الجميع أدان حادث نجع حمادي الذي استهدف الأقباط في ليلة عيد الميلاد المجيد، والكل وصفه ب «الحادث الإرهابي» الآثم والوحشي والمتطرف، لكن أحدا لم يضع يده علي الجرح، ويشير بوضوح لسبب تكرار مثل تلك الحوادث مثلما فعل الدكتور أسامة الغزالي حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، الذي أشار بوضوح إلي أن الإهمال والتراخي الأمني هما أهم أسباب وقوع مثل تلك الأحداث الطائفية وتكرارها بهذه الصورة. ولم يجد رئيس حزب الجبهة حرجا - أو خوفا - في انتقاد الأجهزة الأمنية، وتأكيد أن طريقة تعاملها مع الأحداث الطائفية، وملف الاحتقان الطائفي بوجه عام، من أهم أسباب تصاعد الأحداث بهذه الصورة، مؤكدا أن سرعة إلقاء القبض علي مرتكبي اعتداء نجع حمادي بالطريقة التي تفاخرت بها وزارة الداخلية تدفعنا للتساؤل: أين كانت الأجهزة الأمنية عندما ارتكب الجناة فعلتهم؟، لماذا تركتهم ينفذون جريمتهم من البداية طالما أنها بهذا النشاط والكفاءة؟. الغزالي وضع يده علي الجرح، وكشف عدم واقعية تعامل الدولة مع كل الأحداث الطائفية بشعار «عاش الهلال مع الصليب» دون الاعتراف بوجود احتقان طائفي تظهر تبعاته علي السطح علي فترات، بحوادث مشابهة لحادث نجع حمادي الأخير، مؤكدا أن البداية الحقيقية لحل أي مشكلة بالاعتراف بوجودها من الأساس، ومن ثم التعامل معها بشفافية ووضوح، من هنا جاءت مطالبة رئيس حزب الجبهة لكل الأحزاب بإطلاق دعوي لكل الأحزاب والقوي الوطنية للتصدي للعنف الطائفي الذي يزداد عمقا وخطرا يوما بعد يوم. مبادرة الغزالي الأخيرة ليست من باب المزايدة السياسية، أو إطلاق بيان يحمل موقفا سياسيا من الحادث، لكنه في الواقع انعكاس لأفكار ومواقف حزب الجبهة التي تتبني بالفعل قضايا المواطنة، وجسد الحزب ذلك بتولي امرأة قبطية «مارجريت عازر» منصب نائب رئيس الحزب، ليضرب نموذجا جادا في الليبرالية التي لا تفرق بين الأفراد علي أساس ديني أو مذهبي، وهو ما أثبته أسامة الغزالي حرب، فعلا لا قولا. قبل أن يؤكد إصابته قلب المشكلة دون مواربة، أو محاولة لتجميل الصورة.