قررت الحكومة نقل المدابغ من منطقة مصر القديمة إلي صحراء حلوان لتطوير المنطقة وإبعاد مصادر التلوث عن المناطق السكنية. أصحاب المدابغ يساومون الحكومة للحصول علي أعلي المكاسب والعمال، وأصحاب المصانع الصغيرة ضائعون بين القرار الحكومي ومساومات أصحاب المدابغ. «الدستور» قامت بجولة بين الأطراف الثلاثة وكان هذا التحقيق علي أرض الواقع راية الرفض يرفعها العمال وأصحاب المصانع الصغيرة، مؤكدين أنهم سيكونون ضحية أصحاب المدابغ الكبيرة الذين يستطيعون استيراد أحدث المعدات والماكينات وهو ما سيؤثر بالطبع في الأيدي العاملة، وقد يتم الاستغناء عن الكثيرين، أما الجهات الحكومية فمعظمها يؤكد أهمية مشروع نقل المدابغ إلي منطقة الرويبكي بمدينة بدر، حيث المساحات ستكون أكبر وتأسيس المصانع والمدابغ سيكون علي أسس علمية حديثة بحيث يكون لها صرف صحي وموانع لتسرب الروائح الكريهة. وبين تقرير وزارة البيئة ومذكرة التفاهم بين الغرفة التجارية ممثلة في شعبة صناعة الجلود ومحافظة القاهرة وبين ما يقوله أصحاب المصانع والعمال، هناك الكثير من المشاكل والتخوفات من نقل المدابغ من عين الصيرة بمصر القديمة إلي الرويبكي بمدينة بدر. تؤكد مذكرة التفاهم التي وضعتها اللجنة القومية للتنسيق لإعادة توطين وتطوير المدابغ علي تخصيص مساحة 533 فداناً بمنطقة الرويبكي بين طريقي القاهرةالسويسوالقاهرةالإسماعيلية لنقل المدابغ إليها إضافة إلي تخصيص 1112 فداناً منها 282 فداناً لمشروعات الصرف الصحي وتبعا لهذه المذكرة وقرار مجلس الوزراء نصت المادة الرابعة منها علي أن تكون الأولوية لتمليك الأرض بالرويبكي لأصحاب المدابغ ومصانع الجلود ومخازن الجلود الخام والكيماويات ويتم تعويض كل صاحب مصنع أو مدبغة بمساحة مماثلة مما كان يقيم عليها نشاطه بمنطقة عين الصيرة بمصرالقديمة، غير أنه وكعادة أي مشروع تتدخل فيه أكثر من جهة تشوه الحقائق، كما يقول ممدوح ثابت رئيس الاتحادين العربي والأفريقي للجلود ورئيس شعبة أصحاب المدابغ وتجار الجلود بالغرفة التجارية إنهم أي الشعبة ردوا علي ما جاء بمذكرة التفاهم بين الوزارات والغرف التجارية، مشدداً علي أنه لم يكن هناك علي الإطلاق اتفاق أو قرار بأن مدابغ الرويبكي أو أرضها ستكون حق انتفاع، بل ملكاً خالصاً، كما جاء بقرار مجلس الوزراء ونتحدي أن يثبت أي مدع غير ذلك ولم يكن هناك يوماً اتفاق أو توقيع من المسئولين عن الغرفة في أي وقت سابق علي قبول دفع قيمة 50% مقابل متر أرض ومبان يحصل عليها من يتم نقله. وأشار ثابت إلي أن فلسفة النقل للرويبكي كانت قائمة علي إقامة مدابغ حديثة متطورة وتستوعب المعدات والآلات الحديثة التي تؤدي إلي نقلة تكنولوجية تحتاج إلي مساحات تزيد كثيراً علي المساحات الموجودة في مجري العيون، بحيث لا تقل عن ضعفين إلي ثلاثة أضعاف المساحات الحالية. ويفجر ثابت قنبلة أخري، موضحاً أن الاستراتيجية التي تم صياغتها في الغرفة وقدمت في اجتماع مع السيد الوزير وعدد من السادة الوزراء والسيد المحافظ تم اعتمادها باعتبارها استراتيجية الوزارة لتطوير قطاع دباغة الجلود، وذلك في نوفمبر 2006، وكما يشهد عليها الدكتور هاني بركات وزملائي الذين حضروا التوقيع بأن الغرفة