ظهرت أزمة انقطاع الكهرباء في مختلف قري ومدن مصر خاصة في الأقاليم مع الارتفاع الكبير الذي شهدته درجات الحرارة هذا الصيف، وكان الرد الجاهز من المسئولين هو أن هذا القطع هدفه تخفيف الحمل عن الشبكات، فهل حقا هذا الانقطاع يرجع إلي تخفيف الحمل، وهل هناك ما يسمي تخفيف الحمل أصلاً؟ ولماذا يوجه الانقطاع دوماً إلي المناطق الريفية ومدن الأقاليم دون المناطق الراقية والمنشآت الحكومية؟ بداية يختلف خبراء القوي الكهربائية ومسئولو شركات الكهرباء علي وجود خطة لتخفيف الأحمال أو ما يسمي قطع التغذية الكهربائية عن مناطق معينة بالجمهورية، حيث يؤكد المهندس ممدوح النحاس - رئيس شركة كهرباء خط قناة السويس عدم وجود خطة لتخفيف الأحمال نافيا وجود ما يسمي تخفيف الحمل الكهربائي من أساسه معتبراً قطع الكهرباء عن بعض المناطق يأتي بشكل اضطراري في حالة ارتفاع درجة الحرارة ووجود حمل زائد علي الشبكة. بينما ينفي الدكتور حافظ سلماوي - المدير التنفيذي لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك - ما يتردد علي ألسنة بعض المسئولين من عدم وجود خطة لطرح الأحمال الكهربائية وفقاً للمسمي المتعارف عليه بين الشركات. مؤكداً وجود كود توزيع الكهرباء الذي ينظم العلاقات بين المشتركين ووضع اشتراطات محددة تم الموافقة عليها في 5 يناير الماضي تهتم بالإجراءات الخاصة بجودة الخدمات المقدمة للمستهلكين. ويشير سلماوي إلي أنه من خلال هذا الكود تم وضع معايير لنظام طرح الأحمال وإمكانية وجود مصدر احتياطي في حالة فقدان التغذية الكهربائية والتأكد من عدم زيادة عدد ساعات قطع الكهرباء علي ساعتين لكل مواطن أسبوعياً وهو ما يقوم الجهاز بتقييمه ومدي التزام الشركات بالمعايير الموجودة في الكود لطرح الأحمال. ويبرر سلماوي قطع الأحمال بوجود ظروف استثنائية من بينها ارتفاع درجة الحرارة لما حدث يوم 21 يونيه الماضي، حيث وصلت إلي 47 درجة وحدث فصل كبير للخدمة لتخفيف الأحمال بحيث تزايد استهلاك الطاقة عن المعدل الطبيعي بحوالي 2500 ميجاوات. أما عن طريقة تحديد الأماكن التي يقطع عنها التيار دون غيرها فيؤكد سلماوي أنه وفقاً للأولويات فنجد أنه يعطي أولوية لعدم قطع الكهرباء بالدرجة الأولي عن أقسام الشرطة ورئاسة الجمهورية وفي الدرجة الثانية من الأولوية تأتي الأنشطة الإنتاجية ومنها المصانع التي قد يترتب علي انقطاع الكهرباء عنها خسائر مادية. ويأتي في الأولوية الثالثة والتي يسمح فيها بقطع الكهرباء بشكل أكبر أحمال الخطوط الطويلة من بينها المنشآت السكانية وغيرها من القطاعات غير المنتجة. ويعتبر من بين مهام الجهاز التنفيذي كما يوضح سلماوي متابعة وجود خطة لانقطاع الكهرباء أو طرح الحمل لدي شركات الكهرباء ومدي التزامها بالمعايير الخاصة بذلك بالإضافة للتأكد من عودة الخطوط لطبيعتها بعد التخفيف وأنه لا يوجد أعطال ناجمة عن قطع التيار الذي يجب ألا يستمر أكثر من نصف ساعة في المرة