بوصفه عضوًا بالمجلس الرئاسي لحزب التجمع والأمين العام السابق أقدم حسين عبدالرازق علي خطوة لافتة داخل حزب التجمع، عندما قدم مذكرة إلي الدكتور رفعت السعيد - رئيس الحزب - وسيد عبد العال -الأمين العام - مستعرضًا خلالها أسباب ومظاهر تراجع أداء الحزب وتصاعد صورته السلبية لدي الجماهير. وقال عبد الرازق في مذكرته إن هناك صورة سلبية عن التجمع لدي كثير من الفئات التي كانت تُكن احترامًا وتقديرًا للحزب ومؤسسه خالد محيي الدين، حيث أصبح هناك شبه اتفاق بين الجميع علي الحديث عن «الصفقة» مع نظام الحكم والحزب الوطني، ونظرتهم السلبية لرئيس الحزب والقائمة علي تصورات - حسب تعبيره - أغلبها غير صحيحة وإن كان بعضها حقيقيًا، ومن أبرز الاتهامات التي تُوجه للحزب: التزوير غير المسبوق لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري، وفوز مرشح الحزب في دمياط «صلاح مصباح» وهو دليل كل من يوجه اتهام الصفقة للتجمع وتبعية الحزب الحاكم . «الدستور» حاورت عبدالرازق لتتعرف منه علي أسباب تقديم المذكرة والحراك المنتظر لدخول معركة مجلس الشعب، وإلي الحوار: تحدثت عن الأسباب التي أثرت بالسلب في صورة حزب التجمع وأبرزت دور بعض الصحف المستقلة في تعزيز تلك الصورة السلبية .. في رأيك هل الصحافة هي المسئول الأول عن أزمة الأحزاب؟ - الصحافة الخاصة المملوكة لرجال الأعمال، كذلك القنوات الفضائية اتخذت من البداية منهج الهجوم علي الأحزاب السياسية والسخرية منها والتشهير بها وبقيادتها .. وهذا أمر مفهوم بالنسبة لي، وله مايبرره من أن رؤساء تحرير تلك الصحف وعددًا كبيرًا من كتابها غير منتمين لأي من الأحزاب السياسية الموجودة أو حتي مؤيدين لها، فضلاً عن تمسكهم بما يسمونه الاستقلالية وما أسميه أنا عدم الانتماء، كما أن ظاهرة المستقلين«غير المنتمين حزبيًا» المحتفي بها في مصر ظاهرة لايُحتفي بها في العالم الديمقراطي بهذا الشكل، لأن الأغلبية في تلك البلدان تنتمي لأحزاب وليس العكس كما هو موجود في مصر. لكن ما تتناوله تلك الصحف من أخبار هو رصد لوقائع موجودة وأزمات حقيقية داخل الأحزاب.. فلماذا لا تبادرون بحل تلك المشكلات بدلاً من معاقبة الصحف علي نشرها؟ - هناك أزمات واختلافات في وجهات النظر داخل الأحزاب وهذا أمر طبيعي، كذلك تناول الصحف لها ورصدها أمر طبيعي أيضا، لكن غير الطبيعي من وجهة نظرنا هو اختلاق وتخيل أزمات غير حقيقية، وهذا ما يرسم صورة ذهنية سلبية عن الأحزاب لدي المواطن العادي. وماذا عمَّا أُثير من جدل حتي من داخل التجمع ضد نجاح مرشح الحزب في انتخابات الشوري بدمياط التي تم وصفها من قبل أعضاء التجمع نفسهم ب «الصفقة» مع النظام ..ألا تعتبرونها سببًا في تكريس الصورة السلبية عن الحزب؟ - لايمكن لنا إنكار وجود بعض الممارسات من الحزب تؤكد تلك الصورة السلبية عنه وكما أشرت إلي أن هناك عددًا من الشخصيات التي تنتمي إلي فئات وطبقات اجتماعية مختلفة التي كانت تكن احترامًا وتقديرًا كبيرًا لدي التجمع أصبحت هي الأخري تحمل كثيرًا من الملاحظات السلبية علي أدائه وتتحدث أيضا عن وجود صفقة مع الحكم والحزب الوطني، كذلك نظرتهم السلبية لرئيس الحزب والقائمة علي وقائع بعضها صحيح وبعضها غير صحيح، هذا الموقف السلبي من قبل كل هؤلاء ضد التجمع يعني وجود مشكلة حقيقية داخل التجمع لابد من البحث عن أسبابها وحلها. ما أبرز الأخطاء التي وقع فيها التجمع التي انتهت به إلي هذا الوضع؟ - بعض تصريحات القيادات الحزبية التي لم تكن موفقة في كثير من الأحيان، أيضا بعض المواقف التي اتخذها الحزب مثل التصويت علي قانون التأمينات الاجتماعية. باعتبارك أحد القيادات التاريخية بحزب التجمع ..هل هناك تراجع في الأداء السياسي ؟ - نعم هناك تراجع علي المستوي الجماهيري والسياسي . ما أسبابه ؟ - هذا ما أدعو إلي مناقشته الآن داخل الحزب وسأبقي متحفظًا علي قول رأيي بصراحة لحين طرحه داخل الحزب أولا .. لكن بشكل عام علي مستوي أداء الأحزاب السياسية هناك حالة تراجع سياسي علي المستوي العام وسببه حالة اليأس والإحباط التي أصابت القيادات السياسية الحزبية التي أصابها اليأس من التغيير.. وكأن الحكم السياسي القائم قدر لايُغير ومن ثم يتم التعامل معه، السبب الثاني هو إحساس تلك القيادات بأن الجماهير عازفة عن العمل السياسي ككل، تلك الأسباب التي أدت لهذا التراجع هي التي دفعتني إلي كتابة تلك المذكرة من أجل تغيير منهج ورؤية حزب التجمع وغيره من الأحزاب حتي تكون قادرة علي التغيير. لكن كيف تفسر نجاح الحركات الاحتجاجية الجديدة في حشد الجماهير والتواصل معهم بشكل أفضل من الأحزاب ؟ - ليس صحيحًا .. هناك حالة عزوف جماهيري عن المشاركة في أي عمل سياسي والحشد الجماهيري يكون فقط في قضايا بعينها مثل قضية خالد سعيد مثلاً. حتي قضية خالد سعيد نفسها التجمع عزف عن المشاركة والتعامل معها ...ولم يوجد حينما وجدت الجماهير.. كيف تُقيمِّ هذا الموقف؟ - لا أعرف سبب عزوف التجمع عن الاشتباك مع تلك القضية وهذا سببه أنني لست ممثلاً في أي من الهيئات القيادية وحتي المجلس الرئاسي الذي أمثله مجمد منذ أكثر من عام ولا يدعي حتي للاجتماع. كثيرون يحملون دكتور رفعت السعيد مسئولية تراجع الدور السياسي للتجمع.. ما تعليقك ؟ - القضية ليست مرتبطة بغياب خالد محيي الدين ومجيء رفعت السعيد، ولا يمكن تحميل شخص مسئولية هذا التراجع، لكن ما يبدو أن هناك اختلافًا وأزمة اتضحت ملامحها بعد المؤتمر العام السادس منذ عام 2008 وحتي الآن، وهذا ما طرحته من قبل ما سمي مذكرة ال31 والتي تم سحبها والسكوت عنها بدعوي التفاعل داخل الحزب من أجل التغيير وهذا ما لم يحدث حتي الآن . هل التجمع خسر حينما أسرع في الإعلان عن موقفه من خوض الانتخابات القادمة في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية؟ - الإعلان تم بطريقة خطأ، لأن قرار الأمانة المركزية كان نصه: «إننا نستعد لخوض معركة انتخابات مجلس الشعب استعدادًا كاملاً من إعداد البرنامج الانتخابي وأسماء المرشحين، وفي نفس الوقت خوض معركة من أجل قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية وضمانات الانتخابات ..سيتم خوض المعركتين معًا قبل فتح باب الترشيح» هذا ما تضمنه القرار لكن ما حدث علي أرض الواقع هو أن الحزب لم يخض معركة قانون مباشرة الحقوق السياسية بالشكل الواجب .. وبدا الأمر وكأن الحزب يخوض الانتخابات فقط. خوض الانتخابات في ظل الوضع الراهن ودون وجود ضمانات حقيقية في صالح من؟ - لايوجد حكم مطلق علي المواقف، من الممكن أن يكون خوض الانتخابات في ظل الوضع الراهن هو إحدي أدوات التغيير ..ومن الممكن أيضا أن تكون المقاطعة هي الأداة المثلي، إذا تم خوض الانتخابات بمعركة سياسية تكشف عن غياب الديمقراطية والعيوب الدستورية وتزوير الانتخابات فلابد من خوضها، لكن إن لم يحدث هذا فالمشاركة هنا تعني استمرار تزييف إرادة الجماهير وادعاء شرعية مزيفة للنظام السياسي. هل الخطاب السياسي للتجمع بحاجة للتغيير ؟ - الخطاب السياسي المطبوع لا يحتاج إلي التغيير، لكن علي مستوي الممارسة بحاجة إلي التغيير والتطوير. ماذا عن موقفه من الحركات الاحتجاجية الجديدة، هل هو موقف صائب سياسيا؟ - تم التعامل بشكل خاطئ ولم يكن من المفترض الابتعاد عن تلك الحركات، كان لابد أن يتم التواصل مع تلك الحركات واستيعابها وفتح أبواب الحزب أمامها لأن هذا هو الدور الطبيعي لحزب التجمع بكل ما يحمله ويتبناه من أفكار تقدمية، كان عليه أن يرحب بتلك الحركات والتعامل حتي مع أخطائها.