.. لا تخشي علي أمة تراجع نفسها، ولا تعاند في كشف خطاياها وعيوبها، ولا تنتظر خيراً، من أمة تكابر، وتتمادي في الأخطاء، وتنكر الحقائق، ولو كانت في وضوح الشمس. .. نعم .. لدينا مشكلة قبطية ولا يستطيع أحد أن ينكر أن ثمة أزمة ثقة تشوب العلاقات هي محصلة لتراكمات كثيرة تاريخية، ومعاصرة، بعضها تم بطريق الصدفة والخطأ وبعضها وقع عمداً وبسوء قصد!! .. هذا الواقع المؤسف لابد أن نعترف به، كي نبدأ التشخيص الصحيح، ووضع رؤية واضحة للعلاج، والمواجهة فالسكوت، علي ما يحدث هو تواطؤ وتستر علي جريمة تتهدد الوطن ووحدته وسلامته والاستسلام لهذا الواقع سيقودنا إلي قاع أليم نهوي إليه. .. يجيء دورنا الآن ونحن نحاول استجلاء حقيقة الأزمة وأن نحدد ملامحها الحقيقية وأسبابها . .. أولها: علاقة الاحتقان الطائفي بحالة الاحتقان العام في مصر، معظم المشاكل التي توصف بأنها قبطية لها علاقة حقيقية بكونها مشاكل مصرية يعاني الأقباط منها بصورة مضاعفة، وأبرزها الشعور العام بغياب العدالة والحقوق والمساواة والشعور بالتمييز والظلم. ثانيها: لدينا مشاكل قبطية تتصل بالإعلام والتعليم ، فبشأن الإعلام أرفض أن يطلب البعض حصانة خاصة وكأنها «جيتو ثقافي» للأقباط، لكننا نرفض أيضاً تنامي اللغة الطائفية في الإعلام وغياب قيم التسامح والتقارب وثقافة التعدد السياسي والديني في ظل إعلام مريض بالتوحد ومصاب بآفات تنمي مشاعر العداء والفرقة والتمييز. .. أما عن التعليم فمازالت مناهجنا قاصرة علي فهم رسالة التعليم في تنمية ثقافة المواطنه وحقوق الإنسان، وليس بعيداً عنا قرار وزير التعليم الجديد- الأول- وهو إلغاء البرامج التدريبية الخاصة بحقوق الإنسان والمواطنة في أولي ساعات توليه الوزارة، فضلاً عن قصور المناهج التعليمية في عرض الحضارة القبطية التي استمرت ستة قرون كاملة من تاريخ مصر والتي هي جزء من نسيجنا الحضاري، لا يمكن تجاهله أو تهميشه في المناهج التعليمية بالصورة الحالية مما يضعف صلة أبناء الوطن بجزء من ثقافتهم. .. ثالثها: سيادة الشعور بالظلم لدي الأقباط بفعل عوامل مختلفة أبرزها الحرمان من بعض الوظائف بصورة تسيء لوطنيتهم وكفاءتهم أو تصنفهم علي أنهم مواطنون درجة ثانية، خاصة الوظائف السيادية والسياسية، وبعض الأجهزة الأمنية التي تخلو من قبطي مثل مباحث أمن الدولة. .. رابعها: ضرور الإلغاء الفوري للخط «الهمايوني» الذي صدر في فبراير 1856 من الباب العالي وكذلك الشروط الغريبة والشاذة التي أصدرها اللواء محمد العزبي باشا -وكيل وزارة الداخلية المصرية- في فبراير 1934 والمتصلة ببناء الكنائس واستبدالها بقانون موحد لدور العبادة في مصر بما يتوافق مع نص المادة «46» من الدستور الحالي التي تكفل حق كل مواطن في مصر في حرية ممارسة الشعائر الدينية. .. خامسها: لابد من إصدار عدة تشريعات مهمة لمواجهة أسباب حالة الاحتقان الطائفي منها تشريع يعاقب علي التفرقة الدينية أو سب أو إهانة الأديان، وكذلك تشريع خاص للأحوال الشخصية للأقباط، وقانون موحد لبناء دور العبادة، وكذلك وضع نظام انتخابي جديد يعتمد فكرة القائمة النسبية وهو النظام الذي يحقق فرصاً أوسع لتمثيل الأقباط والمرأة والشباب وجميع الأقليات تمثيلاً عادلاً في المحليات ومجلسي الشعب والشوري.. .. هذه بعض ملامح لبعض الحلول لجانب من جوانب الأزمة.