يكفي قاصد عزبة الجبالي مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية خمس دقائق فقط من عاصمة الإقليم لبلوغ العزبة، ومع التوغل فيها سينسي أنه علي بعد دقائق من شبين الكوم وسيشعر أن الزمن عاد للوراء فجأة وأن الفارق بين العزبة والمدينة اتسع لقرون طويلة من المعاناة والإهمال والتهميش. بيوت متهالكة مبنية بالطين في الوقت الذي نسي عدد كبير من قري مصر البيوت الطين ومن حيث شكل الشوارع وتنظيمها وكذلك هيئة المباني والبيوت وربما يكسر تلك القاعدة عدد من المنازل المتناثرة المبنية بالأعمدة الخرسانية. العزبة تعيسة الحظ التي يقطنها نحو 6 آلاف مواطن معظمهم اختاروا الزراعة مهنة توارثوها عبر قرون. يقام علي نحو 20 فدانا من أراضيها جزء كبير من مصنع غزل شبين والتي كانت في السابق قلعة صناعة الغزل والنسيج في مصر، وتعد من أكثر المناطق المهملة في محافظة المنوفية رغم التصاقها بالعاصمة شبين الكوم فحتي الآن لا توجد وسيلة مواصلات تصلها بالمدينة مباشرة، حيث يعد امتلاك الدراجة البخارية من جانب الأهالي نوعا من الرفاهية التي توفر عناء الطريق إلي الأسفلت الواصل بين مدينتي الشهداء وشبين الكوم للاتصال بالعالم حيث إن العزبة محرومة من المجاري ووسائل المواصلات وكذلك لا يوجد وحدة صحية أو مدرسة لتعليم أطفال العزبة. وكانت العزبة قبل الثورة مملوكة إقطاعية لأحد الأعيان يدعي عبد الحميد الجبالي ثم جاءت الثورة لتقوم بتوزيع الأراضي علي الفلاحين إلي أن حدثت الردة علي قانون الإصلاح الزراعي مما اضطر الأهالي إلي شراء أراضيهم من جديد وكذلك مساكنهم من ورثة الإقطاعي صاحب العزبة. ولعل أهم مظاهر معاناة أهالي العزبة قيام موظفي الوحدة المحلية بوقف تراخيص البناء لعدد كبير من المنازل بعد هدمها بالعزبة وعدم منح تراخيص المرافق بعد السماح لهم بالهدم وإعطائهم تراخيص إحلال وتجديد، وبعدها تم وقف تراخيص البناء والمرافق لنحو 40 أسرة بالقرية تعيش في العراء مطالبين بالسماح لهم بالبناء علي أراضيهم المملوكة لهم بعقود سليمة ومسجلة. مؤكدين أن كل ذلك يعد انتقاما من جانب رجل أعمال صاحب شركة سيراميك بالقرية قاموا بمنعه من ردم الترعة التي تروي مئات الأفدنة بالعزبة وتهديد أراضيهم بالبوار. ومن الغريب فعلا أن فكرة ضم أراضي العزبة بالكامل لم يطرحها المسئولون أو جنح إليها طموح الأهالي بالرغم من التصاقها بالمدينة واقتطاع مساحات من العزبة لصالح مصنع غزل شبين مثلما تم مع عدد من القري والمناطق القريبة من المدينة لتعويض الأهالي عن قرون من المعاناة والفقر والتهميش والفساد.