كانت تمارس دورها مع المسئولين للحصول علي أفضل الشروط. وأوضح ثابت أن الصيغة التي تم توقيعها بين الغرفة والدكتور هاني بركات تغيرت عدة مرات وتحولت من بروتوكول إلي مذكرة تفاهم وأي قانوني مبتدئ يعرف ما الفرق بين اتفاق ملزم يوقع عليه أصحاب القرار وبين بروتوكول يصدر بخطوط عريضة للتعاون أو العلاقة والذي علي أساسه يجب اتخاذ قرارات أو اتفاقات وبين مذكرة تفاهم تعبر عن مجرد نيات غير ملزمة، ومع ذلك فإن هذه المذكرة، وما جاء بها لا يحقق طموحاتنا أو حتي حقنا المجرد دون طموح، وأكدت «ثابت» أن لديه الكثير من الحقائق حول المشروع، وقال إن هدف مشروع إعادة التوطين وإنشاء مدينة الجلود كأول مدينة متخصصة للدباغة والأنشطة المرتبطة بها كان بالدرجة الأولي، بالإضافة للبعد البيئي والاجتماعي، هو إقامة صناعة دباغة حديثة ومتطورة تعمل في ظل بنية أساسية قوية ومساحات للمدابغ تسمح لها بالتوسع والتطوير وإضافة ميكنة حديثة تعمل بطريقة علمية وتوفر انسيابية الحركة الإنتاجية وتداول المواد والأمان للعاملين وهذا لن يتوفر إلا بمساحات لن تقل عن ثلاثة أضعاف المساحات التي تشغلها المدابغ الحالية وهذا ما كان متوافقاً عليه في كل الحوارات مع المسئولين، ولهذا كان الحديث يدور حول أهمية إسهام كل طرف من الأجهزة المسئولة، بالإضافة إلي وزارة الصناعة والتجارة ومحافظة القاهرة ووزارة البيئة ووزارة الثقافة وكل منها مستفيد من المشروع، وكما أكد وزير الصناعة والتجارة أن كل طرف من هؤلاء لابد أن يكون له إسهامه في دعم هذه الصناعة ولهذا السبب لم يحدث أن وافقنا أو وقعنا علي ما كان مقترحاً من الحكومة بدعم 50% فقط. وحول مشاكل الضرائب وتعاملاتها العشوائية يقول ممدوح ثابت إنهم تقدموا بمذكرة للجهات المعنية جاء فيها أن عدم استقرار أسعار الجلود الخام نتيجة سيطرة العشوائية وغلبتها علي السوق المنظمة والمنافسة غير الشريفة مع التجار الملتزمين وعدم الرقابة الدفترية والتي ينظمها القانون، حيث فرض وجود سجلات ودفاتر لاستلام الجلود الخام من المجازر سواء في المجازر أو لدي التاجر والذي يفرض عليه القانون وجود سجلات توضح ما تم استلامه من جلود ومصادرها وأنواعها وكيفية التصرف فيها وحجم المخزون لديه والذي قد يكشف أي تلاعب في التعامل مع ناتج الذبح خارج المجازر. من ناحية أخري كشف خالد عبدالفتاح - عضو مجلس محلي مصر القديمة وعضو غرفة دباغة الجلود - أن مشروعات النقل يتكرر الحديث عنها منذ عام 1952، وأوضح قائلاً إنها لم تتضح إلا في برنامج الرئيس الانتخابي، خاصة حين أكد رشيد محمد رشيد - وزير التجارة والصناعة - منذ 3 أعوام ضرورة إيجاد حلول مناسبة لمشاكل المدابغ، وقام وكيل الوزارة الدكتور هاني بركات بتوقيع مذكرة التفاهم التي تقضي بنقل المدابغ إلي منطقة الرويبكي. لكن كانت هناك بعض المشاكل والخلافات كما يوضح خالد عبدالفتاح قائلاً: إن الوحدات التي تم تنفيذها بالرويبكي لم تتجاوز 26 وحدة من مجموع 500 وحدة، إضافة إلي أن ما تم تنفيذه غير مطابق للمواصفات الإيطالية، حيث وجدنا سقف الوحدات مغطي بالصاج وهو ما يخالف الشروط الإيطالية التي تقضي بأن تكون الأسقف «ساندوتش» أي عبارة عن طبقتين من الصاج محشوة بالفلين.