ما زال العقل المصرى الناقد يحاول مناقشة ما استراح إليه المنصتون إلى شيوخ «الخرافات» الذين يعتلون منابر المساجد، ويحتلون شاشات الفضائيات. ما زال الباحثون فى التراث، وقارئو التاريخ، المؤمنون بالعقل والمنطق، والفهم الصحيح للدين، يناقشون الحجة بالحجة، ويستعينون بآيات القرآن، وتفسيراتها، وما ذهب إليه شيوخ عصور التنوير الإسلامية. قضيتا «الناسخ والمنسوخ» و«عذاب القبر» فى صدارة المشهد الجدلى الآن. فتحت عنوان «البحوث الإسلامية يحسم الجدل حول عذاب القبر.. الأسبوع المقبل» كتبت الأستاذة مروة البشير، تحقيقًا، نشرته «الأهرام» على صفحاتها فى الأول من أغسطس، ومن قبله بيوم كتبت تحقيقًا آخر بعنوان رئيسى «القرآن الكريم بين شبهات المستشرقين وأباطيل المستغربين»، وعنوان فرعى «العلماء: لا يجوز تفسير القرآن بالرأى الشخصى.. والطاعنون فى آياته مرتدون». فى السطور القادمة، ردٌ على ما احتواه التحقيقان من معلومات، مدعومًا بآراء أهل العلم والذكر، إن كنتم لاتعلمون. كتبت الأستاذة/ مروة البشير فى تحقيق نشر فى الصفحة الثالثة من جريدة «الأهرام» الصادرة 01-08-2014 تحت عنوان «البحوث الإسلامية يحسم الجدل حول (عذاب القبر) الأسبوع المقبل»، ما يحوى بعض الآراء التى تحتاج إلى تعليق سعيًا وراء اكتمال الفائدة للقارئ المسلم على وجه الخصوص. أتفق مع السيد الدكتور حامد أبو طالب على أن الراجح فى هذا الشأن هو وقوع عذاب القبر، وكذلك أتفق مع الاستدلال بقوله تعالى فى حق آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} . كما أتفق مع ما ذهب إليه بقوله: ومن ثَمَّ فلا يليق بأحد أن ينكر عذاب القبر. والآية السابقة واضحة بما لا يقبل المجادلة. هناك بعض النقاط التى وردت فى هذا التحقيق وتستدعى الاختلاف كالتالى: أ- القول بأن «الأمر (وقوع عذاب القبر) فى يد مجمع البحوث الإسلامية، مما يستدعى أن يسكت الجميع لحين صدور كلمة مجمع البحوث..»، هو أمر يناقض روح وجوهر ونصوص كتاب الله وشريعته، نظرًا لما يلى: 1- مسألة الدين هى مسألة فردية بالدرجة الأولى، ثم تتصاعد وصولاً إلى الجماعية، لقوله تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِى الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} . وقول النبى، صلَّى الله عليه وسلَّم: «ابدأ بنفسك أولاً ثم بمَن تعول». سؤال أهل الذكر لا يعفى من المسؤولية الشخصية، لذلك فليس فى الإسلام مؤسسات دينية تملك كلمة الفصل التى تسكت الجميع، وكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا الله ورسوله. 2- مجمع البحوث الإسلامية بمَن فيه ليس بأفضل من الخليفة عمر بن الخطاب، ولسنا معشر المسلمين بأقل من المرأة التى أوقفت فتواه وهو لم يزل على المنبر، ولم يمنعه ذلك وهو مَن هو أن يقول: «أخطأ عمر وأصابت امرأة». فنرجو من الله، ومن الأزهر الشريف قلعة الإسلام الشامخة عدم الانسياق تجاه إسكات أصوات المسلمين حتى إن صدرت أصوات ناشزة. فالاختلاف من سنن الله الغالبة ولا يعرف الإسلام مؤسسة الدين. 3- ما جاء فى المقال على لسان أستاذ لغة عربية بجامعة الأزهر، عن كلمة «نزل» الواردة فى سورة الواقعة، حيث قال «جميع أهل اللغة يعرفون أن النزل هو القبر»! هكذا. وقد رجعنا إلى كتاب الله لنرى ماذا عنت كلمة «نزل» فلم نرَ أثرًا لورودها بمعنى «القبر»، ومن ذلك: {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلا} ، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا} . {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} . ثم اتجهنا إلى معاجم اللغة العربية وبالتحديد «مقاييس اللغة»، و«الصحاح فى اللغة»، و«القاموس المحيط»، فلم يصادفنا أن القبر هو النزل، فمن أين جاء بالإجماع بين علماء اللغة العربية؟ ثُمَّ يصل التعسُّف إلى مداه فتصبح «وتصلية جحيم» هى عذاب القبر بعد أن أصبح النزل هو القبر. ليس من شيم العلماء الراسخين فى العلم إطلاق أحكام عامة بعبارات قطعية، لكنهم كانوا يقولون «أحسب»، «أزعم»، «أظن»، ثم يختمون «والله أعلم». ما أودّ طرحه من رأى فى مسألة عذاب القبر: أ- تخصص الآية بشكل جلىّ آل فرعون بعذاب القبر، حيث تقول: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} . ويبدو أن العرض على النار فى الظهيرة والمساء هو نوع من العذاب المذلّ والباعث على الخسران والقنوط والندم، وقد أوضح كتاب الله ذلك حين وصف العرض على النار فى الآخرة بالوصف التالى: {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ} . اختص فرعون بهذا العذاب فى القبر لعدوانه على ألوهية الله وربوبيته، واختص به كذلك القوم الذين أطاعوه. ب- هناك آية أخرى تتحدَّث عن عذاب فى القبر لمن يصدّون عن سبيل الله، ويشنون الحرب عدوانًا على حرية العقيدة وحرية الدعوة، والقضاء على راية التوحيد والصدّ عن سبيل الله: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ.. إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ.. وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ} . ج- اختص كذلك أناس رضوا الهوان والذل ولم يناضلوا من أجل حرية العقيدة، ورفع راية التوحيد، وادّعوا كذبًا عدم القدرة على النضال، فهؤلاء أعد لهم اللوم والتبكيت عند الوفاة: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} . ويبين الاستثناء فى الآية الأخيرة كذب دعوى الاستضعاف التى قدَّمها الأولون فى الآية (97). فهل من الممكن القول إن عذاب القبر واقع بلا مراء ولا جدال، لكنه خاص وليس عامًّا؟ واختص به، حسب ما ورد فى الكتاب المنزَّل، أناس غالوا فى العدوان على الألوهية والربوبية، والعدوان على حرية الدعوة والعقيدة، والعدوان على راية التوحيد، والنكوص عن النضال من أجل أن تكون كلمة الله هى العليا مع توافر القدرة على ذلك، والله أعلم وهو من وراء القصد. وعمومًا أود التشديد على أننى لا أقول ما أقوله دفاعًا عن أحد من الناس، أو هجومًا على آخرين، لكننى أكتبه مدفوعًا بالغيرة على دينى الذى جاء به أشرف الرسل محمد، صلَّى الله عليه و سلَّم، وعلى الكتاب الذى أنزل على قلبه هدىً وبشرى للمؤمنين. وقد نشرت جريدة «الأهرام» أيضًا فى عددها الصادر يوم 31-7-2014 تحقيقًا للفاضلة/ مروة البشير، تحت عنوان: القرآن الكريم بين شبهات المستشرقين وأباطيل المستغربين - العلماء: لا يجوز تفسير القرآن بالرأى الشخصى.. والطاعنون فى آياته مرتدون، ولنا على ما جاء فى هذا التحقيق عدد من الملاحظات، سنرتبها تنازليًّا من الأهم إلى المهم: أولاً: قضية النسخ سوف أقتصر فى ردّى على ما جاء بخصوص النسخ على آراء ثلاثة من رجال وعلماء الأزهر الثقاة، وهم السادة محمد شلتوت، ومحمد الغزالى، وطه جابر العلوانى. أ- ما جاء بالتحقيق يقدّم قضية النسخ بوصفها أمرًا لا خلاف عليه بين المسلمين وليس ذلك بصحيح. ب- يقول الشيخ شلتوت «نقل الرازى عن أبى مسلم الأصفهانى، وهو ممن لا يرون وقوع النسخ فى القرآن، أن الآية: {وَالَّلاتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ..