نحن شعب قوامه يقترب من الثمانين مليوناً من المواطنين، ستون في المائة منه من الشباب، أي ما يقرب من ثمانية وأربعين مليوناً.. تخيَّلوا لو أن كل الأصحاء من الشباب، وكل ما ننشده هو عُشرهم فقط، قد تبرَّع بنصف لتر من دمه سنوياً.. في هذه الحالة ستحصل بنوك الدم علي ما يقرب من اثنين مليون لتر دم، من مختلف الفصائل في العام، وسينتعش بهذه الدماء أطفال أبرياء، يعانون أمراض الدم، ومرضي فشل كلوي، مصابون بأنيميا حادة، ومصابو حوادث، وجنود، وحتي الشباب أنفسهم، لو أصابهم مكروه لا قدر الله، أو أصاب أحد أفراد أسرتهم.. فلماذا لا يفكر الشباب، ونفكِّر كلنا في الأمر بجدية إذن؟!.. نفكِّر في أن يختار كل منا يوماً، يري أنه أفضل أيام السنة، ويتبرَّع فيه مرة واحدة بنصف لتر من دمه، ويعتبر هذا زكاة عن كل ما حصل عليه من نعم الخالق عزَّ وجلَّ طوال العام، وهي نعم إن تعدوها لا تحصوها.. ولا ينبغي أن يتحجج أي شاب بأنه ضعيف البنية، أو لن يحتمل التبرُّع، فكل بنوك الدم لن تحصل علي قطرة واحدة من مواطن، قبل أن تتيقَّن من أن صحته تحتمل هذا، وأنه قادر علي التبرع، ولن يصيبه أدني مكروه جراء هذا، وليس مصاباً بما يمكن أن يؤذي من سيحصل علي هذا الدم.. هيا يا شباب.. نصف لتر واحد من الدم كل سنة.. أهذا كثير؟! تعلموا العطاء من الآن؛ لأن العطاء هو سر وجود الإنسان في الأرض، بل سر وجود جميع الكائنات، التي تؤديه كلها كنوع من الغريزة، دون تفكير أو تردُّد، ولكن الإنسان يمتلك - من دونها جميعاً - إرادة خاصة، تحكم غريزته ورغباته وانفعالاته، ومن أجلها يحصل علي الثواب، ويعلو فوق سائر الكائنات، ويجازيه الخالق عزَّ وجلَّ علي ما يعطيه.. ومن فرَّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، فرَّج الله سبحانه وتعالي عنه كربة من كرب اليوم الآخر، وما أدراك ما كرب اليوم الآخر؟! هيا إذن.. أعط دمك.. كل سنة مرة.