يبدو أن الشعب الأمريكي المولع بالحرية والديمقراطية لم يكن مخطئا عندما فضل الديمقراطي باراك أوباما علي منافسه الجمهوري جون ماكين، بعد أن أكد السيناتور الجمهوري الذي يزور بيروت حاليا أن من حق بلاده أن تفرض عقوبات علي محطات تليفزيونية معادية لها، متجاهلا حق وسائل الإعلام في التعبير عن رأيها تجاه مواقف بلاده التي تصل إلي حد الاستفزاز أحيانا. وهذه التصريحات جاءت متسقة مع طبيعة السيناتور المسن الذي عرف بصلابة مواقفه وعدم تأثره بالتيارات السائدة في الرأي العام الأمريكي، وبمواقفه الأقرب للصرامة العسكرية ولو علي حساب الحريات التي تتشدق بها بلاده؛ فرغم عدم شعبية الحرب بالعراق كان أول من طالب بإرسال تعزيزات علي الأرض، وهو يعارض معارضة تامة سحب الجنود الأمريكيين من هذا البلد. ماكين كان قد فاز عام 2000 بالانتخابات التمهيدية في نيوهامشير، قبل أن ينهار بعد ذلك أمام جورج بوش خلال الانتخابات التمهيدية في كارولينا الجنوبية، وينسحب من السباق، كما لعب عامل السن دورا مهماً في هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة أمام الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما، فماكين بشعره الأبيض ولون بشرته الباهتة كان أكبر المرشحين سنا، وفي حال فوزه كان سيصبح في يناير 2009 بسن الثانية والسبعين أكبر الرؤساء الأمريكيين سنا «أكبر بسنتين من رونالد ريجان عندما تولي الرئاسة عام 1981». ولد جون ماكين في منطقة قناة بنما التي خضعت آنذاك للسلطة الأمريكية، في قاعدة عسكرية تابعة للجيش الأمريكي، وكان أبوه وجده أميري بحر في بحرية الولاياتالمتحدة، فانتقلت عائلته من قاعدة عسكرية إلي أخري في أنحاء العالم حتي استقرت في 1951 بولاية فرجينيا الأمريكية. وبعد تخرجه في الأكاديمية العسكرية في 1958، تجند ماكين وتعلم الطيران،وفي 1960 بدأ العمل كطيار وكان مرابطا علي متن حاملة طائرات أمريكية في البحر الكاريبي وفي الشرق الأوسط. في 26 أكتوبر 1967 أسقطت قوات فيتنام الشمالية طائرة ماكين أثناء غارة جوية علي مدينة هانوي، ترك ماكين الطائرة وهو مكسور اليدين والرجلين ثم فقد وعيه وهبط في بحيرة، إلا أنه لحسن حظه عاد إلي وعيه قبل أن يغرق في مياه البحيرة وتمكن من نفخ حزام النجاة، وانتشله محليون فيتناميون من مياه البحيرة وأخذوا يضربونه ويطعنونه، ثم ألقت السلطات المحلية القبض عليه ونقلته إلي سجن «هوا لو» وتعرض ماكين في هذا السجن لشتي أنواع التعذيب. كان ماكين من أبرز المؤيدين لغزو العراق وأحد الذين صوتوا لصالح قرار الحرب لصالحها، وفي مارس 2008 بعد فوزه بالانتخابات الأولية للحزب الجمهوري قام بزيارة مفاجئة للعراق. وخلال زيارة له لإسرائيل في مارس 2008 أعلن عن تأييده الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، كما أعلن دعمه الكامل لإسرائيل في مواجهة إيران وحماس الذي أعلن كذلك رفضه التفاوض معها.