سؤال مهم لن يرد أبداً في أي امتحان للثانوية العامة علي الأقل في عهد هولاكو القراقوشي إياه: مادور وواجب الشرطة بالضبط كما حدّده الدستور والقانون وميثاق حقوق الإنسان؟. السؤال لن يرد، لأن إجابته ستفتح عيون الشباب وعامة الشعب علي الانتهاكات المريعة والمروّعة التي تحدث في بلدنا كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة وربما كل ثانية، والمصيبة أنها قد تفتح عيون وأذهان وقلوب ومخ رجال الشرطة أنفسهم إلي أن سبعين في المائة علي الأقل مما يقومون به يومياً ليس واجباً ولا سند له اللهم إلا في قانون الغاب، وهذا قد يؤدي إلي مصيبة - من وجهة نظر النظام طبعاً - ألا وهي أن تنبت لرجال الشرطة ضمائر فيرون هول ما يرتكبون وما أقنعهم به سادة الشياطين بأنه واجبهم وهو في الواقع لا يختلف عما يقوم به أي بلطجي في المدبح باستثناء أنهم يحملون رتباً رسمية وأن البلطجي أكثر شرفاً؛ لأنه لم يدع لحظة واحدة أنه يؤدي واجبه وهو يفعل العكس في كل لحظة. فواجب رجال الشرطة الرسمي والشرعي والدستوري والقانوني والأوّل هو حماية الشعب وتوفير الأمن والأمان له ... وهذه حقيقة علي الرغم من القهقهة والسخرية اللتين سترتبطان بقراءتكم العبارة السابقة، ولكم كل الحق في السخرية والقهقهة، فأمر البكاء ما يأتي ضحكاً خاصة في مصر التي اعتادت السخرية من آلامها ومراراتها وعذاباتها؛ لأنهم في كل لحظة يعيشونها وفي كل خطوة يخطونها يرون العكس تماماً. إنهم يرون إما ضابطاً متعجرفاً أو متعنتاً أو عنيفاً أو غاضباً بلا مبرّر أو متعالياً مستبداً أو وقحاً مستفزاً، وفي كل الأحوال فهو لا يخدم ولا يحمي، ببساطة لأنه عدو تخشي أن تلتقي به لأنه في تسعة وتسعين في المائة من الأحوال لن يحترم القانون ولن يراعيه ولن ينفذه ولن يحترمك أنت أيضاً علي الرغم من أنك تدفع راتبه ولحم كتافه من خيرك وكدك وعرقك وشقاك. فرجل الشرطة يعطي نفسه حق الاشتباه فيك دون أي مبررات قانونية بل لأن شكلك لم يعجبه أو لأن المدام غاضبة من أنه لم يؤد واجبه علي نحو جيّد أو لأنه استيقظ من كابوس رهيب رأي نفسه فيه مواطناً عادياً يضرب بالجزم أو فقط لأن الليل طويل وسعادته يريد أن يتسلي أو لأن شكلك يوحي بأنه ليس لك ظهر يحميك (لأنه لو لك ظهر فستتسلي عليه أنت).. المهم أنه ليس هناك سبب فعلي للاشتباه ولا حتي بالنسبة لقانون بلطجة الطوارئ سيئ السمعة. ثم إن النظام لا يعاقب ضابط الشرطة الفاسد أو المتجاوز بل يتآزر كله من أتخن تخين لأرفع رفيع ومن محقّق إلي خبير شرعي ومن صحفي حكومي وحتي صحيفة كاملة حتي يحمي فاسداً من قلبه، حتي ولو ضحي بكرامة وسمعة واحترام وحرية بلد كامل والسبب بالطبع معروف؛ فالنظام يأمر عبيده أحياناً بتجاوز كل الأعراف والقوانين وحتي الإنسانية وحقوق الإنسان إذا ما رأي أن هذا يحمي وجوده في السلطة ويدعّمه أو يدعم ديكتاتوريته، فلو عاقب فاسداً لأنه ضرب مواطناً أو عذّبه أو حتي قتله فكيف يطلب منهم القيام بالفعل نفسه؛ لحماية ديكتاتوريته بعد هذا؟! ولكن دعونا ننسي الثانوية العامة وكل بلاويها ونطرح السؤال علي رجال الشرطة أنفسهم: هل تؤدون بالفعل الواجب المنوط بكم وفقاً للدستور والقانون والضمير والدين وكل المواثيق الدولية ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!...... وللجواب حديث آخر.