المهندس حمدي الدسوقي الفخراني تأملوا جيدا هذا الاسم، ذلك الرجل هو أحد الرجال القلائل في مصر الذي رفض أن يتعايش مع الواقع، رفض أن يتعايش مع الفساد. مهندس مصري مثل آلاف المهندسين في مصر أراد أن يشتري مساحة من الأرض بنفس المنطقة التي يقام عليها مشروع مدينتي لبناء مسكن عليها إلا أنه وضعت أمامه كثير من الشروط والعراقيل التي جعلته لا يقدر علي البناء في مكان مدينتي ومشروع مدينتي لا يوجد أحد في مصر لا يعرفه فذلك المشروع العمراني الكبير الذي أقامه هشام طلعت مصطفي بعد أن أهدته وزارة الإسكان الممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ثمانية آلاف فدان مقابل 7% من مساكن مدينتي تخصص للدولة..... كان يمكن للأستاذ حمدي دسوقي الفخراني بعد أن وجد العراقيل أمامه والتي جعلته لا يمكن أن يملك قطعة أرض مجاورة لمدينتي أو في مدينتي، كان يمكن لهذا المهندس المصري أن يفعل كما يفعل الكثير في مصر نرضخ.. نقر بالواقع.. نشعر أننا أمام السد ولا يمكن أن نعبره أن نكسره كان أكثر ما يمكن أن نفعله أن نعلن غضبنا ونجلس في بيوتنا أو علي القهوة أو في النوادي نصرخ من الفساد ونقول كيف لا يمكن أن نتحصل علي بضع مئات أو آلاف من الأمتار في الوقت وغيرنا يتحصل علي ثمانية آلاف فدان كان يمكن أن تنتهي قصة المهندس حمدي الدسوقي الفخراني في مهدها ولكن لم يرض هذا الرجل المحترم بتلك النهاية العادية، بل كان سببا في أن تتحدث مصر كلها عن تلك القضية ولا نبالغ ونقول إن هذا الرجل بجرأته غير العادية ورفعه دعوي بطلان عقد مدينتي ويظل مع القضاء حتي يحصل علي بطلان العقد المحرر بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والشركة العربية للمشروعات التطوير العمراني التي يمثلها هشام طلعت مصطفي الخاصة بمشروع مدينتي ببيع ثمانية آلاف فدان مع ما يترتب عليه من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات، وكشف تقرير هيئة مفوضي الدولة عن مخالفة عقد مدينتي بقانون المناقصات والمزايدات في تخصيص ثمانية آلاف فدان لهشام طلعت مصطفي... الرجل كشف لنا من خلال معركته في القضاء عن فضائح ليست جديدة علينا في مصر ولكن ميزتها هذه المرة أن الأرقام مفزعة فالمهندس حمدي الدسوقي الفخراني يتهم محمد إبراهيم سليمان - وزير الإسكان الأسبق - بإهدار 300 مليار جنيه من أموال الدولة لصالح هشام طلعت مصطفي، وكشف الفخراني كما أكدت «الدستور» في عدد الخميس عن مفاجأة جديدة وهي حجم التسهيلات التي كان يتمتع بها مشروع مدينتي لصاحبه هشام طلعت مصطفي، حيث أكد أن واردات المشروع تعفي نهائيًا من الرسوم الجمركية وذلك تبعا للمادة 18 من القانون 59 لسنه 1979 والتي تنص علي «تعفي الهيئة والأفراد والشركات والجهات المتعاقدة معها من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم علي الواردات اللازمة للمشروعات المتعلقة بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.... أي المجتمعات العمرانية الجديدة التي يندرج تحتها مشروع مدينتي الذي يفهمه من أمثالي أن المجتمعات العمرانية الجديدة التي بنتها الدولة كانت مبانيها وشققها لمتوسطي الدخل في مصر لذلك كانت تعفي من الجمارك، ونحن نتساءل هنا: لماذا تعفي مدينتي من الجمارك وهي موطن أثرياء القوم؟، وأنني أشترك مع الصديق العزيز الكاتب محمد علي خير في تساؤلاته الموجعة عن بطلان عقد مدينتي عن أين كانت الدولة وهي تعطي رجل الأعمال ثمانية ألاف فدان، وكيف يمكن لنا أن نطمئن علي حكومة تهدر المال العام بتلك الصورة، وما ذنب الناس حاجزي الوحدات السكنية في مدينتي، وما شعور المستثمرين الآن الذين يريدون أن يستثمروا أموالهم في المجتمعات الجديدة؟، ثم أختتم بالتساؤل الذي سأله محمد علي خير: هل سقي هشام طلعت مصطفي الحكومة والوزراء وأعضاء مجلس الشعب (حاجة أصفرة) وسرق ثمانية آلاف فدان، أم أنه تعاقد مع وزير كرمه الرئيس بوسام الجمهورية نظير كفاءته؟! الحقيقة أن الحديث موجع ويزيدنا إحساسًا بالغربة في وطننا ولكن مازال هناك الأمل مادام يوجد في مصر أمثال المهندس حمدي السيد الفخراني صاحب الدعوي التي كشفت لنا عن جزء من حجم الفساد في مصر