ضرب المفاعل كما فعلت مع سوريا والعراق أو الضغط علي الوكالة لوضعه تحت المراقبة الشديدة إسرائيل قد تأخذ تصرفا تجاه المفاعل النووي بالضبعة من السذاجة أن نعتقد أن تل أبيب ستمر مرور الكرام علي إعلان القاهرة إنشاء أول مفاعل نووي لتوليد الطاقة علي شاطئ البحر الأبيض المتوسط في منطقة الضبعة التي تبعد مئات الكيلومترات عن القاهرة، بل إن هناك عددا من السيناريوهات التي سيتم اتخاذها إسرائيلياً تجاه هذا المفاعل قبل وبعد إنشائه ومع تشغيله؛ فإسرائيل تعتبر السياسة النووية لما تسميه ب«الدول الجوار» خطرا عليها قبل أي شيء، حتي وإن أعلنت تلك الدول أن سياستها النووية للأغراض السلمية. سلسلة الردود الإسرائيلية جاءت مبكرة جدا مع إعلان البدء في بناء المفاعل، وحملت حالة نفسية واحدة: الحذر والخوف مما يحمله هذا المفاعل، واختلفت ردود الأفعال ما بين ترديد نغمة واحدة طوال الفترة الماضية من خلال الصحف العبرية وهي أن الرئيس مبارك وعد دائما بعدم وجود طموحات نووية غير سلمية لبلاده؛ وكأن إسرائيل تريد توصيل رسالة للقاهرة بأن المشروع النووي المصري لو أخذ منحي غير سلمي فهذا شأن آخر، فبحكم التاريخ الاستخباري والعسكري لتل أبيب منذ قيامها عام 1948 عودتنا إسرائيل علي طريقة خطيرة في التعامل مع المفاعلات النووية لمن تسميهم ب«الجيران»، وأكبر مثالين علي الأمر هما العراق وسوريا فمن منا لا يعرف شيئا عن الغارة الجوية التي شنتها تل أبيب علي موقع «دير الزور» السوري لتدمير ما وصفه الإسرائيليون وقتها بأنه «مفاعل نووي»، هذا عن تعامل إسرائيل مع دمشق وما رأت فيه تل أبيب مفاعلا نوويا علي الأراضي السورية أما عن العراق فهذه قصة ثانية تعود إلي ثمانينيات القرن الماضي، ففي يونيو 1981 قامت تل أبيب بقصف مفاعل «تموز للأبحاث» النووي العراقي بثماني طائرات من طراز أف 16 الأمريكية الصنع بعد أن قامت أجهزة المخابرات الإسرائيلية بالاستعدادات الدقيقة لقصف الموقع الواقع علي بعد 17 كم من بغداد، الأمر الذي عقب عليه وقتها مناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي بقوله إن الغارة منعت العراق من إنتاج قنابلها الذرية بل إن تل أبيب وعبر جهازها الموساد قامت باغتيال يحيي المشد العالم النووي المصري الذي كان من ضمن ثمانية أشخاص أعضاء في لجنة استلام المفاعل العراقي هذا ما عودتنا عليه تل أبيب في التعامل مع المفاعلات النووية التي تري فيها خطرا وتهديدا عليها، في الوقت الذي تتبع فيه سياسة الغموض بشأن برنامجها النووي وترفض قيام وكالة الطاقة الدولية، بالتفتيش علي مفاعلاتها، بل إن إسرائيل دائما ما تبدي انزعاجها وغضبها من المطالب المصرية التي تتقدم بها القاهرة دوليا للإشراف علي تلك المفاعلات، مما يجعلنا نتساءل هل سيكون إنشاء المفاعل المصري دافعا لتل أبيب لمعاملة مصر بالمثل ومطالبة العالم بوضع إشراف دولي علي محطة الضبعة، خاصة في ظل آخر تقرير صادر عن صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية منذ أيام أكد أن العلاقة بين تل أبيب والوكالة الدولية للطاقة أصبحا أفضل مما يمكن بعد رحيل الدكتور محمد البرادعي رئيس الوكالة السابق هل ستكون سياسة « رد الصفعة» هي المتبعة في تل أبيب تجاه القاهرة بعد الإعلان عن إنشاء المحطة النووية؟. الإجابة عن هذا السؤال هي بالإيجاب خاصة أن تل أبيب اتبعت مثل هذه السياسة حينما طالبت مصر منذ شهور بتفتيش مفاعلات تل أبيب النووية حينها خرجت الأوساط الإسرائيلية ووسائل إعلامها لتقول لوكالة الطاقة الدولية ألا تكيل بمكيالين وترفض التفتيش عن مفاعلات إيران النووية وهي النغمة التي رددها مسئولو تل أبيب، مؤكدين أن الأولي بتلك الوكالة تفتيش مفاعل بوشهر وغيره من المفاعلات الذرية بطهران والتأكد مما إذا كانت للغرض السلمي أم لا، إذن فهذه الخطوة قد تكون من سيناريوهات التعامل الإسرائيلي الدولي مع مفاعل مصر الجديد لما لها من سوابق . حملة تل أبيب ضد القاهرة شارك فيها أيضا خبراء إسرائيليون في المجال النووي كان علي رأسهم أفرايم أسكولاي، خبير الطاقة الذرية بإسرائيل الذي أدلي بتصريحات لصحيفة «معاريف» أكد فيها أن «إسرائيل لديها معلومات تؤكد أن مصر حاولت تخصيب اليورانيوم منذ عام 1986، لكن الجديد في تقرير الطاقة الذرية الأخير هو العثور علي كمية من اليورانيوم عالي التخصيب« لكن المؤكد أن إسرائيل تجعل اكتساب المصريين الخبرة والحصول علي المعدات والمنشآت والمواد الدقيقة التي تجعل الانتقال من البرامج النووية ذات الطابع المدني إلي المفاعلات ذات الطابع العسكري.