إغلاق أكبر حزب سياسي في مصر إنه حزب جريدة الدستور , حيث أني أعتبر الدور الذي قامت به الجريدة طوال السنوات الماضية وتصديها للفساد والاستبداد , والمصداقية التي حققتها الجريدة والأسقف التي أزالتها, وتفاعل الجماهير معها وترقب الجماهير لمعرفة كل ما يدور في بر مصر من خلالها, وتشكيلها كتيبة من الكتاب والمحررين بما مثلوه من حراك ونضال ضد الفساد والاستبداد ...... أعتبر أن هذا الدور جعلها بحق أكبر حزب سياسي في مصر في تلك الفترة - في وقت جمدت فيه الحياة الحزبية واعتقلت الأحزاب داخل مقارها وانفصل معظمهاعن الأحداث والجماهير, بينما صارت جريدة الدستور بكتيبة العاملين فيها ومئات الألوف من قرائها وبوجودها في قلب الأحداث والجماهير هي أكبر فعالية سياسية يومية رسمية تتواصل مع أعضائها...... صارت الجماهير تترقب في كل صباح مقالة ابراهيم عيسى في الصفحة الأولى من الدستور , وحين تعجز الجماهير عن متابعة حدث ما -لاعتبارات سياسية- فإنها تترقب تفاصيله في الصباح بالدستور, وحين ترفض صحيفة ما نشر مقال لكاتب محترم فيطمئن القاريء أنه في الغد سيقرأه في الدستور), .... فجأة جاء القرار بإغلاق تلك الجريدة ( وهو قرار سياسي مائة في المائة وإن أخذ أشكال البيزنس والشركاء ومجالس الادارات والقرارات المالية أو الإدارية ) , جاء القرار بإغلاق تلك الجريدة ( أقول أنه قرار بالإغلاق رغم استمرار صدور جريدة باسم الدستور لكن المؤكد أن تلك الصحيفة التي تصدر لا تمت بصلة للدستور التي عرفناها والتي أغلقت بذلك القرارالمشؤوم) , أو قل هو قرار بحل ذلك الحزب الجماهيري الذي نجح في التواصل مع الناس رغماً عن لجنة الأحزاب ومحكمة الأحزاب , و والعجيب أنه قد عهد بتنفيذ قرار حل ذلك الحزب ( حزب جريدة الدستور) ليس لرئيس لجنة الأحزاب – الذي هو الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي ورئيس المجلس الأعلى للصحافة, كما حدث في حالات أحزاب العمل والوسط والكرامة وجريدة الشعب , ولكن عهد بتنفيذ المهمة هذه المرة إلى رئيس حزب ليبرالي معارض ( لديه حزب وجريدة محسوبين على المعارضة!!!), وقد كانت الآمال تتعلق بأن يقود ذلك الحزب وذلك الرئيس حركة المعارضة المصرية في تلك المرحلة الحرجة ,و بلغت تلك الآمال مداها حتى أن الأستاذ حمدي قنديل كتب له مقالاً – بمنظور تلك لآمال المعقودة عليه وقتها- تحت عنوان ( أقوى رجل معارضة في مصر), لكن أقوى رجل معارضة كما تمناه حمدي قنديل شارك في القضاء على حزب المعارضة الأول في مصر وهو حزب جريدة الدستور وأقال رئيسه !!!. لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض كان يوم 4 أكتوبر 2010 الذي أقال فيه د. السيد البدوي الأستاذ إبراهيم عيسى يوماً فارقاً في تاريخ الحريات العامة في مصر, بل ربما أقول في تاريخ مستقبل الحياة السياسية في مصر , ورغم ذلك مر علينا الموقف كأنها قضية خاصة بالأستاذ إبراهيم عيسى وبمحرري جريدة الدستور, ولم ننتبه إلى خطورة الموقف ورمزيته لشكل وطبيعة المرحلة القادمة, لم نتحرك للدفاع عن أنفسنا وحرياتنا ومستقبلنا ومستقبل اولادنا- متمثلاً في الدفاع عن ابراهيم عيسى وجريدة الدستور- وهو نفس الموقف الذي وقفناه كثيراً في السابق. وقفناه يوم تم تجميد حزب العمل وأغلقت