يعيش حزب الديمقراطيين الأمريكي أوقاتاً عصيبة مع بدء التصويت في إنتخابات التجديد النصفي لمجلسي الشيوخ والنواب بالإضافة إلى انتخاب معظم حكام الولايات، حيث تشير معظم التوقعات إلى أن الجمهوريون سيحصلون على مقاعد الأغلبية في المجلسين وهو ما يعني عملياً الإطاحة بكل خطط الرئيس باراك أوباما سواء السياسية أو الإقتصادية. ففي مجلس النواب يحتاج الحزب الجمهوري ل39 مقعدا إضافيا لانتزاع الغالبية من الحزب الديمقراطي. أما في مجلس الشيوخ حيث يحظى الديمقراطيون بغالبية 59 مقعدا من أصل 100 فإنه يجب على الجمهوريين الفوز بعشرة مقاعد على الأقل كي يحصلوا على الغالبية، في الوقت الذي يسيطر فيه الديمقراطيون حتى اليوم على 26 مركزا للحكام والجمهوريون على 24. وستتيح سيطرة الجمهوريين على أحد مجلسي الكونجرس لهم التحكم بمستقبل التشريعات عند عرضها على التصويت مما يعقد إصلاحات الرئيس أوباما الذي بقي له عامان من ولايته ويجعلها عرضة للإجهاض أو الخضوع للتسويات. وقدرت استطلاعات الرأي ومحللون مستقلون مكاسب الجمهوريين بخمسين مقعدا على الاقل في مجلس النواب وهو ما يزيد كثيرا على 39 مقعدا فقط يحتاجونها لتحقيق الاغلبية في المجلس وانتزاع رئاسته من النائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي. وساعدت الظروف الإقتصادية التي يعاني منها الأمريكيون حالياً الحزب الجمهوري على بناء معارضته لأوباما على أساس قوي ومؤثر، وأفسح المناخ العام السائد في الولاياتالمتحدة الطريق أمام ظاهرة سياسية هي حزب الشاي وهو حركة محافظة تبدي قلقها من سياسات أوباما وتؤيد تقليص دور الحكومة وخفض الضرائب والانفاق. وتبنى المرشحون الجمهوريون أجندة داعية لخفض الضرائب وخفض العجز والعدول عن أجزاء على الاقل من اصلاح نظام الرعاية الصحية لكن أوباما سيكون له سلطة نقض المبادرات الجمهورية. وسيطرة الجمهوريين ولو على مجلس واحد فقط في الكونجرس ستعطل تمرير التشريعات وتضعف يد أوباما في معركة دائرة حول تمديد حقبة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش في خفض الضرائب ومعارك أخرى حول مشروعي قانونين للتغير المناخي والهجرة. وعن انعاكسات فوز الجمهوريون في الكونجرس على النظام المصري، اعتبر الدكتور عمرو حمزاوي كبير الباحثين بمؤسسة كارنيجي للسلام أنه في حالة فوز الجمهوريون بمقاعد الأغلبية بالكونجرس، ربما يعود التعامل الأمريكي مع النظام المصري إلى سنوات حكم إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، التي شهدت ضغوطاً وانتقادات أمريكية لانتهاكات حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية في مصر. وتوقع حمزاوي- في تصريحات لموقع الدستور الأصلي- أن يشكل الجمهوريون ضغطاً متزايداً على الرئيس أوباما فيما يتعلق بملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر، الأمر الذي سيدفع الإدارة الأمريكية إلى تبني انتقادات مباشرة للنظام المصري، خاصة في وقت تجرى فيه انتخابات برلمانية مصرية تشير كل التوقعات إلى أنها ستكون انتخابات مزورة ومزيفة. وأظهرت استطلاعات الرأي تقدما كبيرا للجمهوريين، فحسب الاستطلاع النهائي الذي أجرته مؤسسة "جالوب" أمس فإن 55% من الناخبين على يفضلون المرشحين الجمهوريين، في حين أكد 40% فقط أنهم سيصوتون لصالح الديمقراطيين. وبين الاستطلاع الذي أجرته وكالة رويترز للأنباء ومؤسسة إيبسوس أن 50% من الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم يخططون للتصويت لصالح الجمهوريين، مقابل 44% للديمقراطيين. وسعى الرئيس باراك أوباما إلى دعم فرص حزبه خلال الانتخابات عبر جولات مكثفة على الولايات شملت 14 منها خلال الشهر الماضي، في محاولة لتشجيع المصوتين الشباب والليبراليين والسود والمستقلين الذين رجحوا كفته قبل عامين على التصويت لصالح حزبه. لكنه أقر في تصريحات أدلى بها قبل بدء التصويت بأنها "انتخابات صعبة لأننا عبرنا فترة صعبة للغاية في السنتين الأخيرتين". وأضاف أوباما أن البطالة لا تزال مرتفعة، والناس مستاؤون من وتيرة التحسن بالتأكيد، حتى ولو أنقذنا الاقتصاد من تدهور ثان". وأضاف أوباما "لكن الحقيقة هي أننا بصدد إحراز تقدم، وكل الإحصاءات تدل على أننا في الاتجاه الصحيح". ويبلغ معدل البطالة الرسمي حاليا في الولاياتالمتحدة 9.6%، وهو أعلى مستوى له منذ 30 عاما.