هل رفع الأنبا بيشوي درجات تطرفه استعداداً لخلافة البابا شنودة؟ الأنبا بيشوي هو أقوي المرشحين لخلافة البابا، ولمعانه الأخير مرتبط بمداعبة مشاعر المستضعفين من المسيحيين، هاهو بابا حاد وعنيف أتي ليدافع عن الأقباط المساكين. ويرتبط اللمعان أيضا بمزاج التطرف السائد، ذلك الذي جعل الأزهر تلك المؤسسة المشهورة بالاعتدال تلتقي جبهة علماء الأزهر، التي تضم مجموعة علماء منشقين عن الخط «المعتدل» أو الأميل لمزاج الدولة، ظهر الانشقاق في لحظات ساخنة، لم يرق فيها اعتدال المؤسسة لعلماء أرادوا نزول ملعب المزايدة علي التعصب والتطرف في قضايا اجتماعية وثقافية، الجبهة..جمعية اجتماعية ليس لديها مشروعية سياسية، ولا علمية ( علي مستوي علوم الفقه والشريعة )ولا حضور في المجتمع ( علي مستوي التأثير الإيجابي في شرائح المتدينين المتباينة)، الجبهة تزهو وتتألق في لحظات الأزمات الكبري.. تداعب المستضعفين من المسلمين بخطاب يجعلهم يشعرون بأنهم يذوبون في كيان كبير، وأنهم ليسوا صغاراً ولا مستضعفين، فهم في جيش الدفاع عن الدين والعقيدة، مشاعر جذابة، تفرغ الإحباط، وتحوله إلي قنابل موقوتة؛ فالعاطل لن يشعر ببطالته ولن يبحث عن عمل أو لن يسعي لتغيير الواقع السياسي الذي ساهم في وصوله إلي حياة بائسة، السير في قطيع خلف المتطرف، يلغي العقل، ويستجمع طاقات الانتقام إلي حدها الأقصي، والوهم الكبير، إن كل هؤلاء الضعفاء سينصرون الله أو الرب في حرب من اختراع أمثال الأنبا بيشوي أو الذي ينافسه علي الجانب الآخر، الأنبا بيشوي يزهو ويتألق مثل علماء جبهة الأزهر، وكما طالبت الجبهة بمقاطعة المسيحيين، أفتي الأنبا بيشوي قبل فترة بتحريم تبرع المسيحي بالدم للمسلم، لأن دم المسيح يجري في عروق المسيحي، الفتوي ذكّرنا بها مينا ذكري علي التويتر أمس، وكشف بها أن تاريخ الأنبا بيشوي المتطرف، ليس وليد تصريحاته الأخيرة، لكنه خط يجد اليوم من يصطاده ويصنع منه بذور حرب أو شقاقاً واسعاً، الأنبا يمنح فرصة التألق للجبهة ومن يشابهها مثل الدكتور محمد عمارة أحد هواة العبث في الكتب الصفراء القديمة لاستخراج فتاوي الكراهية والتمييز الديني.. هواية لها سحر قاتل، هؤلاء يساهمون في صنع غوغاء يعبدونهم بعد قليل باعتبارهم مخلصين ومنقذين وزعماء دينين.. غوغاء ينتظرون الدفاع عن مقدس، أو الانتقام من عدو، وهاهو عدو جاهز، أتباع دين آخر، وشركاء يزاحمون علي فتات تبقي من موائد مصاصي الدماء، سحر التطرف يجبر الأزهر، علي محاولة ملء الفراغ، لتبدو سلطة دينية، افتراضية، في دين لا يعترف بالسلطة الدينية. شيخ الأزهر منصب مهم، يختاره الرئيس بعناية، ويلعب دوراً في ضبط الإيقاع الديني، يدخل المعارك للدفاع عن موقع مصر الإسلامي في مواجهة خصوم من نوعية: 1- المنافس السعودي علي زعامة السُّنة، فيما يعرف بحرب الوهابية والإسلام المصري. 2- الشيعة عندما يدخلون علي خط المنافسة السياسية، كما حدث بعد قيام ثورة الخميني حين توقفت محاولات تقريب المذاهب الشهيرة في 1979. 3- الجماعات المسلحة، والمتطرفة، حين تتحدي استقرار الدولة( لا المجتمع طبعاً)، وتهدد شرعيتها الدينية عند جمهورها المحافظ، المنتظر لوجهين من الحاكم (سياسي وديني)، هكذا كان الفراعنة آلهة وحكاماً، وملوك المسلمين حكاماً تعتمد شرعيتهم علي النسب إلي سلالات مهمة في الدعوة الإسلامية، والآن يدخل الأزهر حرب الطوائف، أو يُجبر علي دخولها بمنطق يلتقي فيه مع الجبهة ومَنْ شابهها، مجمع البحوث الإسلامية، عقل الأزهر، أصدر بياناً يرد فيه علي تصريحات الأنبا بيشوي عن آيات القرآن الكريم المعادية للأقباط، قال البيان: إن مصر دولة إسلامية، وإنه لا مراعاة للمواطنة إذا تم الاعتداء علي الهوية الإسلامية، كيف التقت المؤسسة المعتدلة جبهة المنشقين المتطرفين ؟ إنها فكرة السلطة الدينية عندما تلعب في السياسة، وتستمد سلطتها من جمهور يذوب في مقدسه، الفكرة مثل القنبلة.. تنام في مخزن فتسمي اعتدالاً، لكنها مع اشتعال الحرارة، فإنها تشتعل، وتنفجر ببساطة متناهية، هكذا يمكن أن يلتقي الأنبا بيشوي (المتطرف) البابا شنودة(المعتدل ) كما التقي الازهر مع الجبهة.. كلهم في التطرف مؤسسات تبحث عن سلطة مقدسة.