لم تتغير مي عز الدين في «قضية صفية» كثيراً، فمازال لديها ذلك المخزون من التعبيرات الذي يشبه الدرج الذي تفتحه قبل كل دور، وتخرج منه شوية تعبيرات تقوم بتوزيعها علي وجهها طوال مدة التصوير.. تعبيرات وجه مي عز الدين لم تختلف كثيرًا منذ اليوم الأول لظهورها كبطلة أمام محمد فؤاد في فيلم «حالة حب» حتي الآن.. صحيح أنها تنوعت في تقديم أدوارها وصحيح أن أداءها تطور من دور لآخر بشكل ملحوظ، لكن مازال التعبير المفضل لديها هو قلب شفتيها مع رعشة خفيفة وغرغرة عينيها بالدموع. وفي مسلسلها الجديد «قضية صفية» والذي تدخل به مي ثاني بطولاتها التليفزيونية المطلقة بعد «بنت بنوت»، قررت مي أن تزود الجرعة حبتين، لكن يبدو أنها لم تلتفت إلي أن الجرعة هذه المرة جاءت بزيادة شوية، فقد تحولت حلقات «قضية صفية» علي أيديها لنهر من الدموع التي لا تنقطع ولا تفارق وجه صفية الذي امتلأ بمجموعة التعبيرات المحفوظة التي تتخيل مي عز الدين وحدها أنها مؤثرة! الحلقة الخامسة مثلا ًمن مسلسل «قضية صفية» بدأت بدموع مي عز الدين وانتهت بدموعها سواء كانت محبوسة في عينيها أو علي خدها، فهي تبكي في مشاهدها مع شقيقها صبري «طارق لطفي» في الدوار، وتبكي في مشاهدها مع والدتها، وتبكي وهي تجلس وحدها في الغرفة، وتبكي في مشاهدها مع الضابط ممدوح «أحمد السعدني»، وتبكي وهي تتذكر كل ما حدث وتبكي طبعا في مشهد وفاة والدتها في نهاية الحلقة، كل هذا مع الاحتفاظ بالخلطة السحرية لتعبيرات وجهها التي لا تتغير. فإن كانت لم تختلف من فيلم لمسلسل هتتغير من مشهد لمشهد؟! أما مشاهد «ممدوح» مع «صفية» فهذه حكاية لوحدها فهي قصة حب «أربعيناتي» لا يختلف الحوار فيها كثيرا عن الحوار الذي كان يدور بين الفنان الراحل محمد عبد الوهاب، وبطلات أفلامه، ويكفي ذلك المشهد الذي يطلب فيه ممدوح من صفية ألا تسلم نفسها للشرطة، وأن تكمل معه المشوار الذي بدآه سويا، فجاء رد صفية عليه، بأن المشوار طويل، ففاجأها ممدوح برد أكثر تقليدية من ردها قائلا: «هامشيه معاكي يا صفية لحد ما نوصل لآخره»، فهل يعقل أن نسمع هذا الحوار في مسلسل يعرض عام 2010؟ أو نسمع طارق لطفي وهو يقف منتشيا في أحد المشاهد، ويقول: «أنا لسه ما اتخلقش اللي يقف قدامي». الحلقة بشكل عام امتلأت بالأكليشيهات القديمة والقوالب المحفوظة سواء علي مستوي الحوار أو علي مستوي الشخصيات، فهل يعقل أن نشاهد مي عز الدين يوميا بملابسها التي تشبه ملابس استوديو التصوير السحري الموجود في الملاهي والمكونة من جلباب طويل من القماش «الساتان»، ومعه خمس ست قطع أخري من الملابس كل منها بلون مختلف أحمر علي أخضر علي أصفر علي أزرق، متخيلة أن الفتيات في الأرياف مازلن يرتدين هذه التصميمات والألوان «الفاقعة»، رغم أنها انقرضت من زمان، ولم يعد لها وجود في الأرياف، خصوصاً بين الفتيات اللاتي يفضلن، إما ارتداء الملابس المودرن أو العبايات السوداء، فلو كانت مي قد كلفت خاطرها وقامت بزيارة سريعة لإحدي القري الريفية قبيل التصوير، لوفرت علي نفسها عناء كل هذه البهرجة الغريبة في الألوان، لأنها كانت ستكتشف وقتها أن ذوق الفتاة الريفية اختلف عن الصورة القديمة الموجودة في الأفلام القديمة، والتي يبدو أنها -الأفلام القديمة - كانت المصدر الأساسي الذي استمدت منه أسرة المسلسل معظم معلوماتها.