ج: لأن الدولة لا تريد أن تحل الأزمة أصلا ! علاء فهمي لماذا لا تُحل أزمة المرور بالقاهرة؟ ولماذا فجأة تذكر الرئيس مبارك أن هناك أزمة مرور؟ وهل فعلاً لا توجد حلول لمشكلة المرور؟ وهل يشعر الوزراء بأزمة المرور وهم يمرون في الشوارع المخلاة لمواكبهم؟ بالطبع كل سؤال من هذه الأسئلة يحتاج إلي مجلدات للرد عليه، لكن ببساطة أزمة المرور لا تُحل لأن الدولة لا تريد أن تحلها، والمشكلة يمكن حلها ببساطة إذا اعتمدت الدولة علي خبراء متخصصين بدلا من إصدار القوانين التي لا ينفذها أحد. من المؤكد أن المسئولين لا يشعرون بأي أزمة في المرور، وبالتالي عندما يتحدثون في وسائل الإعلام يشعر المواطن بأن هذا المسئول يتحدث عن بلد آخر غير الذي يعيش فيه فلا أزمة مرور ولا إشارات معطلة ولا شوارع متداخلة ولا تقاطعات عشوائية والدنيا زي الفل! بعد عودته من رحلة علاجه في ألمانيا اجتمع الرئيس مبارك مع بعض وزرائه ومسئوليه لبحث أزمة المرور بالقاهرة، بعدها خرج المسئولون علينا وكأنهم كانوا نياما واستيقظوا فجأة فاكتشفوا أن القاهرة تعاني أزمة مرورية، وبعد عدة اجتماعات بين المسئولين هدأ الكلام وعادت ريما لعادتها القديمة دون أي تغيير، رغم أن الحكومة تجاهلت كثيرا الدراسات التي قدمها خبراء المرور والتخطيط، وألقت بالعديد من الحلول والاقتراحات في الأدراج ولم يُنظر إليها، مع أن هذه وضعت حلولا عملية وعلمية واضحة وبسيطة لأزمة المرور، منها استخدام النقل النهري بالقاهرة بأن يتم الاعتماد علي الأتوبيسات النهرية لنقل الركاب وتخفيف الضغط علي وسائل النقل الأخري كأتوبيسات هيئة النقل العام ومترو الأنفاق، فهل هذا الاقتراح ممكن أم أنه صعب وغير جائز؟ الدكتور رضا حجاج -أستاذ التخطيط العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة والخبير في هندسة النقل-يري أن تطوير مراسي أتوبيسات النقل النهري وتجديد أسطوله وتوفير سبل الراحة والأمان به يؤدي إلي حل أزمة المرور بالقاهرة، مشيرا إلي أن تفاقم أزمة المرور يرجع لسببين، الأول عدم اتباع الأسلوب العلمي الصحيح لحل الأزمة، والثاني عدم وجود إرادة سياسية لحل الأزمة، شارحا ذلك بأن المواطن في مصر ليست له قيمة كما هو معروف للجميع وهذا المواطن لا توجد بيده أي أداة لحل أي مشكلة وبالتالي فحل المشاكل يقع علي عاتق الدولة والمسئولين الذين لا يقفون في إشارات مرور ولا يعانون كثافة السيارات علي الكباري، إذ يخلي الأمن لهم الطرق تماما، وبالتالي لا يبحثون عن حلول حقيقية لمشكلة المرور لأنها في نظرهم غير موجودة أساسا. في الوقت نفسه والكلام لحجاج ترفض الدولة الحلول العلمية التي يضعها خبراء التخطيط والمرور للخروج من هذه الأزمة، وتصر علي أن حل أزمة المرور في القوانين وفي عسكري المرور وهذا غير صحيح، مضيفا أن حل هذه المشكلة لا يحتاج تدخل وزارة الداخلية ولا حتي مهندسي الطرق إنما يحتاج لإفساح المجال لمخططين جيدين يدرسون حالة القاهرة الكبري والأسباب الحقيقية وراء الأزمة ووضع مخططات لربط وسائل النقل العامة ببعضها وطرح حلول حقيقية للخروج من هذه الأزمة. وأشار حجاج إلي أن هناك وسائل نقل كثيرة لا نلتفت إليها، مثل النقل النهري سواء في نقل الركاب أو نقل البضائع، وحول عزوف الناس عن ركوب الأتوبيس النهري هروبا من زحام الشوارع قال حجاج: إن الراكب يتوجه إلي وسيلة النقل لثلاثة أسباب، أولها الأمان وثانيها السرعة وثالثها الراحة وللأسف لا يوجد بهذه الوسيلة لا أمان ولا راحة ولا سرعة، وطالب حجاج بالربط بين وسائل النقل عامة كمترو الأنفاق وأتوبيسات هيئة