الخرائط تتغير..! قالها الرجل الخبير بالاستمرار في اللحظات الحرجة. خبير بمعرفة اتجاهات الرياح، ويشم رائحة الغدر قبل أن يتحول إلي ضحية حمقاء. الأحمق الآن من لا يفهم إشارات وعلامات العاصفة القادمة، ويحافظ علي موقعه القديم، أو يهرب مع الباحثين عن ملجأ للاختفاء في الأيام الصعبة القادمة. الخبير يبحث عن المخبأ. ويخفض من حجم تعاملاته. ويدخل في عباءة المؤسسة الخطيرة التي كونت شركة تبتلع كل المقاولات التابعة للقطاع الذي يعمل فيه. ورغم أنه كبير في مجاله، فإنه اختار العمل تحت عباءة التنين، أو المؤسسة الكبري التي انتشرت في الأيام الأخيرة.. واحتلت مواقع متقدمة في البيزنس، لكي لا تضيع هيبتها، ولتحجز مكانها في أي ترتيبات قادمة. البلد الآن رهن صراعات لا تُري بالعين المجردة. ومن الممكن أن يتحول الشخص من صاحب مال ونفوذ وجاه إلي ضحية في لمح البصر، كما حدث مع صاحب «السليمانية» الذي تنتشر الحكايات عن سبب طرده من خط الحماية. الحكايات كثيرة، وأهم بالنسبة لأهل البيزنس من الموقف القانوني. قانون المحميات السياسية ثابت، لكن هناك حرباً الآن لترتيب المحميات حسب المنتصر في حرب المواقع. أغلب المقيمين خلف أسوار المحميات السياسية يعملون في الخفاء، إنهم أبناء نظام مبارك وقصصهم هي الحكاية الحقيقية لما حدث في ال 30 سنة، هم اللاعبون الأساسيون، يعيشون في خير النظام وينقذونه من ورطات سياسية، كونوا ثرواتهم بقربهم من المنطقة الدافئة في قصر الرئاسة وتحولوا إلي ديناصورات مالية ببركة الرضا السامي، ويلعبون أدوارًا لا يُعلَن عنها، لكنها تمنحهم المزيد من الثقة وتزيد فرصهم في حماية أكبر. حرب المواقع لها ضحايا، وهذا سر مزاج الرعب الذي تعيشه حركة المال في مصر، حركة قلقة تتجه إلي شراء الأراضي، أو العمل بنصف الميزانيات، أو الدخول في تكتلات تحت حماية مؤسسات صلبة، أو لها عمود في بنيان الدولة. إلي أين ستقود هذه الحرب المحمومة؟ كيف ستؤثر في ترتيبات الحياة ما بعد مبارك؟ إنها مرحلة «نقل الملكية» وسط صراعات الورثة، وهي عملية كانت تتم بهدوء.. وبدون إزعاج. هذه المرة تتغير الخرائط. والأطراف الذين استقروا 30 سنة في لعبة واحدة، يريدون الحفاظ علي أنفسهم، والجميع يريد مع تثبيت موقع، الحصول علي صكوك بالشعبية من جماهير لا تعرف أنها صاحبة الحق الوحيد في رسم الخريطة وتقرير من يحكم مصر .