أنغام تحكي بحنين بالغ..عن ماذا؟ عن سيرته وسيرتهن.. سيرة سيد الخلق وسيرة أشرف نساء العالمين.. تبدأ من قبل البداية، وتتحدث عن «آمنة»..النايات تبكي وأنغام تحكي عن ميلاده صلي الله عليه وسلم.. لا شك أن هناك سطحية شديدة جدا في كلمات القصة، لكننا سوف نستمتع رغم ذلك، لأن الأجواء مريحة تماما للنفس.. مباشرة تسأل أنغام بعذوبة شديدة وسكينة مفتقدة: «كيف كانت البداية؟» في أغنية «الحكاية محمدية»، سوف تنتفض كثيرا، وأنت تسمعها، ثم تدرك بسهولة أن صوتها أضاف كثيرا للكلمات.. هي كعادتها تغني بسلاسة غير عادية.. لا يمكن أن يجاريها فيها أي صوت.. تقول: «كان في حلمك يا صفية نفحة طاهرة ونورانية.. القمر واقع في حجرك والملايكة رايحة جاية»، وليد سعد من جهته لم يستعرض موسيقاه، وقدم خلفيات هادئة تتناسب وهذا الصوت، ثم القانون يتقدم صوتها، مع إيقاع خافت للدف في أغنية «أم أيمن».. هي هنا في قمة النضج، وهي تقول: «الرسول ربي يزيده.. تشرب الميه في إيده» مساحة الصوت تتمدد وتنطلق، وهي تقدم تجربة شديدة الحميمية عن نساء لم نرهن، وتحكي حكايات درامية عن حياتهن.. الأغنيات تسير كأنها نشيد متواصل دون مذاهب تتكرر، ووليد سعد ينهيها جميعها بنفس الطريقة، حيث يجعل الموسيقي ممتدة لتصلها بعضها ببعض، ومعه أسامة الهندي موزعا ينجح في إبراز الحالة تماما. الشاعر نبيل خلف يكتب كلاما جميلا في «أم أيمن»: «الرسول قال شايلة همي حبها بيجري في دمي جارية لكن أم أيمن هي أمي بعد أمي لما هاجرت للمدينة في الطريق من غير طعام لجل ماتحصّل نبينا روحها شبعت م الصيام»، ليس سهلا أن تقاوم إغراء أن تستمع لهذا الألبوم مرة أخري، خصوصا أن أنغام تتكلم عنهن كأنها صديقة مقربة.. لم تأت كلمات أغنية «فاطمة» علي نفس مستوي الأغنية السابقة خصوصا في المفتتح: «أنا مين أكون علشان أقول علي فاطمة بنت الرسول»، كذلك أنغام كانت تغني في بعض مقاطعها، وكأنها تتنهد بأنفاس متقطعة.. اللحن بديع تمتزج فيه النايات مع القانون، لكنه كان يصلح لأغنية أخري، ثم أجمل مناطق صوت أنغام في أغنية أسماء بنت أبي بكر».. تركها وليد سعد تصدح بلا موسيقي تقريبا، ورغم أن الكلمات تحمل سطحية في صياغة بعض جملها، لكن التجربة تحمل شجنا خاصا. «عائشة» كل هذا الفرح في صوت أنغام، وهي تبدأها: «الرسول يضحك لعيشة»، ونقلات بديعة علي مقامات لحن هو الأجمل حتي الآن، وأنغام صوتها لا تحده حدود.. الكلمات أيضا رقيقة، لكن شاعرها لم يكن موفقا تماما حينما قال: «عيشة تعلن حربها والنساء في حزبها».. ومع ذلك آهات أنغام في نهاية الجملة جعلت الأمر ألطف كثيرا. خليط الفصحي مع العامية بهذا الشكل الراقي يحسب لنبيل خلف، ووليد سعد مخلصا حتي ختام كل أغنية، حيث يحرص أن يجعلها نهاية مواربة وموصولة بأغنية تالية. بعد ذلك احتفاء بزواج السيدة «زينب» رضي الله عنها كان مشاركا فيه الدفوف والنايات وصوت أنغام. وليد سعد لم يبذل مجهودا، وحسنا فعل، لأن هكذا أفضل جدا لنستمتع بالحكاية شبه خالية من صخب الموسيقي.. تشعر مع أغنية «حليمة السعدية» أن الشاعر يستقي كلماته من كتاب الدين للصف الثالث الابتدائي، لكن البساطة ليست مضرة جدا هنا. أما أنغام فهي جميلة علي الدوام. في منتصف أغنية «أم عمارة» تتواري الموسيقي تقريبا، وما عليك سوي أن تنصت لأنغام :«مسيلمة مات قصاد عينها.. سلامها علي روحها ألف سلام». في أغنية «أسماء بنت أبي بكر» نبيل خلف يذكر فيها جملة ثقيلة جدا: «هجمت عليكي الذكريات».. أيضا هناك كلمات مباشرة جدا لا تحمل بصمة خاصة: «بعتي الحياة وعزها واشتريتي الآخرة»..، يليها تعبير مستهلك جدا في «ماريا القبطية»: «النبي قبل الهدية»، لكن أنغام قادرة علي تحويل كل ما هو عادي إلي أشياء فائقة الجمال.