تمنيت أن يقرأ رئيس الوزراء ومعه وزيرا الاستثمار والمالية قصة الأم سهام التي نشرتها المصري اليوم (28 يونيو).. حتي يتأكدوا أن عائد التنمية السنوي الذي تعلنه الحكومة وتقدمه لرئيس الجمهورية.. لم يصل إلي سهام ووليدها.. فما كان من الأم إلا أن قتلت ابنها لأنها لا تملك ما تطعمه به.. ثم فشلت في الانتحار مرتين بقطع شرايين يدها. سهام امرأة في أوائل الأربعينات طلقها زوجها بعد ثلاثة أشهر من الزواج وهي حامل.. لم يكن لديها مورد رزق وفجأة وجدت نفسها في الشارع دون مأوي أو سند تواجه به حياتها.. كان بين يديها طفل يكبر وتكبر معه احتياجاته من الغذاء والملبس وقبل ذلك المأوي.. لكن كيف تدبر أمه المسكينة هذه الاحتياجات وهي لا تجدها لنفسها.. الأيام تمر ولا يوجد بارقة أمل أمام سهام.. تسع سنوات مرت علي هذا الحال ولا جديد.. كل الأبواب مغلقة أمامها.. أخوها يساعدها شهريا بخمسمائة جنيه لكنها لا تفي باحتياجاتها. اندهشت كيف لم تكف الخمسمائة جنيه سهام.. بينما الخبير الدكتور محمد عثمان- وزير التنمية- أكد أن المواطن المصري يكفيه 168جنيهاً شهرياً لسد احتياجاته.. إذن سهام وابنها يكفيهما 336 جنيهاً شهرياً.. وبالتالي يجب علي سهام أن تدخر شهرياً بقية الخمسمائة جنيه.. لكنها تدعي أن إعانة أخيها لا تكفيها.. المؤكد أنها مبذرة وأخت للشيطان، خاصة أن وزير التنمية العالم الجليل يعرف ما يقوله. دعك هنا من سؤالك للوزير وهل يعيش بهذا المبلغ شهريا أم لا!.. لأن النهاية في حكاية سهام أنها قررت الانتحار وقتل ابنها أولا في لحظة مأساوية.. لا نعرف ما نوعية المشاعر التي انتابتها وهي تعد الفوطة التي ستخنق بها ابنها حتي تريحه من عذاب الاحتياج والفقر. هل تستحق هذه الأم المعذبة الإعدام أم أن هناك آخرين غيرها هم الأحق بالعقاب في مجتمع بات أكثر قسوة علي أبنائه.. هل كانت سهام قاتلة حقا أم ضحية مظلومة.. وكيف يصل بنا الحال إلي قتل أولادنا.. وفي رقبة من هذه الضحية.. أين آلاف الجمعيات التي تداهمنا إعلاناتها اليومية عن أفعال الخير.. وأين رجال الأعمال الذين يتباهون بفعل الخيرات وموائد الرحمن.. وأين معاش الضمان الذي صدعنا به وزير المالية، والذي افتخر بأن كل من بلغ الخامسة والستين ولم يكن مؤمنا عليه سيصرف معاشا شهريا ضخما مقداره مائة جنيه.. أين البرامج الفضائية التي تتاجر بمآسي الفقراء.. لماذا لم تجد سهام في هذا المجتمع الذي قارب سكانه علي التسعين مليون نسمة، من يأخذ بيدها قبل النهاية.. كم (سهام) تعيش بيننا ونمر عليهن يومياً دون أن يلفتن انتباهنا ونعرف أنهن مآسي تسير علي قدمين، بعد أن أوقع الفقر في حبائله أكثر من 40% من المصريين الذين تكالبت ثروات بلادهم في جيوب قلة ازدادت غني وغالبية ازدادت فقرا؟! من الذي يحاكم كل مسئول في هذا البلد تسبب في وأد هذا الصغير الذي قتلته أمه خوفاً من الفقر.. ومن الذي يرحم هذه الأم.. وسؤالي لرئيس الوزراء: لماذا لم تصل التنمية وعائد النمو الاقتصادي- اللذان تتباهون بهما- إلي سهام.. وإذا لم يصلا إليها هي وأخواتها فمتي سيصلان؟