عندما يذكر أحدهم أمامك أفلام الزومبي أو الموتي الأحياء، فغالبًا ما يتكون لديك تصور واحد لا يخرج عادة عن سلسلة طويلة من المشاهد المليئة بمطاردات بين كائنات كانت بشرًا قبل أن يحولها فيروس ما إلي مسوخ وكائنات لا تزال تحاول الحفاظ علي بشريتها قبل أن تتحول إلي الوجبة التالية في معدة البشر السابقين، مع الكثير من إطلاق النار والهجمات غير المتوقعة من الزومبي والدماء المتناثرة في كل مكان، وربما قصة مؤثرة هنا أو هناك عن الأحباء الذين فقدهم أحد الأبطال. هذا هو المألوف والمعهود في تلك النوعية من الأفلام، خصوصًا مع تكرار الحبكة بحذافيرها في سلسلة جورج روميرو الشهيرة «Night of the Living Dead» وعدد ضخم من الأفلام الإيطالية بالذات، لكن حتي مع هذه الأفلام التي تحتوي علي قدر كبير من العنف والدم هناك فرصة لبعض المرح والكوميديا، وهناك أفلام ناجحة مثل «Shaun of the Dead» نجحت في إثبات هذا بالفعل، لكن «Zombieland» هو أول فيلم ينجح في المزج بين إثارة المطاردات بين الزومبي والبشر وبين مشاهد إنسانية مؤثرة ولقطات خارجية منفذة بعناية دون أن يفقد حسه الكوميدي لحظة واحدة، ودون أن تشعر بأن الضحك شيء دخيل علي الموقف. صحيح أن التيمة الأساسية للفيلم لا تختلف في شيء عن سابقيه، حيث تدور الأحداث في عالم حلت به كارثة لا ندري تفاصيلها بالضبط حولت البشر إلي زومبي جائعين للحم البشري، وبطبيعة الحال ينجو البعض من الكارثة، فقط ليجدوا أنفسهم طريدة دائمة تحاول قدر الإمكان ألا تتحول إلي طعام العشاء، ونري هذا من خلال شخصية البطل «كولمبوس» التي يلعبها الممثل الشاب جيسي آيزنبرج بخفة ظل متناهية، حيث نتعلم من خلاله القواعد الأساسية التي يجب اتباعها طوال الوقت إذا كنت تريد البقاء حيًا في عالم من الوحوش الجائعة، كما لا يتجاهل السيناريو أن يرينا كيف كان «كولمبوس» شابًا عاديًا خجولاً قبل الكارثة، وكيف أجبرته الظروف علي التحول إلي شيء لم يخطر له ببال. لا يضيع الفيلم الكثير من الوقت قبل أن يدخل إلي قصته الأساسية، فسرعان ما يلتقي «كولمبوس» بناج آخر اسمه «تالاهاسي» نجح السيناريو في رسم شخصيته العصبية العنيفة ببراعة لا تقل عنها براعة النجم وودي هارلسون في أداء الشخصية، وكان مشهد لقاء الاثنين للمرة الأولي من أفضل مشاهد الفيلم، فهو مليء بالعبارات الذكية المنتقاة التي تجبرك علي الضحك بالرغم من جهامة الموقف الذي يجبر الاثنين علي التحول إلي صديقين، ففي عالم كهذا لا يمكن لشخص وحيد أن ينجو طويلاً. طبعًا ليس هذا رأي الأختين «ويكيتا» و«ليتل روك» اللتين يلتقي بهما الاثنان أثناء رحلتهما علي الطريق، فبعد المشهد المؤثر للغاية الذي ظهرتا فيه نكتشف أنهما احترفتا النصب منذ سنوات ولم تتخليا عن هوايتهما في استغلال الناس حتي الآن، لتنفجر الضحكات كلما نجحتا في التحايل علي الرجلين، وقد أجادت الصغيرة الجميلة أبيجيل برسلين بطلة فيلم «Little Miss Sunshine» أداء دور الأخت الصغري أكثر من الوجه الجديد نسبيًا «إما ستون» التي كان لها حضور لا بأس به علي الشاشة رغم ذلك. لا يحرم الفيلم محبي هذه النوعية من الأفلام من مشاهدة مجموعة من مشاهد المطاردات وقتل الزومبي بالطبع، خصوصًا في المشهد الطويل الذي دار في مدينة ملاهي تعج بالموتي الأحياء، وهو مشهد امتلأ بالكوميديا بقدر ما امتلأ بالإثارة، وهو ما يرضي جميع الأطراف بطبيعة الحال.