية والتنفيذية، ويبدو أن تصعيداً قد تم في الأمر كاد يحيل وكلاء النيابة الذين احتفلوا بعيد ميلاد ضابط الشرطة للتحقيق بسببه، حيث جري الاحتفال في مكان عملهم الرسمي، إلا أن «خروب» عاد وتدخل بفض المشكلة، وهي الواقعة التي استغلها أنصار «عجوة» ضد «خروب» أفقدته جميع أصوات أعضاء النيابة وذهبت بها إلي «عجوة» ليفوز ب« 557» صوتاً. أما المستشار «محمد علي إبراهيم» الذي حاول الاستفادة بجميع امتيازات عدم انتمائه لأي من التيارين المتناحرين «استقلال وحكومة» فقد كان الأكثر هدوءاً وثباتاً بين المرشحين الثلاثة، حيث خاض الانتخابات بهدوء وخسرها بهدوء، وغادر النادي بهدوء عقب ظهور المؤشرات الأخيرة بفوز «عجوة» وقبل إعلان النتائج محتفظاً بترتيب وسطي يناسب أفكاره «377 صوتاً» علي الرغم من أنه كان الأوفر حظاً بين المرشحين الثلاثة، ورجحت جميع المؤشرات كفة فوزه، إلا أن الرغبة في منح «عجوة» مكافأة نهاية الخدمة حسمت النتيجة حتي لو كانت المكافأة لن تتجاوز «الأشهر التسعة» هي المدة المتبقية من المجلس الحالي الذي جرت الانتخابات لاستكمال مقعدين للرئاسة وعضو نيابة فيه. وإذا كان فوز «عجوة» متوقعاً فإن الأحداث التي شهدتها الجمعية العمومية التي أعقبت إعلان النتائج كانت خارج جميع التوقعات، حيث تحولت الجمعية إلي ما يشبه «معركة» بين «تيار استقلال القضاء» وبين «التيار المحسوب علي الحكومة» بسبب الخلاف علي عدة أمور لعل أهمها التشكيك في استقلال القضاء. وهي المعركة التي بدأها المستشار «قدري عيسي» المحسوب علي الحكومة عندما أرسل تحياته إلي وزير العدل عقب فوز عجوة معتبراً الوزير جزءاً من السلطة القضائية، وهو ما رفضه تيار الاستقلال، حينما صعد «محمود أبوشوشة» عضو مجلس إدارة النادي وأحد رموز شباب تيار الاستقلال إلي المنصة مبدياً اعتراضه علي اعتبار وزير العدل جزءاً من السلطة القضائية، وهو ما دعا «عيسي» إلي التراجع، مؤكداً أنه لم يقصد ذلك، في حين تساءل المستشار «عادل العليمي» عن أسباب الزج باسم وزير العدل في كل الأمور بمناسبة وغير مناسبة. غير أن الخلاف اندلع مرة أخري عقب إلقاء المستشار المتقاعد «إسماعيل البسيوني» كلمته التي طالب فيها بتوريث القضاء لأبناء المستشارين ومنحهم الأولوية في تعيينات النيابة. وهو ما قوبل باعتراض شديد من تيار الاستقلال، حيث عاود «محمود أبوشوشة» الصعود إلي المنصة، قائلاً ل «البسيوني»: «إن القضاء لا يورث والتيار يرفض التوريث بكل أشكاله، خلاف آخر ثار بعدها حول دعوة «التيار المحسوب علي الحكومة» لتعديل اللائحة الخاصة بالنادي، خاصة في تلك الفقرة المتعلقة ببقاء رئيس النادي في موقعه حتي بعد تقاعده، وهو ما رآه تيار الاستقلال محاولة لتقنين بقاء «عجوة» رئيساً للمجلس في حال فاز بالانتخابات القادمة حتي بعد تقاعده المقرر له بعد عامين، فرفض التيار تعديل اللائحة ورأي أن التعديل يجب أن يخدم جموع القضاة لا شخص بعينه، وذكر أنه تم إلغاء انتخابات التجديد الثلثي علي مقعد الرئيس في جميعة سابقة دون أن يعرف القضاة علي أي شيء أخذت موافقتهم. وقبل أن تحتوي أزمة «تعديل لائحة النادي» اندلعت المعركة الكبري التي انفضت الجمعية العمومية علي إثرها، فبينما كان المستشار «عادل العليمي» يتحدث عن ديمقراطية القضاة وسماعهم للرأي والرأي الآخر، وكون القضاء مدرسة الديمقراطية في مصر، ثم حديث آخرين بعده لوقت طويل من هؤلاء المحسوبين علي الحكومة حول الاستقلال التام الذي ينعم به القضاء في مصر وعدم وجود أدني رغبة لدي السلطة التنفيذية في المساس باستقلال القضاء لأن الحكومة من مصلحتها وفق قولهم أن يكون القضاء مستقلاً، فإن صعود المستشار «محمد عوض» من تيار الاستقلال وتشكيكه في استقلال القضاء في مصر وقوله إن القضاء في مصر ليس مستقلاً قد حول الجمعية إلي «معركة» بين «تيار الحكومة» و«تيار الاستقلال». حيث تساءل «عوض» إذا كان القضاء في مصر مستقلاً، فلماذا لم يتم تحريك الدعوي حتي الآن ضد مستشار وزير الزراعة «حسن عبدالرحمن» وكيف هرب صاحب عبَّارة «السلام» من مصر رغم بقائه فيها 42 يوماً عقب الحادث؟! ولم يستطع «عوض» أن يكمل كلمته بعدها عندما دافع آخرون عن استقلال القضاء وزادت الأزمة عندما اعتذرت المنصة عن كلمة «عوض»، مما دعا تيار الاستقلال لأن يرفض الحجر علي آرائه والاعتذار باسمه فتم قطع الصوت علي «عوض» أثناء حديثه وإجباره علي إنهاء كلمته لتتحول الجمعية بعدها إلي فوضي واشتباكات لفظية بين تيار الحكومة وتيار الاستقلال لتضيع هباء محاولات المستشار «عزت عجوة» لاحتواء الموقف لعدم إفساد ليلته حتي مع قوله إن: «استقلال القضاء في مصر لا نظير له في العالم»، من جانبه، وفي أول رد فعل له عقب خروجه من الانتخابات، قال المستشار «فكري خروب» في تصريحات خاصة ل «الدستور»: لن أعلق علي نتيجة الانتخابات لأن هذه إرادة القضاة ويجب أن احترامها، وسأظل أحاول إيصال أفكارنا سواء كنا داخل المجلس أو خارجه والحياة مستمرة. أما المستشار «أحمد مكي» فقد رأي أن النتيجة لصالح «عجوة» كانت متوقعة منذ البداية بعد أن وعد «عجوة» القضاة بتخصيص مبان وأراض لهم، وعلق علي أحداث الجمعية العمومية قائلاً: «إن الأمور في نادي الإسكندرية لن تستقيم إلا إذا استعاد نادي مصر دوره».