سويسرا واليابان وقطر وموريشيوس وأوروجواى وتشيلى وبوتسوانا وكوستاريكا وفيتنام وبنما والبرازيل حققت أدنى مستوى فى جميع أشكال الصراعات بينما تشتعل حروب جديدة، وتندلع اضطرابات مدنية كل أسبوع فى أماكن متفرقة فى العالم، ثمة بلدان ربما تكون هى الوحيدة التى يمكن اعتبارها «خالية من الصراعات». ومع أزمة الحرب الإسرائيلية فى غزة، وصعود المتشددين الإسلاميين فى العراقوسوريا، والمواجهة الدولية المستمرة فى أوكرانيا، يغلب شعور فى بعض الأحيان وكأن العالم كله فى حالة حرب. لكن الخبراء يعتقدون أن هذا هو الوضع العالمى إلى حد كبير، وفقًا لمؤسسة فكرية تصدر إحدى القياسات الرائدة عالميًّا حول «السلام العالمى»، وأن الأمور ستزداد سوءًا. ربما تبدو هذه قراءة قاتمة، ولكن من بين البلدان ال 162 التى غطاها «معهد الاقتصاد والسلام الدولى» فى أحدث دراسة له، عرضتها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، 11 دولة فقط لم تتورط فى صراع من أى نوع. الأسوأ من ذلك، أن العالم ككل يصبح تدريجيًّا أقل سلمية سنويًّا منذ عام 2007، وهو ما يخالف بشدة النزعة التى شهدت تحركا عالميًّا للبعد عن الصراعات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ووفا للدراسة، المملكة المتحدة، على سبيل المثال، خالية نسبيًّا من الصراعات الداخلية، مما يجعل من السهل أن يخطر ببال البعض أنها فى حالة من السلام. ولكن تورط الأخيرة فى الحروب الخارجية على غرار أفغانستان، فضلاً عن الحالة العالية نسبيًّا من العسكرة، يعنى أن بريطانيا فى الواقع ستحرز نتائج سيئة للغاية وفقا ل«مؤشر السلام العالمى» لعام 2014، لتحل فى المرتبة ال 47 بشكل عام. هناك بعض الدول التى لا تشارك فى حروب خارجية فعلية، تتضمن خسائر فى الأرواح أو الممتلكات على الرواح او الممتلكتات على الإطلاق -مثل كوريا الشمالية- ولكنها محفوفة بالصراعات الداخلية العميقة والمثيرة للشقاق. وتعنى نتائج «معهد الاقتصاد والسلام الدولى» أن ثمة خيارات محدودة لمن يرغب فى العيش فى بلد سلمية تمامًا. أما البلاد التى حققت أدنى مستوًى من جميع أشكال الصراع، فكانت سويسرا واليابان وقطر وموريشيوس وأوروجواى وتشيلى وبوتسوانا وكوستاريكا وفيتنام وبنما والبرازيل. وحتى تلك البلدان ليست بمعزل تماما عن المشاكل الأخرى التى يقول «معهد الاقتصاد والسلام الدولى»، إنها يمكن أن تقود إلى المزيد من الصراعات فى المستقبل. فى البرازيل وكوستاريكا، على سبيل المثال، ربما يكون مستوى الصراع الداخلى فى أدنى حد ممكن، ولكن حصول المدنيين على الأسلحة الصغيرة، واحتمال اندلاع المظاهرات العنيفة مرتفع بشكل مثير للقلق. وتشتهر سويسرا بأنها قائمة بذاتها، عندما يتعلق الأمر بأى صراع خارجى، ولديها مستويات منخفضة للغاية من خطر التعرض لمشاكل داخلية من أى نوع، ولكنها تفتقر إلى عدد من النقاط وفقا للمؤشر العام لما تحققه من معدلات كبيرة نسبيًّا من صادرات الأسلحة لكل 100 الف فرد من السكان. ويشترط «معهد الاقتصاد والسلام الدولى» لتسجيل أى بلد أدنى مستوى فى جميع مؤشرات الصراع، أن لا تكون متورطة فى أى «خلاف متنازع عليه يتعلق بحكومة و/ أو إقليم، حيث استخدام القوة المسلحة بين طرفين، أحدهما على الأقل هو حكومة الدولة، يؤدى إلى 25 حالة وفاة على الأقل مرتبطة بالقتال سنويا». والأصعب من ذلك، أنه يجب اقتناع محللى وحدة الاستخبارات الاقتصادية بالمعهد، بأن هذه الدولة لا تشهد «أى صراع» داخل حدودها. كما أن هذا التصنيف المرتبط بالاضطرابات المدنية لا يمكن حتى أن يشمل الصراع «الكامن» التى تنطوى على «خلافات موضعية على قيم يمكن تحديدها ذات أهمية وطنية». ويقيس مؤشر السلام العالمى أحدث البيانات حتى نهاية العام، وهذا يعنى أن حالة الصراع الدولى الآن هى فى الواقع أسوأ مما تشير الدراسة. وبالإشارة إلى احتجاجات كأس العالم التى لا تزال حية فى الذاكرة الجماعية، على سبيل المثال، قد تجد البرازيل نفسها خارج قائمة الدول السلمية بحلول عام 2015. وفى حديث إلى صحيفة الإندبندنت، حذرت مديرة «معهد الاقتصاد والسلام الدولى» كاميلا شيبا من أن حالة السلام فى عصرنا كانت تتراجع «ببطء ولكن بثبات» خلال السنوات الأخيرة. وأوضحت أن «الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية الكبرى، مثل الأزمة المالية العالمية والربيع العربى، خلفت البلدان أكثر عرضة لخطر السقوط فى الصراع». وأضافت: «فى العام الماضى شهدنا زيادة كبيرة فى الأنشطة الإرهابية، وتجدد النزاع فى غزة، واستمرارًا للأزمات فى سورياوالعراق». ومضت قائلة: «خارج منطقة الشرق الأوسط، تحولت الاضطرابات المدنية فى أوكرانيا إلى تمرد المسلح، وتزايد العنف فى جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية». وفى ختام حديثها، توقعت أن «استمرار الاضطراب العالمى، يعنى أنه من غير المرجح أن ينعكس هذا الاتجاه على المدى القصير».