} خاصة بجريمة المرأتين إحداهما مع الأخرى (السحاق) وعقوبتها كما جاء فى الآية «الحبس إلى الموت»، وأن الآية الثانية وهى قوله تعالى: {وَاللذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ..} خاصة بجريمة الرجلين أحدهما مع الآخر، وعقوبتها كما نطقت الآية (الإيذاء بالقول والفعل). وأن آية (النور)، وهى قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى..} خاصة بجريمة الرجل مع المرأة وعقوبتها الجلد، وبذلك يكون القرآن فى نظر أبى مسلم الأصفهانى قد استكمل عقوبة الجناية على العرض فى جهاتها الثلاث، وتكون الآيات كلها محكمة لا نسخ فيها». ج- يخطئ الشيخ محمد الغزالى الذين قالوا بأن النسخ فى بعض الآيات التى كانت مرحلة من مراحل تشكل حلّاً لمشكلة قائمة، ثم حينما ارتقى المجتمع وجاءت مرحلة أخرى، قالوا بأن الآية السابقة نسخت مع أن المجتمعات تتكرر فيها مثل هذه الحالة السابقة (فقد يأتيك مَن يريد دخول الإسلام وهو يشرب الخمر، فعليك بتطبيق التدرُّج معه حتى يتمكَّن منه الإيمان ثم تطلب منه الإقلاع النهائى بدلاً من أن يفقد رغبته فى الإسلام). ويستطرد قائلاً «هذا يشبه حالة النهى عن ادّخار لحوم الأضاحى، كما ورد فى قول الرسول: «إنما نهيتكم -أى عن أكل لحوم الأضاحى بعد ثلاث- من أجل الدافة التى دفت، فكلوا وادّخروا وتصدّقوا» رواه مسلم عن عائشة، رضى الله عنها، ففى يومٍ ما قال: لا تختزن لحوم الأضاحى! لماذا؟ لأن الناس فى أزمة، وفى حاجة إلى توسعة.. ثم قيل: خزِّنوا لحوم الأضاحى، لأن الناس ما تحتاج إلى كل ما ذبح. فقيل إن الثانى نسخ، والحقيقة هى: أن الحكم الخالد هو: إذا كان اللحم الموجود قليلاً لا بد من التوزيع وعدم الادّخار، وإذا كان كثيرًا تستطيع أن تدّخر. والحكم الجزئى الخطأ هو أنك قلت: كان الادّخار ممنوعًا ثم أُبيح هذا غير صحيح.. إنهم يظنون أن حكمًا انتهى أمره لأن القصة لا تتكرر.. القصة إذا تكررت تكرر معها المتصل بها. د- يقول الشيخ الغزالى: إن الاتجاه بين جميع العلماء المحدثين الذين التقيتهم أو استمعت إليهم أو قرأت لهم كانوا ضد المعنى الذى شاع بين المتأخرين من أن النسخ يعنى إبطال آيات فى القرآن.. وجدت أن الشيخ الفقيه المؤرخ الأستاذ محمد الخضرى، رفض النسخ رفضًا باتًّا، وقال: لا يكون إلا تخصيصًا عامًّا أو تقييدًا مطلقًا أو تفصيلاً مجملاً. والشيخ رشيد رضا تكلَّم عن آية {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا..} ، فبيَّن أن الآيات (إما) تكليفية (أو) تكوينية، وأن الذى تنسخه آية سورة البقرة هنا هو الآيات التكوينية وليست هناك آيات تكليفية نسخت بهذه الآية.. ومعنى التكوينية هو خوارق العادات التى كان يؤيَّد بها الأنبياء، وهى التى تتغيَّر بتغيُّر الأزمنة (من مثل آيات موسى التسع.. الجراد والقمَل والدم..). أما الآيات التكليفية عن قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ} ، فقد قال الخازن من فقهاء الشافعية وعالم بالتفسير والحديث: إن هذه الآية جاءت ردًّا على أسئلة بأن محمدًا يقرر حكمًا ثم ينسخه، فتساءلت هذه الآية من سورة النحل المكية، أين الأحكام التى تندَّر المشركون بها لأنها نسخت بعد أن نزلت؟ وهذا الكلام عن سبب نزول الآية مختلق.. لأنه ما وجد حكم فى مكة نسخ بآية مكية.. لم يعرف فى تاريخ النزول أو تاريخ التشريع أن حكمًا نزل فى مكة ثم نزل فى مكة نفسها حكم ناسخ له، القرآن لم يعرف ذلك. ه. يقول د.