لا يزال حديث المصالحة مستمرا، فمن حين إلى آخر يخرج علينا من يطرح مبادرة للمصالحة ما بين الجماعة والدولة، تتعدد الوجوه وتختلف الأسماء وتتنوع المسميات والحديث واحد هو المصالحة بين الجماعة والدولة، منهم من ينتمى إلى الفكرة، ويعد ابنا لها مثل الدكتور أحمد كمال أبو المجد، ومنهم من يسعى إلى الوجود فى دائرة الضوء والجدل مثل الدكتور حسن نافعة، وبينهم من ركب الموجة وصدق نفسه مثل محمد العمدة، كلهم طرحوا ما سموه «مبادرة للمصالحة» بين الجماعة والدولة، وكلما طرحت الفكرة تصاعد غضب الرأى العام المصرى وبسطاء المصريين، فعن أى مصالحة يتحدثون؟ فالجماعة ارتكبت جرائم التحريض والقتل، بل وارتكبت جريمة خيانة الوطن عبر تسريب أدق أسراره إلى مخابرات دول أجنبية، وهى إحدى الجرائم، التى يحاكم بموجبها محمد مرسى وعدد من الفريق الرئاسى الذى كان يعمل معه. حديث المصالحة هو حديث منتهى الصلاحية يسعى كل من يطرحه إلى تحقيق مكاسب شخصية أو للجماعة، ففى الحقيقة لا توجد مصالحة بين جماعة ودولة لا سيما إذا ما كنا نتحدث عن دولة مركزية عريقة كمصر، وأى حديث من هذا القبيل ينطوى على إهانة للدولة وتاريخها وينسف كل ما حققه الشعب المصرى من إنجازات على مدار الفترة الماضية. لقد حصلت الجماعة على أكثرية مقاعد مجلس الشعب، وحصدت منصب الرئيس، وأخذت الفرصة كاملة فى حكم البلاد فماذا فعلت؟ بدأت فى تنفيذ مخطط لتفكيك مؤسسات الدولة المصرية، استهدفت مؤسسة القضاء، وسعت إلى إلغاء دور المحكمة الدستورية العليا، استهدفت مؤسسة الشرطة، وسعت إلى اختراق الأجهزة الأمنية، وزرع عملاء لها، طالبت الجماعة بحصة فى كلية الشرطة والكليات العسكرية، كانت تعقد اجتماعات مكتب الإرشاد فى مقر رئاسة الجمهورية، وكان المرشد يقود الاجتماعات، بينما يتقهقر من انتخبه الشعب رئيسا إلى الصفوف الخلفية، حسب موقعه التنظيمى داخل هياكل الجماعة. قام الرئيس المدنى المنتخب بفتح خزائن أسرار البلاد، ومن بينها تقارير أجهزة أمنية سيادية وخطط تسليح الجيش ومشروعات التسليح فى المستقبل، وقام بتهريب هذه الخطط إلى المخابرات القطرية، فباتت دويلة قطر تمتلك أدق أسرار الدولة المصرية، وخطط تسليح جيش مصر، وبما أن هذه الأسرار باتت فى حوزة قطر فإن توقع تمريرها إلى الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتركيا أمر قائم، كما أن تسرب هذه التقارير إلى أيدى جماعات إرهابية تقاتل فى سوريا وليبيا والعراق وتتطلع إلى مصر، أمر متوقع أيضا. جماعة يقوم أنصارها بحرق محولات الكهرباء واستهداف أبراج الضغط العالى، والاعتداء على المصريين بهدف الانتقام منهم لخروجهم على حكم المرشد والجماعة، جماعة تقوم كوادرها بسكب الزيوت على الطرق السريعة لإيقاع حوادث على المشاع وقتل المصريين على الهوية، جماعة لا تؤمن بالوطن ولا قيمة المواطنة، وترى فى الوطن مجرد مصر من أمصار كثر، هى جماعة إرهابية خارجة على الإجماع الوطنى، ضد الوطن والشعب ومن ثم فإن أى حديث عن المصالحة هو حديث ينطوى على خيانة للوطن والشعب، فلا مصالحة مع من ارتكب جرائم التحريض، القتل، الخيانة العظمى بنقل أسرار البلاد إلى أيدى الخصوم والأعداء، وعلى الشعب أن يكشف ويلفظ كل من يتاجر بقصة المصالحة، فلا مصالحة مع قتلة ومجرمين وخونة للوطن.