جريدة الشعب ( واعتبرناه شأنا خاصا بحزب العمل وصحفيي الشعب) , ووقفناه يوم تم تفجير حزب الغد وسجن زعيمه و مؤسسه ( واعتبرناه شأناً خاصاً بالدكتور أيمن نور ورفاقه ) , ووقفناه يوم تم رفض الترخيص لأحزاب الوسط والكرامة (واعتبرناه شأناً خاصا بالمهندس ابوالعلا ماضي والأستاذ حمدين صباحي وزملائهم ) , ووقفناه يوم أصر النظام وأمنه وإعلامه على اعتبار الإخوان المسلمين جماعة محظورة ( واعتبرناه شأناً خاصاً بالاخوان المسلمين ) , ووقفناه يوم تم إحالة المستشارين البسطويسي ومكي للجنة الصلاحية وتم الاعتداء على القاضي محمود حمزة ( واعتبرناه شأناً خاصاً ببعض القضاة), ووقفناه أياماً طويلة متكررة سنوياً تم فيها الاعتداء على طلاب الجامعات وحرموا من ممارسة حقوقهم وتم تزوير إرادتهم بل تم تحويلهم للتحقيق ثم حرمانهم من دخول الامتحانات أو فصلهم لمجرد مطالبتهم بحقوقهم, بل تم تحويل المئات منهم إلى النيابة ظلماً وبدون جريمة ( واعتبرنا كل ذلك شأناً طلابياً لا دخل للنخبة والسياسيين فيه) , ووقفناه يوم تم إعتقال خيرت الشاطر وإخوانه وتمت إحالتهم للمحاكمات العسكرية ولبثوا في القيد بضع سنين بغير جريمة ( واعتبرناها قضية إخوانية ) , ووقفناه يوم تم إحالة مجدي حسين للمحكمة العسكرية وقضى في السجن عامين ( واعتبرناها قضية لها علاقة بالمقاومة الاسلامية فلم نقترب منها), وقفناه يوم تم إحالة رؤساء التحرير الأربعة للنيابة ( عيسى- قنديل- الابراشي- حمودة), ويوم أعيد تقديم ابراهيم عيسى للمحكمة وصدر حكم بحبسه, ويوم قدم الاعلامي الكبير الأستاذ حمدي قنديل للمحكمة (واعتبرنا كل تلك القضايا قضايا مهنية تخص الصحافة والنشر) وأخيراً وقفناه يوم اوقفت برامج تليفزيونية ومنع مقدمي برامج من التقديم وغلقت قنوات عديدة – دفعة واحدة- ( واعتبرنا كل ذلك قضايا فنية تخص مدينة الانتاج الإعلامي ووزير الإعلام وأصحاب القنوات )........
لقد وقفنا نتفرج على النظام وهو يقضي على منظومة الانتخابات بالكامل واحدة وراء الأخرى ( عمد القرى- عمداء الكليات- اتحادات الطلاب – اتحادات العمال- النقابات المهنية- نوادي هيئات التدريس- مجالس المحليات- مجلس الشورى –مجلس الشعب ), ووقفنا نتفرج وهم يجرون تعديلات دستورية منفردين بها كأنهم وحدهم أصحاب هذا الوطن , ووقفنا نتفرج وهم يفككون مصانع هذا الوطن ويبيعون شركاته ويسرحون عماله وينهبون خيراته وكاننا ضيوف في هذا الوطن!!! أقول لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض....كنت في جلسة طويلة مع زميلي النائب المحترم الأستاذ علاء عبد المنعم نستعرض تلك الوقائع والأحداث ونستشرف خطورة المستقبل القريب فقال أحدنا للآخر( يبدو أننا بنستعبط إذا لم نكن ندرك أن الدور علينا قريبا وقريباً جدا.......ماذا ننتظر؟؟؟ ما هي الخطوة القادمة المرتقبة؟؟؟ مصر رايحة فين؟؟؟ ). أخيراً: هل سنبقى جميعاً نتباكى على اللبن المسكوب وننتظر دورنا واحدًا بعد الاخر؟ أم يجب ان نتحرك لعمل سلمي مخطط مدروس نتوافق عليه جميعاً لندافع عن حقوقنا ونستنقذ ما بقي منها ,ونعيد لوطننا وشعبنا أملاً في فجر جديد يتحقق فيه للجميع الحرية والعدالة والكرامة والحياة الكريمة؟.
د.محمد البلتاجي هو الأمين العام المساعد لكتلة الإخوان بالبرلمان