..الحقيقة تُدفن لكنها أبداً لا تموت !! .. اليوم 6 سبتمبر 2010 .. تحل الذكري الثالثة لمصرع أيمن إسماعيل أحد المحكوم عليهم في قضية الغد، وسط ظروف وملابسات غامضة. .. صباح هذا اليوم منذ ثلاثة أعوام، عُثر علي جثة أيمن معلقة علي باب زنزانة الرعاية الصحية بسجن الاستئناف مشنوقا. .. لم يكن أيمن وحيداً فكان معه سجناء آخرون في قضايا قتل ومخدرات. .. أعرف أنهم لا يملكون الآن حق الحديث، وكشف تفاصيل ما حدث. .. لكني أيضاً أعرف أنه سيأتي اليوم الذي ستُنشر شهاداتهم بالعناوين العريضة في صدارة الصفحات الأولي. ..أعرف أن طاقة الناس واحتمالهم له حدود، ويجب أن نعطي عذراً للطبيعة البشرية. .. لكني - أيضاً - أعرف أن كل يوم يمضي يقربنا من النور فإيماني بشروق الفجر يزداد يوماً بعد يوم. .. أعرف أنه سيجيء يوم تعرف منه الدنيا كلها الحقيقة وسوف تبيض وجوه وتسود وجوه! .. ذات مساء وأنا في سجني، دخل الزنزانة المواجهة لزنزانتي، مسجون جديد، رجل كبير السن مُنحني القامة. .. حاولت أن أساعد الوافد الجديد، لكني بمجرد أن اقتربت منه انفجر في البكاء وتساقطت الدموع، وعيناه شاخصتان في ذهول. .. سألته عن اسمه فقال: إسماعيل أحمد! .. سألته عن سر دموعه؟ فقال: هي دموع الفرح! فسألته: ولِعة الفرح؟! .. قال الرجل: لقد كنت مع أيمن إسماعيل في سجنه قبل شنقه.. وكم تمنيت أن أراك قبل أن أموت! .. طلبت من الشيخ الكهل أن يجلس ليلتقط أنفاسه، وذهبت لأحضر له كوباً من الماء..عدت إلي حيث كان لكني لم أجده! .. اختفي الرجل من أمامي، فوراً! بعد أن انُتزع وقتها بمعرفة المخبرين المقيمين معي 24 ساعة. .. بمجرد أن ذكر الرجل اسم أيمن إسماعيل أضاءت لمبات الخطر - لديهم - وذهب الرجل إلي حيث اختفي وللآن! .. ظلت رواية الرجل مبتورة مقدمة بغير متن أو تفاصيل! .. ربما تكون النهاية معلومة للجميع، فقد مات أيمن إسماعيل صباح يوم 6 سبتمبر مشنوقاً، وعلي وجه التحديد بعد ستة أيام فقط من إبلاغ النائب العام برغبة أيمن إسماعيل في أن يكشف حقائق خطيرة حول تلفيق قضية الغد، حيث اسُتخدم أيمن إسماعيل في البداية في تلفيقها بالضغط عليه بالقبض علي ابنة شقيقته وعندما قرر أن يقول كل شيء صمت للأبد! .. الكثير من الحقائق دفنت مع أيمن إسماعيل يوم 7 سبتمبر 2007، لكنها لم تمت بعد! فسيأتي اليوم الذي تطل فيه برأسها وتلعن وتدين زمناً غاب فيه القانون والعدل، وانتهكت كل الحرمات وأزهقت فيه أرواح أبرياء بلا ذنب لكنها لن تكون بلا ثمن! .. مضت ثلاثة أعوام .. وربما تمضي أعوام أخري، وسيظل أيمن إسماعيل رمزاً لبشاعة وخسة ونذالة الاستبداد.. رحمه الله رحمة واسعة وأدخل الصبر والسلوان علي قلوب أسرته وحسبها أنه مات شريفاً من أجل كلمة حق. .. مضت ثلاثة أعوام ومازالت النيابة العامة ترفض تماماً سماع أقوالي في واقعة مصرع أيمن إسماعيل.. لعل المانع خير؟! .. عندما يتعطل القانون يبدأ الطغيان وعندما يبدأ الطغيان تأخذ العدالة أجازة مفتوحة! .. قال الشاعر: تعدلون.. فيأتي عدلكم عجباً!! فمن فاته الشنق.. يقضي العمر مسجوناً!