لماذا لا ينشر الدكتور شمس اختراعه لمضاعفة إنتاج القمح حتي يأكل العالم عيش ونستريح من مسلسل ممل؟! خالد زكى فى مشهد من اغتيال شمس هذا الكم الكبير من النقد الذي يشمل كل شيء في البلد في مسلسل «اغتيال شمس» رغم مظهره الجريء فإنه يظل مجرد عناوين خبرية، ومشاهد سطحية ومباشرة لا تقول كثيراً درامياً، فالدراما فن التفاصيل الصغيرة، هذا سر جمالها وسر جاذبيتها، أما الكلام الكبير العام والعايم الذي يستخدمه المسلسل فيظل كلاماً مكرراً وجافاً يعرفه المشاهد الذي يعيش في البلد ويقرأ الصحف. لا يقدم المسلسل قضيته درامياً بشكل جذاب، وهي أمور تضعف بنية المسلسل الضعيفة أساساً بسبب الخطوط الدرامية الجانبية المهترئة والنمطية، ومنها قضية الثأر التي يهدد حياة شمس. الحوار في المسلسل يجعل مشاهدة الحلقات نوعا من العذاب، فبالاضافة إلي البناء الدرامي المصطنع نري الحوار يخلو من التلقائية، وفي الحلقة رقم 22 علي سبيل المثال يتحدث الدكتور شمس وزوجته مع «إدوارد» ليقنعاه بالرجوع عن قراه تطليق زوجته، وبعد أن يكون الحوار تلقائياً كأي حوار بين أشخاص عاديين يذكر الدكتور شمس «إدوارد» أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، ويدافع الزوج عن نفسه بأنه يستخدم حقه الذي أحله له الشرع، وهنا يتحول الحوار بينهم إلي اللغة العربية الفصحي مع تشديد الممثلين علي حروف كلماتهم فجأة وتشكيلها كأنهم يتكلمون في برنامج ديني، وفي أحيان كثيرة في المسلسل يتحدث الممثلون بمزيج ركيك من العامية واللغة العربية الفصحي، فأين هي الزوجة المصرية التي تطلب الطلاق؟ وتتحدث مثل «نشوي مصطفي « في حوارها مع «ياسر جلال «: «انت ما تعرفش حجم المسئوليات الملقاة علي عاتقي قد إيه؟ «، أين هي الزوجة الشابة التي تقول «المسئوليات الملقاة علي عاتقي» في حوار عادي في حياتها اليومية ؟ ويضاف إلي كل ذلك تفصيلية ضعيفة بني عليها المسلسل بنيانه بالكامل، وهي أن اختراع الدكتور تم في الخارج بجهود ذاتية وشخصية رغم أن أي بحث علمي مهم يتم بالاستعانة بمعامل ومساعدين وإمكانيات حكومية أو من القطاع الخاص فهو ليس اختراعاً بسيطاً، ثم إنه يضع الاختراع علي سي دي ويعود لمصر ببساطة هكذا، واختراعات الهندسة الوراثية لا تتم في بدروم منزل العالم علي طريقة اختراع «الفنكوش» في فيلم «واحدة بواحدة»، والسؤال الأهم الذي ينهي المسلسل قبل أن يبدأ: لماذا لا يعلن الدكتور اكتشافه المفيد الذي سيزيد من إنتاجية القمح للعالم كله نشراً للعلم والفائدة والعيش الوفير؟ لماذا لا ينشره في كتاب أو علي الإنترنت أو في ندوة وينهي ملحمة الأجانب الأشرار الذين يريدون شراء براءة اختراعه أو القضاء عليه؟ يحسب لصناع المسلسل الجرأة في اختيار مثل تلك الموضوعات الشائكة، ولكن يعاب عليهم تسطيح هذه القضايا دراميا وحشرها في الحوار كشعارات ترد علي لسان الأبطال، وحينما يظهر الأشرار والفاسدون كشخصيات درامية نجد أن التسطيح والتعميم يصل إلي ألقابهم وأسمائهم وهي ألقاب من نوعية اللهو الخفي، علي سبيل المثال هناك شخصية تدعي «الباشا»، وهو واحد من المسئولين الكبار الفاسدين المجهولين، وهناك شخص أكبر منه وأكثر فساداً هو «الباشا الكبير»، وهناك نوعيات أخري من الكبار الفاسدين مثل «الناس المهمين» و«الناس اللي فوق»، أما الأشرار الأجانب فهم نموذج نمطي للشرير الذي يقترب من المريض السايكو، ويبدو ذلك جلياً في شخصية مستر جونز «حسن كامي» ومساعديه الذين يرسلهم لمصر لاغتيال شمس. تحمل المسلسلات الدرامية المصرية بحكم جينات درامية مجهولة الأصل صفات المبالغة والتهويل، وأحياناً النظر للحياة بالمقلوب، ويبدو في المسلسل أن الدكتور شمس قد وصل إلي اختراع لا يبدو مبتكراً إذا قارناه بالواقع، فكل يوم يصل العلم إلي نتائج في الهندسة الوراثية تزيد من إنتاجية المحاصيل الزراعية وتنتشر في العالم كله.