لا أعرف بأي وجه يظهر علينا الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي ويتحدث عن التعليم وتطويره ومستقبل العلم والطلاب، بينما جامعاته وساحات الكليات مفتوحة سداح مداح لعساكر الأمن والبلطجية وضباط أمن الدولة يعتدون علي الطلاب داخل الحرم الجامعي والذي بات من الصعب والمؤلم وصفه بأنه «حرماً» فقد نزع الوزير عن هذا «الحرم» قدسيته وهيبته بعد أن سمح بالتدخلات السافرة التي يقوم بها الأمن في الأيام الماضية بجامعات الفيوم والمنوفية والمنصورة وعين شمس والإسكندرية بإدخال عناصر إجرامية وعساكر أمن في زي مدني تحمل معها أسلحة بيضاء وشوم للاعتداء علي الطلاب الذين يجمعون التوقيعات علي بيان التغيير وطلاب الإخوان المسلمين، ما حدث لا يمكن وصفه إلا بالبلطجة الرسمية التي تمارسها الدولة علي طلابها. أحداث البلطجة تؤكد أن هذا «الحرم» المأسوف عليه تحول إلي «مجزر» يديره وزير الداخلية وضباطه الذين يسيطرون علي الجامعة كليا بدلا من أساتذة الجامعات وعمداء الكليات. وهو التطور المرعب في السيطرة الأمنية الكاملة علي الجامعة التي بدأت من اختيار الأساتذة والعمداء ورؤساء الجامعات بدلا من انتخابهم وحتي التدخل السافر في أبحاث الدكتوراه والماجستير، إلي أن وصل الأمر إلي التعدي المباشر علي الطلاب بالضرب والإرهاب. سياسة «المجزر الجامعي» التي بدأ بها الدكتور أحمد زكي بدر وزير التعليم الحالي حين كان رئيسا لجامعة عين شمس وسمح لبلطجية مستأجرين من دخول «المجزر الجامعي» للاعتداء علي طلاب الإخوان عام 2006 حتي وصل الأمر لمداه ألقي هؤلاء البلطجية زجاجات المولوتوف علي طلاب وأساتذة الجامعة ورفعوا في الساحة المقدسة سابقا السيوف والسنج والمطاوي لإرهاب الطلاب وإثنائهم عن المشاركة في انتخابات اتحاد الطلاب، العجيب أن رئيس الجامعة الذي تمت في حرمها هذه الجريمة تمت مكافأته ورأت القيادة السياسية أنه يصلح أن يكون وزيرا للتربية والتعليم. فحذا رؤساء الجامعات من بعده نفس الحذو وتلقوا عنه سنته المبتدعة، لعلهم ينالون من ناله، لتصبح سياسة الجامعات في التعامل مع النشاط الطلابي المعارض للدولة نظام بلطجية الحارات والأزقة انتظارا للمكافأة السامية. حول الأمن الجامعة وأساتذتها الذين ارتضوا هذه السياسة إلي أراجوزات تلعب الحبل وتنام نوم العازب وتعمل عجين الفلاحة خوفا من تقرير ضباط ومخبري الأمن الذي قد يطيح بمستقبلهم المهني حتي وصل الأمر إلي عمداء كليات إلي النزول بأنفسهم إلي ساحات الكليات للاعتداء علي الطلاب وتمزيق دعايتهم ولوحاتهم. تحول مقام عميد الكلية إلي أدني مستوياته في عهد المجزر الجامعي حينما يرسل ضابط الحرس أحد عمال الأمن ليأمر العميد بحرمان الطالب الفلاني من الحصول علي كارنيه الكلية أو يحول طالباً آخر للتحقيق. التطور في سياسة مناهضة النشاط الطلابي وصل إلي دفاع الأساتذة وعلي رأسهم وزير التعليم عن استمرار وجود الحرس الجامعي داخل الحرم المقدس سابقا رغم أحكام القضاء التي قضت بإخراجه من هذه الساحة، ليكون هذا الدفاع الرسمي عن الحرس وثيقة تأكيد علي تحويل الجامعة إلي مجزر يحارب فيه النظام وأمنه وبلطجيته المختلفين معه حتي ولو كانوا طلابا لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاما.