«نور أم ليوناردو.. يالهوي»!! عرفت التفاصيل من زميلي محمد عبد الرحمن. التقط تعليقات القراء « 15 صفحة تعليق » علي خبر إنجاب الممثلة اللبنانية نور طفلها الأول. من اسم المولود «ليوناردو»اكتشف القراء ديانة النجمة، وصرخ بعضهم «يالهوي.. نور مسيحية». تعليقات القراء تغيرت من السعادة بالمولود إلي الصدمة ثم الغضب بعد اكتشاف الهوية الدينية من خلال اسم المولود. الصدمة أطلقت حرب تعليقات شنتها ميليشيات المجاهدين المنتشرين علي كل صفحات الإنترنت. المجاهد من هؤلاء يفرغ حياته لمتابعة كل كبيرة وصغيرة تكتب بالعربية عن الشئون العامة، ويتبرع بإلقاء القنبلة الأولي في حرب تستقطب العشرات والمئات بشكل مثير.. يقف كل من المعلقين خلف ترسانة قوية يوجه الشتائم والاتهامات ويحرض أبناء دينه للدفاع عن الدين الذي يتعرض للخطر. لا يعرف أحد قيمة المجاهد ليفتي ويقول سخافات وشتائم ويتصور أنها آراء يمكن أن يحتفظ بها لنفسه أو لثلاثة اشخاص يهتمون به في حياته، ولكن الإنترنت بالنسبة له فرصة أن يشعر بأهمية مفرطة، عندما يلقي القنبلة وتصطاد مؤيدين ومعارضين لتبدأ الحرب الوهمية في لحظة. أحد المجاهدين وجد في نفسه جرأة سخيفة ليدعو نور إلي تغيير دينها، ويعدها بتخصيص صفحة محترمة علي الفيس بوك.. ومن يعلن عدم مشاهدته أفلامها بعد هذا الاكتشاف، هناك بالطبع ردود ودفاع عن التسامح وإعلان محبة لنجوم لم يكن أحد يعرف هويتهم الدينية. لكن الحرب أفسدت تهاني المولود الجديد.. أفسدت المزاج الحلو بين نجم وجمهوره، والاحتفال بالحياة من خلال طفل جديد، لن يضر أحداً من القراء إن كان مسيحيا ولن ينفعهم إن كان مسلماً. إنها حرب تفسد الفرح بالحياة، وتحول الشخص إلي جندي في قطيع. الحرب يقودها أشخاص يقعون تحت التنويم المغناطيسي لقادة فاشية ترضي غرور الأشخاص الصغار. لايفوتنا طبعا أن مساهمة القراء من الخليج في هذا النوع من الحروب كبيرة، لانها مجتمعات في مأزق كبير، تعيش حياة حديثة، وتعدداً مفروضاً عليها بفعل الاحتياج إلي خبرات من جنسيات وأديان وأعراق مختلفة، وفي نفس الوقت عقلها مازال أسير القبيلة . هذه الأزمة يتم تصديرها علي شبكات الإنترنت علي أنها جهاد إسلامي. يهاجم القراء الخليجيين المجتمعات التي بنت نهضة كبيرة بفعل التعدد، ويعايرون شعوبها بأنهم يعيشون متساوين مع أصحاب ديانات أخري. هذه العدوي تنتقل مثل الشرارة المغناطيسية.. وتخلق مجاهدين علي الشبكة الافتراضية يدافعون عن تخلفهم باسم الدين. الفاشيون.. وحدهم سعداء بنشر المزاج المتطرف. الفاشي يري نفسه في فكرة كبيرة تبدو فيها جماعته مميزة علي الآخرين. هكذا ظهر هتلر في ألمانيا، وموسوليني في إيطاليا، وكل منهما مسيحي يدعو إلي أن جماعته هي الأولي بالبقاء وقيادة العالم.. دعوة لاقت ترحيباً كبيراً عند قطاعات تشعر بالدونية وبعدم الاكتمال ومنحها إحساس الذوبان في القطيع المميز، نشوة وشعور بالعظمة زائف ومدمر له وللآخرين. ماذا سيكسب مجاهدو الإنترنت إذا كانت نور مسيحية أو مسلمة؟ هل سيتوقف هؤلاء عن استخدام الاسبرين أو البنسلين إذا علموا أن مخترعه مسيحي مثلا ؟ هل سيتوقف الفاشيون عن الاستفادة من إنجازات النظرية النسبية إذا علموا أن أينشتاين كان يهودياً؟ الفاشي تافه بطبيعته. لكنه يحول التفاهة إلي سلاح قاتل. حكت لي صديقة كانت تركب سيارة صديقتها، وفجأة صدمتهما سيارة أخري.. نزلت صاحبتها بكل استفزاز وصرخت في وجهيهما :.. موش كفاية إنكو مسيحيات...! الصدمة.. ألجمت اللسان. من أين استمدت الراكبة التي لا تعرف في قيادة السيارات، كل هذا الجبروت؟ تخطئ، وتهاجم الناس في دينهم. والغريب الذي لم تعرفه الفاشية التافهة أنه لا صديقتي ولا صاحبة السيارة التي صدمتها من أتباع الدين المسيحي. نور .. أوماريان : حمدالله علي السلامة. ليوناردو: أهلا بك.