علي طريقة الدروس الخصوصية التي يتلقاها طلاب المدارس، انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية شركات ومكاتب خاصة تزعم أنها متخصصة في تأهيل الكليات والمعاهد والمدارس للتقدم للحصول علي الاعتماد طبقا للمعايير التي أقرتها الهيئة القومية للجودة مقابل مبالغ كبيرة يتم الاتفاق عليها عند التعاقد. ورغم أن تلك المكاتب بدأت في مخاطبة كليات ومدارس، ونظمت حملة دعائية ضخمة في الصحف للإعلان عن نشاطها، فإن أحداً من مسئولي وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، لم يتحرك أو يبادر بتوضيح موقف الوزارتين من البيزنس الذي تديره تلك المكاتب التي أسسها مسئولون سابقون وحاليون بالجامعات الحكومية، كما لم يحذر أي منهما من عملية النصب التي قد تتعرض لها المؤسسات التعليمية من جانب تلك المكاتب التي نفت الهيئة القومية للجودة - هيئة تابعة لمجلس الوزراء- علاقتها بها وحذرت من التعامل معها لتعارض نشاطها مع مفهوم شهادة الاعتماد التي تمنحها الهيئة بجودة المدارس والجامعات والمعاهد. الغريب في الأمر أن تلك المكاتب بدأت في الإعلان عن خدماتها بعد ساعات قليلة من اعتماد مجلس الجامعات الخاصة خطة اعتماد الكليات التابعة لتلك الجامعات، وبعد ساعات أقل من اعتماد الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم لكشوف المدارس التي ستتقدم للحصول علي اعتماد الهيئة خلال الفصل الدراسي المقبل، بالرغم من أن قرارات الاعتماد تلك لم يتم الإعلان عنها، ولا يعرف بها غير دائرة صغيرة من المحيطين بوزيري التعليم والتعليم العالي، وأعضاء مجلس الجامعات الخاصة؛ مما يعني أن مديري ومؤسسي تلك المكاتب علي صلة وثيقة بمسئولي التعليم ليتمكنوا من الاطلاع علي تلك المعلومات غير المتاحة. وإذا فرضنا جدلاً أن بعض تلك الشركات قد لا يكون هدفه النصب علي المؤسسات التعليمية، فما المؤسسات التعليمية المستهدفة "الزبائن" التي تستهدفها هذه الشركات، هل هي المؤسسات الحكومية التي لا تكاد تغطي نفقات العملية التعليمية وليس لها سبيل لإيجاد التكاليف الباهظة لتلك الشركات، أم الجامعات والمدارس الخاصة التي سوف تستقطع تلك التكاليف من المنفق علي العملية التعليمية أو تتحول تلقائيا إلي زيادة في المصروفات؟. الأهم من ذلك أن ترك الحبل علي الغارب لمثل تلك المراكز التي لا يعرف أحد كيف ظهرت سيؤدي إلي انتشار نطاق عملها بشكل موسع خلال الفترة المقبلة، خاصة أن 60% من المؤسسات التعليمية التي تقدمت للحصول علي اعتماد الجودة من الهيئة خلال العامين الماضيين لم تحصل عليه لعدم استيفاء المعايير المطلوبة حسبما يشير تقرير هيئة الجودة السنوي وهو ما يعني أن هذه المؤسسات ستسارع للتعاون مع تلك المراكز التي تعمل بها عناصر ساهمت في وضع معايير الجودة مثال ذلك مدير أحد المكاتب الذي مازال يدير منظومة الجودة بجامعة عين شمس مما يجعل الأمر مثيرا للشبهات، وأشبه إنشاء منظومة جودة وهمية تساعد المدارس والجامعات في الحصول علي اعتماد دون استيفاء الشروط اللازمة لذلك. وبحسب الدكتور مجدي قاسم رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للجودة فإن الخدمات التي تعرضها تلك الشركات من إنشاء نظم للجودة بالمدارس والجامعات يتعارض في ذاته مع أولويات الجودة في التعليم والتي تقتضي أن يكون ضمان الجودة الداخلية مسئولية أصيلة للمؤسسة وأن تكون نظم الجودة منشأة ذاتياً ويشارك فيها العديد العاملين بالمؤسسة لضمان الالتزام بها.