أحد المحاور المهمة للمؤامرة على وحدة العرب وتقدمهم، كان دائمًا هو العمل على إبعاد دول شمال إفريقيا العربية عن منطقة القلب، وإبعاد الاثنتين عن الخليج العربى.. ليسهل التعامل مع كل جزء على حدة، ولكى لا تتكرر مرة أخرى تجربة حرب أكتوبر التى لن ينساها أعداؤنا، بينما فرطنا فيها نحن بسهولة ولم نعرف كيف نواصل الطريق الذى تأكدنا أنه الوحيد للتقدم والانتصار، حين تجتمع كل الإمكانيات العربية على هدف واحد. غياب مصر عن أداء دورها سهل المهمة للأعداء.. وعودة مصر الآن «حتى فى ظل الظروف الصعبة التى نمر بها» تفتح الباب أمام تصحيح الأوضاع، خصوصًا حين يكون الخطر مهدِّدًا للجميع، وحين تكون كل الأنظار العربية غير بعيدة عن نيران الإرهاب وحروب الطوائف والفوضى التى تضرب فى المنطقة، لتهيئة الظروف المناسبة لاستكمال تقسيم البلاد العربية وفقًا لخرائط جديدة وأهداف مسمومة!! بعد أيام من الزيارة السريعة لخادم الحرمين الشريفين عاهل السعودية الملك عبد الله، للقاهرة، يطير الرئيس السيسى إلى الجزائر الشقيقة فى زيارة مهمة وهو فى طريقه للقمة الإفريقية التى تحتفى بعودة مصر للمشاركة فى كل أعمالها بعد تصحيح الخطأ الذى وقع بعد ثورة 30 يونيو. سقوط مصر كان دائمًا هو «الجائزة الكبرى» التى يتمناها الأعداء، ليس فقط لإمكانياتها البشرية وقوتها العسكرية، ولكن -قبل ذلك كله- لأنها الشقيقة الكبرى القادرة على لمّ الشمل بين أشقائها العرب، والقادرة على مد حبال التواصل بين شعوب أقطارنا العربية من المحيط إلى الخليج. زيارة الرئيس السيسى للجزائر الشقيقة لم تكن فقط للتعبير عن الشكر لجهود الجزائر دعمًا لعودة مصر إلى مكانها فى الاتحاد الإفريقى، وإنما كان لإعادة تأسيس علاقات استراتيجية بين القطرين العربيين الشقيقين، تنحى جانبًا آثار المعركة المفتعلة حول مباراة كرة، أو التراجع فى ظل حكم الإخوان البائس، الظروف الآن تحتم استعادة العلاقات بين مصر والجزائر لصورتها الرائعة فى أثناء حرب الاستقلال وبعدها، وحتى حرب أكتوبر التى كانت الجزائر شريكا أساسيا فيها. ويأتى اللقاء المصرى - الجزائرى، والمنطقة كلها فوق بركان، والقطران الشقيقان اللذان جربا من قبل الآثار المدمرة للإرهاب يجدان الآن أن موجة جديدة وعاتية من هذا الإرهاب المجنون تضرب المنطقة، وإذا كانت مصر ما زالت تواصل عملية استئصال عصابات الإرهاب، وإذا كانت الجزائر ما زالت تتعافى من آثار سنوات واجهت فيها هذا الإرهاب، فإن ما يحدث الآن فى ليبيا يستدعى التنسيق الأمنى الكامل لمواجهته حتى لا تتطور الأمور إلى ما هو أسوأ، أما ما يحدث فى العراق وسوريا فهو إنذار بأن أحدًا لن ينجو إذا نجحت المؤامرة، وانتقلت الحروب الطائفية والمذهبية وعصابات الإرهاب لتجتاح المنطقة. تكوين حائط صد لمواجهة هذا الوباء أصبح أمرًا لا يمكن تجاهله أو التهاون فيه، ولعل اللقاء المصرى - الجزائرى والتنسيق مع دول الخليج العربى يوفر أساسًا لهذه المواجهة، ويوفر أساسًا لحضور عربى ينهى فترة الغياب التى استغلها الأعداء فى تدمير العراق وسوريا وتحويل ليبيا إلى ساحة للإرهاب، ونشر الحروب الطائفية فى أنحاء الوطن العربى. التحالف ضد الإرهاب ضرورى، والتنسيق بين مصر والجزائر ودول الخليج ليس فقط خطوات مطلوبة لأمن هذه الدول، ولكنه تأكيد جديد أن «30 يونيو» لم تكن فقط إنقاذًا لمصر من حكم فاشى، ولكنها كانت إنقاذًا للعالم العربى كله من مصير كمصير العراق فى ظل «داعش»، لو أن قوى الظلام وعصابات الإرهاب استولت على «الجائزة الكبرى» وهيمنت -لا قدر الله- على مصر العزيزة.