طه جابر العلوانى عن اعتبار القول الركيك المترجم عن التوراة «الشيخ والشيخة..» من القرآن هو طعن ببلاغة القرآن وفصاحته ونظمه، ولا يرتقى إلى مستوى أحاديث أفصح من نطق بالضاد سيدى رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم. وأول بروز هذه الشبهة فى حديث جاء فى موطأ الإمام مالك برواية الشيبانى صاحب الإمام أبى حنيفة توفَّى (189) ه، حيث جاء فى الحديث: «خبَّرنا مالك حدّثنا يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح.. ثم مدّ يديه إلى السماء فقال: اللهم كبرت سنى وضعفت قوتى.. ثُمَّ قدم المدينة فخطب الناس، فقال.. إياكم أن تهلكوا من آية الرجم.. فقد رجم رسول الله ورجمنا، والذى نفسى بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب فى كتاب الله تعالى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة..». ويورد الآتى: 1- علماء الحديث نسبوا إلى سعيد بن المسيب روايته عن عمر وسعيد ولد قبل استشهاد عمر بسنة.. فهل هناك حلقة مفقودة؟ 2- إننا لا ننفى عن هذا الإصحاح أنه من إصحاحات التوراة، لكننا ننفى عنه القرآنية، بل نذهب إلى استحالة ذلك، ونؤكِّد استحالة أن يكون حديثًا من أحاديث أفصح من نطق بالضاد. فلفظ الحديث يبدأ ب«الشيخ والشيخة» ولم يعرف فى العربية ولا فى الاصطلاحات الفقهية أن الشيخوخة تفيد «الإحصان»، فكيف يكون «معنى الشيخ والشيخة أى المتزوجين» كما ورد فى الخبر المنشور بالجريدة. 3- إن القرآن حين ذكر جريمة السرقة بدأ بذكر «السارق والسارقة» لأن الغالب أن تقع السرقة من الرجال، وأما الزنى فإن القرآن قد بدأ بذكر «الزانية» لتوقف هذه الجريمة على استعدادها ورضاها (فى حين بدأت الآية المزعومة بالشيخ ولم تبدأ بالشيخة!). و- أما القول بأن الآية {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ..} فقد نسخت بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، ظنًّا منهم أن الاثنتين قد وردتا على مورد واحد ألا وهو فترة العدّة. والحق أن مورد الآيتين مختلف تمامًا، فالأول جاء مراعيًا للتخفيف عن المنتمين إلى الأسرة وفى مقدمتهم الزوجة، فامرأته قائمة فى المنزل، وأبناؤه يترددون عليه وذكراه بينهم، لكى يأخذ كل منهم فترة كافية للصبر والسلو، وفترة إعادة ترتيب الحياة لا يمكن أن تتم بشكل ملائم فى أقل من حول. أما الثانية فالتربُّص بالنفس لاستبراء الرحم وللتهيُّؤ لاستئناف دورة حياتية جديدة قد تكون الأربعة أشهر وعشر ليالٍ حدًّا أدنى كافيًا لذلك. فلا نسخ من الاثنتين لاختلاف موضوع ومورد كل منهما. ز- القول بأن تفسير القرآن لا يكون بالرأى، وإنما أن يكون بالقرآن، ومع إقرارى أن ذلك هو أفضل وأصح طرق التفسير (أفضل أن يُقال التأويل وهى اللفظة المستخدمة داخل كتاب الله)، فلا أدرى وهل يخلو ذلك الطريق من الرأى؟ أليس قولك بأن هذه الآية تفسِّر تلك الآية هو رأى شخص ورؤية ذاتية؟ ح- أما القول بأن الرسول قد رجم، فقد ورد ذلك بالقطع فى الأثر، لكن قد يكون ذلك قبل نزول سورة «النور»، حيث كان الرسول يحكم بشرع من قبلنا ويؤيِّد ذلك الحديث (6840) بالبخارى عن سليمان بن فيروز الشيبانى، سألت عبد الله بن أبى أوفى عن: الرجم؟ فقال: رجم النبى، صلَّى الله عليه وسلَّم، فقلت: أقبل النور أم بعده؟ فقال: لا أدرى. ط- العنوان صادم ويكيل الاتهامات لأى اختلاف مع الآراء الواردة فى التحقيق بالالتحاق، إما بشبهات الاستشراق وإما أباطيل الاستغراب، ثم يأتى الحكم الباتّ النهائى بوصف المختلفين بالردّة التى يعرف الكل الحكم بها داخل هذا النوع من التأويل بالشريعة.