الواحدة، وفي حالة وجود مخالفات يتم تطبيق عقوبات علي الشركات تبدأ بالإنذار ثم المخالفة المالية التي تصل إلي 1% من رأس مال الشركة وفقاً للنسبة المقترحة في مشروع قانون الكهرباء الجديد حتي تصل العقوبة في أقصي درجاتها إلي وقف مؤقت لترخيص الشركة. ويدرس الجهاز حالياً إمكانية إرسال مواعيد قطع الكهرباء الخاصة بتخفيف الأحمال برسائل sms بعد التنسيق مع الشركة المصرية للاتصالات، بل يتم دراسة إعطاء تعويض للمواطنين عن قطع التيار الكهربائي. ويؤكد كذلك الدكتور متولي شرقاوي أستاذ هندسة القوي الكهربائية وجود خطة قومية لتخفيف الأحمال التي يتم تطبيقها في حالات الضرورة القصوي ويتم فصل الأحمال بعيداً عن القطاعات المرتبطة بالأمن القومي بالإضافة إلي مواجهة عجز قدرات محطات التوليد حتي لا تنهار الشبكة. ويراعي في هذا الفصل كما يضيف شرقاوي أن يكون تبادلياً بمعني عدم تحميل عبء التخفيف أو فصل التيار علي عميل واحد فترة طويلة وتوزيعه نصف ساعة علي عدة خطوط بالتبادل. ويطرح مجموعة من أساتذة القوي الكهربائية ومسئولي قطاعات الكهرباء حلولا بديلة عن تخفيف الأحمال الكهربائية بدلاً من قطع الكهرباء المفاجئ عن المواطن، حيث يكشف اللواء عبدالرحمن مصطفي مستشار محافظ الجيزة للكهرباء والطاقة عن تطبيق نظام جديد بالمحافظة لتوفير الكهرباء وتخفيف الأحمال دون قطع التيار الكهربائي وذلك باللجوء إلي تركيب وحدة إلكترونية تتحكم في شدة الإضاءة. ويشير مصطفي إلي أن هذه الوحدة تتحكم في توقيت إضاءة أعمدة النور في شوارع الجيزة علي سبيل المثال بحيث يتم ضبط أنظمة التحكم الإلكترونية في إضاءة الأعمدة وفقاً للساعة بحيث تعمل في الأوقات التي تحتاج فيها الشوارع للإنارة والتحكم في إهدار المال العام الذي كان يحدث عند رؤية الأعمدة تعمل نهاراً أو في أوقات لا يحتاج المواطن إلي إضاءتها مما يتسبب في وجود أعطال بالأعمدة تخرجها من نطاق الخدمة. وينتظر هذا النظام الذي يسافر مستشار المحافظ خلال أيام إلي أسوان لعرض هذه التجربة موافقة رئيس مجلس الوزراء لتخصيص ميزانية لا تقل عن 5 ملايين جنيه لتعميم هذه الخدمة علي محافظة الجيزة عقب نجاح تجربة تشغيلها في منطقة إمبابة والتي أثمرت عن توفير 30% من استهلاك الكهرباء دون انقطاع لها وذلك بالتحكم في شدة الإضاءة. بينما يطرح كذلك الدكتور أشرف عبدالرءوف - أستاذ القوي الكهربائية بجامعة الأهرام الكندية - ضرورة اتباع نظام تحسين معامل القدرة داخل المؤسسات المختلفة لتقليل الفاقد من الكهرباء والابتعاد عن اللجوء لنظام تخفيف الأحمال وهو ما يظهر في إهدار القطاع العام الكثير من الطاقة الكهربائية وذلك لغياب ما يسمي power factor أو تحسين القدرة الكهربائية والذي يمكن أن يؤدي لتوفير ما لا يقل عن 30% من القدرة الكهربائية المهدرة. ويري عبدالرءوف أن نظام تصحيح القدرة الذي يعد بديلاً عن تخفيف الأحمال لن يكلف الدولة شيئاً سوي تكلفة سنوية للوحة معامل التحسين.