النقل العام والسكة الحديد بأتوبيسات النقل النهري،بالإضافة إلي إعادة اختيار المحطات وإنشاء عدد جديد من المراسي وبهذا يتم استغلال النقل النهري لحل أزمة المرور بالقاهرة. ويعاني قطاع النقل النهري بالقاهرة الكبري من مشاكل عديدة سواء للعاملين به أو في حالة الأتوبيسات العاملة فيها، نظرا لانتهاء العمر الافتراضي للعديد منها، بالإضافة إلي سوء صيانتها وإهمالها مما أدي إلي فقدانها كل وسائل الأمان، ففي حالة تعرض إحداها للغرق لا توجد أي وسيلة سريعة لإنقاذ الركاب وسيضطر الجميع إلي الانتظار حتي تأتيهم قوات الإنقاذ. يعمل في قطاع النقل النهري بالقاهرة الكبري 40 أتوبيسا، منها 35 أتوبيساً عادياً و 5 أتوبيسات سياحية مكيفة تستخدم لنقل الركاب بين عدد من المراسي بالقاهرة الكبري، وكشف مصدر بهيئة النقل العام بالقاهرة التابع لها قطاع النقل النهري عن تراجع عدد ركاب الأتوبيس النهري وتحمل الهيئة خسائر كبيرة لاستمرار عمل هذا القطاع، نافيا أن يكون معني هذا أن يتم إلغاء نقل ركاب القاهرة عن طريق النيل، بينما أكد أن قطاع النقل النهري مهم جدا ويمكنه حل مشاكل المرور بالقاهرة لكن هذا يحتاج إلي مزيد من الاهتمام بحالة الأتوبيسات والمراسي والنظر إلي العنصر البشري وتدريب السائقين وتوفير دورات تدريبية لهم بصفه منتظمة، وأن يتم وضع جداول عمل منتظمة ومنظمة للعمل ومواعيد وصول إقلاع الأتوبيسات من وإلي المراسي. وقد علمت «الدستور» أن الدكتور عبد العظيم وزير -محافظ القاهرة- يعمل حاليا علي طرح الاستثمار في النقل النهري علي القطاع الخاص علي أن تشارك المحافظة بالمراسي الموجودة بالفعل الآن ويتحمل القطاع الخاص، الذي لم يتحدد جنسيته، تطوير أتوبيسات القطاع وتزويدها بأخري حديثة وكذلك تدريب عماله، علي أن يستفيد المستثمر الذي لا يمانع «وزير» في أن يكون أجنبيا عن طريق حق الانتفاع لفترة من الزمن، ويبرر المحافظ طرحه النقل النهري للقطاع الخاص بأن الدولة لم تعد تتحمل تطوير هذا القطاع وأنه يحتاج إلي دعم 115 مليار جنيه للنهوض به وتطويره . الدكتور حزين أحمد حزين -أستاذ هندسة النقل والمرور بكلية الهندسة بجامعة القاهرة -يري أن استخدام النقل النهري يشارك بدرجة كبيرة في حل أزمة المرور بالقاهرة، مشيرا إلي أن الإهمال الذي أصاب النقل النهري جعله لا يعمل بكفاءة ولا ينقل العدد الذي كان متوقعا منه، حيث ينقل هذا القطاع 0.3 % فقط من الركاب، وأرجع حزين هذا إلي العديد من الأسباب منها عدم وجود مستوي الخدمة بالنقل النهري الذي يجعل جمهور الركاب يتجه إليه وبالتالي يتكدس في وسائل النقل الأخري ويترك الأتوبيسات النهرية ، وأشار «حزين» إلي أن النقل النهري يحتاج إلي أسطول أكبر من الموجود حاليا وأن تكون هناك أماكن انتظار بجوار المراسي التي تقف بها الأتوبيسات ، وأضاف حزين: ما يحتاجه ليكون مشاركاً في حل أزمة المرور في القاهرة أن يتمتع بوسائل الأمان والراحة والسرعة وأن تكون خطوط النقل عامة متكاملة مع بعضها وغير منفصلة ، ورفض حزين أن يشارك القطاع الخاص في تطوير النقل النهري، مؤكدا أنه لابد أن تتحمل الدولة هذه المسئولية حتي تكون هناك ضمانات أكثر بوجود السلامة والأمان علي حد قول حزين. فإن كان هذا مقترحاً واحداً يمكنه حل أزمة المرور بالقاهرة فما بالنا بباقي المقترحات التي تسلمتها الدولة من خبراء ومهمومين وكان مصيرها صناديق القمامة ، فأزمة المرور ليست مستعصية لكنها الدولة التي لا تريد من المواطن سوي الحشر داخل أتوبيس نقل عام يقف بالساعات في شارع قصر العيني أو أعلي كوبري 6 أكتوبر.