تباري ندّان في لغة الفظاظة وقبح القول، غير أن الطرف البادئ لم يكن يتصور بلاغة جرير والفرزدق عند الجبهة التي تصدت لعدوانه، الذي تخطي محفوظات ومصبوبات سبابه اللفظي المتكرر لمن يخالفه، مثل الرمي بصفات "خفافيش الزمن الأغبر" و"طيور الظلام" و"غربان الصحراء" و"ثقافة البداوة" و"أدعياء التكفير" و"أصحاب التفكير الخرافي" و"ثقافة التخلف" وما هو علي هذا المنوال من تحقير الدين والمتدينين، إلي تحريض السلطات علي "المواجهة غير المترددة لتصاعد ظاهرة التدين إلي معدلاتها الخطرة التي تهدد المجتمع المدني ....لا فارق في ذلك جذرياً بين حمائم وصقور أو دعاة اعتدال ودعاة تطرف" فكلهم، برأي هذا الطرف الواشي، يستحقون البطش الغاشم، مهيبا كل مؤسسات الدولة لتتكتل كتفاً بكتف لتفعيل المحاصرة والتفكيك والإخراس وسحب الرخص وإلغاء الترخيصات حماية ل "الديمقراطية" و"حرية الرأي" و"الدولة المدنية"! بل إن جبروت هذا الرهط قد سمح له الطعن بوضوح في نزاهة قضاة أصدروا أحكاماً تدينه، وفقاً لما توفر لديهم من مستندات تستوجب عقابه، وطاش ما طاش من اتهام باختراق القضاء "لقمع مفكري الدولة المدنية" ناعتاً حكم محكمة النقض ب "الكارثي" و"الجائر" وأن هناك "بعض القضاة" الذين يحكمون بإدانة "مفكري الاستنارة ومثقفيها" إلا أن هناك "القضاة الشرفاء الذين نستعين بهم"، بما يفهم منه اتهام البعض الآخر، غير المستعان بهم، بعدم الشرف ومن دون فهم واضح لمعني تلك "الاستعانة" المذكور الذي لم يدركه هذا الرهط أن بين ضحاياه من لديه مؤهلات لغوية في الهجاء تفوق بمراحل حصيلته في التقبح فهم يتملكون ما لايملكه من تراث معارك شهدها الأزهر عبر سنواته العامرة بالاختلاف والخلاف، من أول قذائف الضرب بالمركوب الأحمر حتي فتح خزائن الهجاء الفصيح الذي لا تتحرج مفرداته من أي صورة يشحذها الخيال للتنديد؛ فالفصاحة تغطي سوقية المرادف العامي، ولديهم الهجاء المزيّن بعبارات التقعر المتعمدة التي تقرص من تستهدفه القرص الموجع ولا تخفي تبحّر قائلها في التعبير الأدبي البارع وموهبته في اصطناع صياغات للشتم تحيّر قارئها بين الضحك والرفض مثال هذه الأسطر الرهيبة: "لو أن سفيهاً ذهب فأكل فخلط متضلعا من قمامات القاهرة التي ملأت فجاجها ثم نام مستلقيا فحلم فهذي لم يأت بأقبح مما فاه به ....... علي رؤوس الأشهاد"! وهكذا كان علي من لم تجتذبهم مشاهدة مباريات "المونديال" أن يتابعوا في "ساحة الضلالية" مباراة: "أنت البذيء الخارج عن أصول الأدب" لأ "أنت البذيء الخارج عن أصول الأدب"، والابتسامة المتأرجحة بين التعجب والاستياء لا تفارق شفاههم ، إذ أن المزعوم لمسببات النزاع وكل هذا التنابز بالألقاب هو: "الدفاع عن الديمقراطية وحرية الرأي" من جهة و"الذود عن الإسلام" من الجهة الأخري! تمتد وتتمدد "ساحة الضلالية" ويضيق الصدر ولا ينطلق اللسان إلا بما هو الأقل من كثير الحزن والاشمئزاز.