لا فرق بين اللواء والدكتور.. الداخلية والتعليم.. الأب والابن.. فمن شابه أباه فما ظلم .. لا فرق بين اللواء زكي بدر - وزير الداخلية الأسبق - والدكتور أحمد زكي بدر - وزير التعليم الحالي - فكلاهما خريج مدرسة واحدة أنشأها الوالد وصار علي دربه الابن بنجاح ساحق، هذه هي الحقيقة التي يجب التعامل معها في الفترة المقبلة، فوزارة التربية والتعليم انضمت من خلف ستار إلي وزارة الداخلية وربما يتغير اسمها إلي وزارة الداخلية والتعليم بدلاً من وزارة التربية والتعليم. لا أحد يعرف أسباب صعود رئيس جامعة عين شمس بكرسي وزارة التعليم ربما لغرض ما في نفس الرئيس مبارك صعد نجل وزير الداخلية الأسبق لكرسي الوزارة بعد أن تركه الأب تحديدًا 1990 قبل عشرين عامًا في عهد الرئيس مبارك، لكن المؤكد أن المسافة التي تفصل وزارة الداخلية عن التربية والتعليم في ميدان لاظوغلي ستقترب أكثر وربما تزول تمامًا، خاصة أن وزير التعليم السابق الدكتور يسري الجمل فشل في الوقوف أمام مظاهرات واعتصامات المعلمين بسبب كادر المعلمين والإداريين بسبب حافز الإثابة التي انتشرت في كل مكان، علاوة علي مشاكل الثانوية العامة التي وصلت لحد تسرب أسئلة الامتحانات بجانب شكوي الطلاب من صعوبة الأسئلة، لذلك لم يكن غريبًا أن يجد الرئيس مبارك ضالته في نجل وزير الداخلية الأسبق ورئيس جامعة عين شمس، هذا الرجل المشهود له «بضرب» طلاب الجامعة وقمع الأساتذة والمعيدين مما جعلهم يتظاهرون ضده طوال فترة وجوده في الجامعة، كان بدهيًا أن يضع اسمه الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء علي مكتب الرئيس مبارك باعتباره الحل الأمثل لحل كل مشاكل الحكومة مع المدرسين والطلبة وأولياء الأمور والإداريين؛ لأنه سيضرب بيد «ابن وزير داخلية» يعرف كيف يضرب دون أن يترك أثرًا. الدكتور أحمد زكي بدر يؤمن بأفكار والده - وهذا حقه لكنه ليس ذنبا علينا - إيمانا مطلقا ويري أن الحل الأمني هو أسلم الحلول و يعتقد أن المعارضة مجموعة من الغوغاء ويرفع شعار الأمن فوق كل اعتبار، لذلك كان خروجة من جامعة عين شمس بمثابة «يوم فرح» للأساتذة قبل الطلبة، لكن المشكلة ربما تكون قد انتهت في الجامعة لكنها انتقلت إلي وزارة التعليم التي من المفترض أن تسبقها كلمة انتهت صلاحيتها منذ زمن وهي «التربية» وأظن أن هذه الكلمة سيتم استبدالها في الفترة المقبلة ليطلق علي الوزارة اسم «وزارة الداخلية والتعليم» بدلاً من «وزارة التربية والتعليم». زكي بدر الابن حصل علي الدكتوراه في تخصص هندسة الحاسبات والمعلومات من جامعة عين شمس في العام نفسه الذي صعد فيه الأب إلي منصب وزير الداخلية عام 1986 وظل 14 عامًا يقوم بالتدريس في كلية الهندسة إلي أن صعد فجأة إلي منصب عميد أكاديمية أخبار اليوم ليكون هذا المنصب بمثابة «وش السعد» عليه، فبعد ست سنوات صعد نجمه (في نظر الحكومة طبعًا) بعد أن وجدوا أنه يدير أكاديمية خاصة بطريقة والده «بالحديد والنار» وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون المناخ داخل جامعة حكومية مثل عين شمس أفضل لممارسة أفكاره في تأديب الطلاب وتحويلهم إلي مجالس تأديب وحرمانهم من الامتحانات وكذلك السيطرة علي الأساتذة وجعلهم ينشغلون برواتبهم وحوافزهم فقط وهو ما تحقق بالفعل، فمع صعود أحمد زكي بدر إلي منصب نائب رئيس جامعة عين شمس أثبت كفاءته بسرعة مذهلة جعلته يقفز إلي منصب الرئيس سريعًا وينزل من مكتبه إلي ساحة الجامعة ويبدأ في العمل إلي تصفية الحركات الطلابية داخل الجامعة، بل ينجح نجاحًا مبهرًا في تقسيم الطلاب إلي قسمين الأول يبحث عن حفلات ورحلات الجامعة التي لا تنتهي وتتصادف - سبحان الله - مع مواعيد مظاهرات القسم الثاني من الطلاب، هذا علاوة علي جعل طلاب لا يتمنون أكثر من أن يسمح لهم رئيس الجامعة بأن يدخلوا الامتحانات دون اللجوء للقضاء الإداري وبالتالي تقلص عدد المظاهرات حتي اختفت تقريبًا داخل أسوار الجامعة إلا إذا كانت بالتنسيق مع الحرس الجامعي الذي كان له دور البطولة في عهد نجل وزير الداخلية الأسبق. لا أعتقد أن وزير التعليم الجديد جلس يفكر - بعد أن سجد شكرًا لله علي أنه أصبح وزيرًا - في خطط تطوير التعليم ولا أظن أنه يحمل أفكارًا جادة تصلح لتطوير التعليم مثل الدكتور حسام بدراوي - رئيس لجنة التعليم في الحزب الوطني والمرشح دائمًا ليكون وزيرًا للتعليم - لكن الأهم أن الدكتور نجل اللواء يحمل عقلية أمنية تعرف كيف تقضي علي مظاهرات المدرسين والإداريين في مهدها ويدرك طرق الحل السريع التي لا تحتاج تفكيرًا طويلاً.. وفي الوقت نفسه لا مانع من تطوير الثانوية العامة طالما أن الرئيس يريد ذلك، لكن الأهم ألا تخرج مشاكل الوزارة خارج أسوارها وألا تكون هناك وقفة احتجاجية أمام الوزارة كل فترة.. باختصار أن يطبق المقولة الأثيرة التي من المؤكد أنه سمعها من والده وهي «كله تحت السيطرة» وربما لهذا الهدف فقط تمت الاستعانة بنجل وزير داخلية أسبق.. فرغم أن ترتيب الدكتور أحمد بين أخواته «الأوسط» فإنه كان الوحيد الذي «شرب» تعاليم والده كما ينبغي - وله أن يفخر بذلك كيفما يشاء- فقد استطاع بفضل هذه التعاليم أن يصبح من عميد أكاديمية خاصة إلي وزير للتربية والتعليم في فترة حرجة يغيب فيها الانضباط عن المدارس ولا يوجد فيها طالب واحد داخل الفصول وربما لو نجح في إعادة الطلاب للفصول - حتي لو بعساكر الأمن المركزي- سيضاف هذا إلي سجل إنجازاته أمام الرئيس وسيثبت أمام الرأي العام أنه كان الأحق بهذا الموقع الذي يحتاج إلي عقلية عسكرية أكثر منها تربوية.