.. اسمه «الشافعي» لكن فعله حنبلي، وكأنه يضع عمامة ابن حنبل فوق رأسه والدستور علي يمينه وكل كتب القيم علي يساره.. ويحكم بين الناس!! .. لم أعرف قسوة تستبطنها رقة ومحبة مثل قسوته في الحق!! .. لم أعرف غضباً تستبطنه سماحة ومودة مثل غضبه!! .. لم أعرف جهامة تستبطتها خفة ظل ودماثة مثل جهامته!! .. هو قطعة من طين وتراب هذا الوطن وتمثيل لفلاحيه، لعماله، لمنتجيه، لمثقفيه، سلاحه عفة النفس وشموخ الموقف وجسارة الإرادة ومحبة الناس له وتفانيه في خدمتهم بغير حساب. .. نائب هو، لكنه ليس كأي نائب، إنه رئيس جمهورية «زفتي» كما كنت أحب أن أسميه من بين عدة أوصاف وتسميات يطلقها عليه كل من يعرفه، ويقع في حبه، فهناك من يحب أن يسميه «شيخ العرب»، وهناك من يطلق عليه «رأس الحكمة».. وهناك من يسميه «الإطفائي الأول» وأقرب الأسماء إلي عقلي وقلبي هو «الفارس».. وهو بالفعل فارس سلاحه غضبه للحق، وصدقه في الحق، وصراحة قاطعة، فارقة، وضمير نقي وشريف في وجه الإغواء وسلطة العسف. .. الفارس الذي أحدثكم عنه هو النائب المحترم والسياسي المخضرم، والليبرالي الكبير «عبدالفتاح الشافعي». .. «عبدالفتاح الشافعي» ابن قرية شرشابة وزعيمها ونائب دائرة زفتي السابق، ليس نائباً يمثل دائرة أو أمة أو حزباً بل كان الرجل ومازال الديك الصياح في كل موقع بأجل وأنبل القيم الإنسانية المتحضرة. .. عرفته عندما تزاملنا في الوفد لسنوات، وعندما وفد إلي البرلمان بجلبابه وغطاء الرأس الفلاحي المصري قلت لمن كانوا معي: انتبهوا لهذا العملاق القادم من جمهورية زفتي، وصدق إحساسي به. .. عندما تقدم الرجل باستجواباته وإجراءات رقابية بطريقته الفذة، كان محطاً للأنظار، ومفاجأة كبيرة لمن لا يعرفه، وربما لا يتوقع منه كل هذا القدر من الثقافة والظرف وخفة الظل وعمق الفكر!! .. عندما قررنا أن نتقدم بأوراق حزب الغد للجنة شئون الأحزاب ترددت في أن أعرض عليه أن يشاركنا التقديم ويدخل معنا المغامرة، إذ بي أجده أول المتقدمين وأسرع من لبي النداء. .. عندما خضنا معارك الغد، كان أول المقاتلين وأشجع المبادرين، في كل معركة وساحة، مقدماً التضحيات تلو الأخري في صمت دون مزايدة أو إعلان أو إعلام. .. أحدثكم عن رجل بمعني الكلمة، يتمثل فيه الإنسان المصري بكل معاناته، ونضاله وكبريائه وشموخه وتضحياته.. قاوم كما قاوم كل من دخل الغد في هذه المرحلة مغريات ذهب المعز، وتحمل ضربات سيفه التي امتدت لأسرته ودائرته وحقه في موقعه البرلماني!! .. لا أتحدث عن «عبدالفتاح الشافعي» الصديق أو البرلماني أو القيادي في حزب الغد الذي يشغل الآن موقعاً رفيعاً في مجلس حكمائه بل أتحدث عن إنسان نادر، لا يعرف الأقنعة ولا مسافات التحفظ أو الحسابات المصلحية الضيقة.. إنسان لا يتحدث عن نفسه، بقدر ما يحدثنا عن فعله الخلاق، وإصراره الواعي ومعاناته الصابرة وتفتحه الجسور. .. هذه السطور ليست إثراء أو ثناء علي رجل لا ينتظر المدح من أحد، بل هي حيثيات تكريم يشرع فيه حزب الغد لبعض رموزه من شيوخه وقادته الحقيقيين!! .. كثيراً ما كرمنا شباب الغد، الذين خاضوا بحريتهم تجارب الاعتقال، أو تحملوا معاناة السجن والعنف البوليسي، لكننا قصرنا وتأخرنا كثيراً في الإعلان عن تكريم شيوخ الغد ممن خاضوا معاركه، وقبلها معارك الحرية في هذا الوطن.. في صمت ودون ضجيج. .. قائمة المكرمين تضم كوكبة من حكماء الغد في مقدمتهم زعيمنا وكبيرنا، رئيس مجلس حكماء الغد، النائب الشجاع والأب الذي تعلمنا منه مهارة الإصغاء الحنون، النائب «عبدالمنعم التونسي» نائب منفلوط ورمز الصمود والمبادئ، والقيم والثبات علي المبدأ الذي نحتفل اليوم بذكري مولده. كما تضم القائمة رئيس الغد السابق السفير «ناجي الغطريفي» الذي تشرفت بالكتابة عنه مراراً في هذه الزاوية من سجني وخارجه، مشيراً لحقيقة أن الغد أكبر من زعامة شخص بعينه بل هو مؤسسة عابرة للأشخاص، عامرة بزعامات ورموز ورجال دولة، أبرزهم السفير الجليل الذي عرفته منذ أكثر من ربع قرن، وتتضاعف معرفتي وحبي له في كل يوم وموقف طوال هذا العمر! .. حفل تكريم شيوخ ورموز الغد، الذي تجري مراسمه الأحد القادم بمقر الغد سيضم أسماء رحلت عن عالمنا وأخري مازالت تُثري هذا العالم بعطاء صامت أمثال الدكتور «عمر سيد الأهل» والأستاذ الفنان الليبرالي المبدع «محمد نوح»، والمفكر الليبرالي «أحمد عاشور» والمستشار «مرسي الشيخ».. وآخرين. .. سطوري، وهذا الحفل، ليس تكريماً لهؤلاء بقدر ما هو تشريف للغد، الذي لا يعلم الكثير عنه إلا القليل!! .. إذا كان البعض ينسي.. فالحقائق الشامخة لا تسقط ولا تُنسي!!