كانت رانيا يوسف حديث هذا الموسم بهذا التناقض الرهيب الذي نجحت في تجسيده من خلال دوريها المهمين هذا العام صافي سليم في «أهل كايرو» وثناء في مسلسل «الحارة»، فمنذ أول مشهد بمسلسل «أهل كايرو» ونحن مثبتين أمام الشاشة نحاول فهم أبعاد تلك الشخصية المستفزة التي تدعي صافي سليم.. شيئا فشيئا، بدأنا نتعاطف معها، ونفهم لماذا هي عصبية هكذا، ومن جهتها كانت رانيا يوسف تتألق في تجسيد انفعالات الشخصية مشهدا بعد آخر لتفاجئ جميع المشاهدين بهذا القدر من الإقناع.. فجأة وجدنا الدنيا تنقلب، وتواصل رانيا يوسف تألقها ولكن بعد أن فارقت الحياة، حيث تعود من حين لآخر لتقول شيئا مهما آخر للأحداث، رغم أنه يزيد جريمة مقتلها غموضا.. نفس الأمر بالنسبة لدورها في مسلسل «الحارة»، حيث تمكنت بلا مبالغة من أن تكسب تعاطفنا الشديد مع ظروفها وظروف عائلتها الفقيرة جدا.. لها دور ثالث هذا العام هو بسنت في «مذكرات سيئة السمعة»، ورغم أنها تؤدي دورها فيه بثقة، لكنها قررت أن تنساه تماما، كما قررت أن تلغي التجربة ككل من حساباتها.. عن تفاصيل أدوارها هذا العام تحكي لنا رانيا يوسف في هذا الحوار. هل توقعت أن يحقق مسلسل «أهل كايرو» كل هذا الصدي والتجاوب لدي الجمهور؟ - منذ أن قرأت مشهد التحرش الجماعي في بداية الحلقة الأولي تأكدت أن المسلسل هيكسر الدنيا، كذلك صدمني أول مشهد لصافي سليم وهي تتحدث في التليفون مع رئيس التحرير صلاح عز، نظرا لواقعيته الشديدة، والحقيقة أنني كنت في قمة سعادتي عندما عرض علي الدور؛ لأن هذه هي المرة الأولي التي أقدم فيها دورا كهذا، كما أنها المرة الأولي أيضا اللي يتكتب فيها مسلسل بالشكل ده، وعلي فكرة أنا أتعرض علي السنة دي عشرين مسلسل، لكنني كنت حريصة جدا في اختياراتي وأعتقد أنني نجحت في انتقاء أكثرها اختلافا وتميزا. لكن ألم تترددي في أن تكون أول بطولة لك لشخصية مكروهة مثل صافي سليم، خصوصا أننا دوما اعتدنا أن تكون البطلة محبوبة وطيبة وتاريخها ناصع البياض؟ - كل شخصيات المسلسل واقعية يعني مش ملايكة ولا شياطين، ومثلهم صافي سليم، وأعتقد أن هذا هو المنطقي، لأني مثلا مش طول الوقت بحب صاحبتي.. ساعات المصلحة بتحكم علاقتنا ببعض، كما أن صافي سليم عندها غلطات في حياتها مثل كل الناس، وبمرور الحلقات نكتشف أن صافي سليم هي أنضف واحدة فيهم، وأن كل شخصيات المسلسل كدابة بما فيهم الضابط حسن محفوظ الذي اتضح أنه كان علي علاقة بصافي سليم أيضا، إلا أن صافي ببساطة اعترفت بأخطائها، ثم قررت فتح صفحة جديدة، وقالت عايزة أنضف، وأتوب.. صافي في النهاية بني آدمة ضحية كل الناس وضحية فقر، وضحية مجتمع. الحوار في المسلسل عموما يحمل جرأة وصراحة كان من الصعب أن نشاهدها في عمل يعرض علي شاشة التليفزيون.. هل كنت قلقة من نوعية الحوار؟ - أنا عارفة أن الحوار جريء، بس كمان عارفة إنه حقيقي جدا.. هو إحنا ليه بنحب نزوق الكلام؟! ثانيا إحنا طول الوقت شايفين الكلام متزوق في المسلسلات.. بس أكيد مش بنبقي حاسين إنه حقيقي، ورغم إني اتخضيت من مشهدي مع صلاح عز، وحسيت إن الحوار فيه فج وقوي وصريح وجريء، لكني كنت مصدقاه جداً، لأن هو ده إللي بيحصل، وعموما أنا في الآخر بأقول الحوار إللي مكتوب، وكل كلمة مكتوبة في مكانها ولها مبررها، ورقابة التليفزيون محذفتش ولا كلمة من الحوار حتي الشتايم سابتها لأنها واقعية. المسلسل يتعرض لنماذج متشابهة كثيرا مع شخصيات من الواقع بما فيها صافي سليم.. ألم تخشي أن يقال إنك تشوهين صورة الفنانات مثلما يحدث دوما عندما يتم التعرض لنموذج سلبي من أي مهنة؟ - طيب ليه؟! هو حسن محفوظ بيشوه صورة الضباط، والا صلاح عز بيشوه صورة الصحفيين، والا نديم كمال بيشوه صورة السياسيين؟، وعلي فكرة بلال فضل مش مخترع الشخصيات دي.. هو جايبها من الجرايد، وكلنا عارفين أسماءها، فكل الوقائع حدثت بدءا من موضوع السيديهات التي يتم تصويرها في حجرات النوم، ثم واقعة قتل الفنانات، وتورط رجال الأعمال في جرائم من هذا النوع، كذلك نموذج رئيس التحرير صلاح عز موجود في صحف كثيرة.. أيضا في حياتنا ناس كتير بيصلوا وبعدين يرجعوا يسكروا. كيف قمت بالتحضير لمشهد الفرح خصوصا أنه استغرق أربع حلقات تقريبا وكنت بطلته الرئيسية وأظهرت خلاله مشاعر متناقضة كثيرة؟ - مشهد الفرح استغرق تصويره 15 يوما، وكان طبيعي أن يستغرق وقتا طويلا علي الشاشة، لأننا من أول حلقة والأحداث تؤهلنا لفرح غير عادي بشخصياته ووقائعه، ورغم أن توقيته الفعلي ساعتين فقط علي الشاشة، فإنه خلال تلك الفترة تعرفنا علي شخصيات كثيرة من وزراء ورؤساء أحزاب وصحفيين، ورجال سياسة.. الفرح كان فرشة للشخصيات دي، يمكن الناس حست إنه طويل لأننا متعودين إن مشهد الفرح بيخلص في كام دقيقة، لكن هنا الفرح كان به كم هائل من التفاصيل التي اختصرت «رغي كتير» قوي، وأنا شايفة إنه كان خالياً تماماً من المط والتطويل، وتحضيري له جاء مع التحضير للمسلسل ككل لأني شايفة إن مشاهدي كلها ماستر سين، وكنت خايفة منها كلها.. لأن كلها ضرب مفيش شتيمة خالص! هل كان مغامرة منك أن تقبلي عملا تكونين أنت بطلته لكنك تختفين في منتصف الأحداث ويقتصر ظهورك فيما بعد علي مشاهد الفلاش باك؟ - طبعا كانت مغامرة، لكن حتي مشاهد الفلاش باك توازي في أهميتها المشاهد التي تسير في السياق الطبيعي للأحداث.. أنا مابطلعش في المشهد أحب، وأسبل وأقول كلمتين وأمشي، ده كل جملة أو حتي مكالمة تليفون لها أهميتها في الأحداث. أنت تمثلين منذ 15 عاما، لكنك للمرة الأولي تقدمين دورا ينال كل هذا القدر من المتابعة والاهتمام.. في رأيك ما السبب؟ - الحمد لله أنا طوال عمري أختار أدواري بشكل جيد، لكن لا يتاح في كل الأوقات التعامل مع تركيبة متكاملة بهذا الشكل، فالنجاح ليس له أي مقاييس، وعموما أنا دوما أتعامل بإحساسي ناحية الدور حتي أنني العام الماضي عرض علي أن أقوم بدور البطولة في مسلسل «حرب الجواسيس»، ولكني اخترت دور لويس جولدن، رغم أن مساحته أقل كثيرا، وذلك لأنني شعرت أنه سوف يضيف لي، وقد كان، كذلك هذا العام عرض علي عدد كبير جدا من المسلسلات، لكنني اخترت أفضل اثنين منها وهما دوري صافي سليم في «أهل كايرو»، وثناء في «الحارة». وكأنك أسقطت من حساباتك دور بسنت الذي تقدمينه في مسلسل «مذكرات سيئة السمعة»؟ - طبعا أسقطته من حساباتي رغم أنني كنت راضية عن دوري فيه، لكنني فوجئت بالعك الذي شاهده الجميع علي الشاشة، وده طبيعي لأنه لما يتلعب في أساس العمل بيبوظ، وأنا ماكنتش محتاجة إني أتفرج علي المسلسل عشان أعرف أن هناك خللا، لأنني أصلا كنت جوه المطبخ، وجوه اللي بيحصل، وعموما هي مش غلطتي؛ لأني تعاقدت علي العمل وقت أن كانت البطولة موزعة بين لوسي ونيللي ومصطفي فهمي، لكنني فوجئت بناس تانية خالص، وفوجئت بجلسات بين المؤلف والمخرج عشان يزودوا مشاهد ويحذفوا مشاهد، ووقتها تنبأت بما سيحدث، لكن لم يكن هناك مجال للتراجع بعد ما خلاص اتدبست. بالنسبة لشخصية ثناء في «الحارة» كيف كنت تفصلين بينها وبين صافي سليم خصوصا أنك قمت بتصويرهما في نفس التوقيت وكلاهما علي قدر كبير جدا من التناقض؟ - عندما أرتدي ملابس ثناء أعيش حياتها تماما، وأكثر ما أعجبني في شخصيتها أنها عكس صافي سليم في كل شيء، فطموحات صافي سليم غير محدودة، بينما ثناء كل حلمها أنها تعرف تحط عيش وفول كل يوم قدام ولادها، كما أن المؤلف أحمد عبد الله كاتب تفاصيل كل شخصية من شخصيات الحارة بحرفية بالغة، وأنا حاولت أن اقترب من طبيعة الشخصية بصورة أكبر عن طريق الماكياج، حيث وزعت سوادا تحت عيني، وارتديت ملابس غير نظيفة، كي أكون شبه كل الستات الشقيانة اللي بشوفهم في الشارع. هل ترددت في قبول الدور خصوصا أنه بعيد كل البعد عن شخصية «الفيديت»؟ - أحمد عبد الله كاتب عن ناس من تحت القاع، وطبعا دول ناس موجودين كتير حوالينا، وأنا كل اللي يهمني إني اعمل دور حلو، وكنت سعيدة جدا بالعمل مع سامح عبد العزيز، وأحمد عبد الله، رغم إني اشتغلت معاهم دور صغير بس في فيلم «كباريه»، لكني عارفة أنهما متميزان جدا، كذلك يكفيني تعاطف الناس مع الشخصية، فثناء فقيرة جدا، وحاولت تشتغل في البيوت برضه معرفتش، لأنها تعرضت للمساومة علي نفسها فرفضت، فتعمل إيه كان لازم تشحت.